السبت  02 آب 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بين التهجير والمقاومة: واقع النساء المهجرات ومسارات الدعم خارج الصندوق| بقلم: لما عواد

2025-07-31 10:04:01 AM
بين التهجير والمقاومة: واقع النساء المهجرات ومسارات الدعم خارج الصندوق| بقلم: لما عواد
لما عواد

في صباحٍ من تموز، وعلى أرضٍ تشهد صراع الهوية والبقاء يوميا، كانت لي مشاركة في إطلاق دراسة نوعية حول واقع النساء "النازحات" في شمال الضفة أعدّتها جمعية النجدة بالشراكة مع مدرسة الأمهات، وبدعم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، حول واقع النساء المهجّرات في شمال الضفة الغربية.
جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على التحديات المركبة التي تواجهها النساء والفتيات في ظروف التهجير القسري، من حرمان من الخدمات الأساسية، إلى تهميش في الحياة العامة، في ظل واقع استعماري لا يرحم، لقاء حمل من الألم ما يكفي، لكنه حمل أيضًا بذور الأمل، وإرادة التغيير.
"النازحات" و"المهجّرات"... أكثر من مجرد كلمات.
في كل مرة تُستخدم فيها كلمة نازحات، أجدني مضطرة للتوقف،فالمصطلح، رغم شيوعه في الأطر الدولية، يختزل عمق المأساة الفلسطينية، هؤلاء النساء لسن نازحات فقط، بل مهجّرات بفعل سياسات استعمارية واقتلاع ممنهج، لا بفعل كارثة طبيعية أو نزاع عابر. استخدام مصطلح "التهجير القسري" من منظور مقاوم وحقوقي، هو أولى الخطوات في تصويب السرد، وتحريره من الحياد المصطنع.
"من المهم تصويب المصطلحات: لسنا أمام "نازحات"، بل "مهجّرات"، اقتُلعت نساؤنا بفعل منظومة عنف وهيمنة، لا كوارث طبيعية عابرة. هذا التهجير ليس قدَرًا، بل سياسة، ما يجعل مقاومته واجبًا وطنيًا ونسويًا في آن".
الدراسة التي تم إطلاقها تسلط الضوء على التحديات المركبة التي تواجهها النساء والفتيات في ظروف التهجير القسري، من حرمان من الخدمات الأساسية، إلى تهميش في الحياة العامة، للأوضاع الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية التي تواجهها النساء والفتيات المهجرات في ظل واقع استعماري لا يرحم. ، وتضع أيديها على جملة من التحديات التي تمنع وصولهن إلى الخدمات الأساسية، وتحول دون مشاركتهن الكاملة في الحياة العامة، إنها ليست مجرد أرقام، بل هي حكايات فقد، وصمود، وأمومة في خيام، وكرامة تأبى الانكسار.
أُعجبت بالدقة البحثية التي استندت إلى منظور نسوي، متجذره في فهم الواقع المحلي، وملتزم بمناصرة النساء لا بوصفهن ضحايا، بل فاعلات وصانعات تغيير. وهي دعوة مفتوحة لتطوير السياسات، والبرامج، والتدخلات على أسس تشاركية وتمكينية.
لكن الأهم، هو التفكير خارج الصندوق. لا يكفي أن نحصر النقاش في "وسائل الحماية" أو "الخدمات الطارئة". ما نحتاجه هو تفكيك البنية الاستعمارية التي تكرّس التهجير، وإعادة ربط الحقوق الفردية بالسياق السياسي العام. علينا أن نستحضر المخيم لا كمكان بائس فقط، بل كموقع نضال. وأن نقرأ التهجير لا كأزمة مؤقتة، بل كفصل من فصول الاستعمار الذي يجب أن يُقاوم.
من هنا، لا يسعني إلا أن أوجه خالص الشكر لكل من بادر، كتب، دعم، أو حتى نطق بكلمة صادقة لدعم صمود النساء المهجرات. الشكر لجمعية النجدة، ولمدرسة الأمهات، ولكل من آمن أن للمرأة الفلسطينية مكانها في ساحات التحرير كما في ساحة الإنتاج.
نحن نحتاج إلى دراسات، نعم. لكننا نحتاج أيضًا إلى وعي نقدي، ومقاربات تحررية، وتحالفات جديدة تتجاوز التوصيات إلى التغيير الحقيقي.
لنساءنا المهجرات: أنتن لسن مجرد أرقام في تقرير. أنتن نبض هذه الأرض، وروحها الحية.
كل الشكر والامتنان العميق لكل من يعمل، يكتب، يدعم، يساهم ويساند صمود النساء المهجرات أو يناضل من أجلهن حتى بكلمة.
نعم، نحن بحاجة إلى دراسات وأبحاث، ولكننا بحاجة أكثر إلى حلول خارج الصندوق، تستند إلى الوعي السياسي والتحليل الجندري العميق، وإلى تحالفات تعيد للمرأة مكانتها كفاعل أساسي في معركة التحرر والكرامة.
وأجدد دعوتي لأن نعيد قراءة واقع التهجير من منظور سياسي مقاوم، وجندري تحرري، يعيد للمرأة الفلسطينية دورها كقائدة تغيير لا كضحية أزمة.