الخميس  14 آب 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ماس يناقش فاعلية الخدمات الأساسية في التجمعات البدوية.. وتوصيات عاجلة لتعزيز الصمود

2025-08-13 04:21:58 PM
ماس يناقش فاعلية الخدمات الأساسية في التجمعات البدوية.. وتوصيات عاجلة لتعزيز الصمود
جانب من اللقاء

الحدث الاقتصادي

عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لقاء الطاولة المستديرة الخامس لهذا العام بعنوان "فاعلية تقديم الخدمات الأولية (صحة، تعليم، صرف صحي) للتجمعات البدوية والمناطق النائية"، حيث مولت هذه الورقة بدعم من مؤسسة هينرش بول، وتمت بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهياً في مقر المعهد وعبر تقنية الزووم. أعد الورقة الخلفية الباحث أحمد علاونة، وقدم كل من السيدة أسماء قدسي مدير دائرة المساعدات والتأمين الصحي في وزارة التنمية الاجتماعية، و د. وليد حباس الباحث وخبير اقتصادي، والسيد حسن مليحات المشرف العام منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو مداخلاتهم وتعقيباتهم على ورقة النقاش.

افتتح منسق البحوث د. سامح حلاق الجلسة، مؤكداً على أهمية الموضوع ومشيراً إلى أن التجمعات البدوية في الضفة الغربية تعد من أكثر الفئات السكانية عرضة للتهميش والاقصاء البنيوي، وذكر بأن هذه التجمعات تواجه تهجيراً قسرياً متزايداً، وأضاف أن السياسات الإسرائيلية ضد هذه التجمعات قد ازدادت بعد السابع من أكتوبر 2023، ضمن حملة استيطانية تحظى بحماية مباشرة من قوات الاحتلال.

وفي عرضه للورقة بين علاونة أن الهدف منها هو تحليل مدى فاعلية الخدمات الأساسية المقدّمة للتجمعات البدوية والمناطق النائية في الضفة الغربية، وخاصة في مجالات الصحة، التعليم، والصرف الصحي. وتسعى إلى فهم مدى توافر هذه الخدمات، ونوعيتها، واستمراريتها، في ظل القيود التي يفرضها الاحتلال، كما تسلط الضوء على التفاوت الصارخ بين هذه التجمعات والمستوطنات الإسرائيلية المحيطة. وبين أن الورقة تسعى إلى رسم خريطة دقيقة لحالة الحرمان الممنهج، واقتراح تدخلات عاجلة لتحسين واقع هذه التجمعات على المدى القريب، وتعزيز صمودها على المدى البعيد.

وبين علاونة أن الورقة تنقسم إلى ثلاثة محاور، حيث يعالج الأول المشهد الجغرافي والديمغرافي للتجمعات البدوية، ويقدم تحليلاً لمدى اعتماد السكان على تربية المواشي، والتحديات الناجمة عن التقلص المستمر في المساحات الرعوية، كما يرصد التباينات الإحصائية في تقدير عدد التجمعات، ويدعو إلى توحيد مرجعية التصنيف والبيانات لضمان تدخلات دقيقة ومنسقة. فيما يسلط المحور الثاني الضوء على واقع الخدمات الأساسية "الصحة، التعليم، والصرف الصحي"، حيث تشير الورقة إلى أن هناك غياب للعيادات الثابتة، والاعتماد على العيادات المتنقلة المهددة بالهدم، وصعوبة الوصول إلى خدمات الطوارئ. أما فيما يخص التعليم، تبين الورقة أن هناك انقطاع للأطفال عن التعليم بسبب بعد المدارس أو انعدام وسائل النقل. وفي السياق ذاته تشير الورقة إلى أن غياب شبكات الصرف الصحي تدفع السكان إلى استخدام أنظمة بدائية ما يؤدي إلى تضاعف الأخطار الصحية والبيئية.

أما فيما يتعلق بالمحور الثالث الذي تتناوله الورقة؛ فهو يقدم مؤشرات لقياس فعالية الخدمات، بحيث تشمل مدى التغطية الجغرافية، استدامة الدعم، توفر الكوادر، مستوى التنسيق بين القطاعات، وضمان الحقوق الأساسية.

الاستجابة العاجلة والتدخلات:

تقدم الورقة عدد من التدخلات المطلوبة لكل من هذه الخدمات الأولية الثلاث، حيث تدعوا إلى إنشاء مراكز صحية لتغطية حالات الطوارئ تعمل على مدار اليوم (طيلة 24 ساعة) وتوزيعها جغرافيا بما يتناسب مع توزّع السكان البدو وقدرتهم على الوصول إليها، بالإضافة إلى توفير سيارة إسعاف مجهزة تعمل بالتوازي مع هذه المراكز، وتنسيق مشترك بين لجان العمل الصحي بمختلف أشكالها لتقديم الرعاية الصحية بصورة منظمة لتفادي الازدواجية في تقديم الخدمة الصحية، وضمان تقديم الخدمة على المدى الطويل، وتزويد السكان بدورات مركزة للإسعافات الأولية، وتزويدهم بالمعدات الطبية الطارئة بالإضافة إلى الأدوية واللوازم الطبية، بالإضافة إلى تعزيز رعاية الصحة النفسية للتجمعات البدوية، خاصة وأنها تتعرض للعنف والاعتداءات والهجمات الاستيطانية.

أما فيما يتعلق بالتعليم، توصي الورقة على تطوير قطاع التعليم إلى مستوى يتناسب مع ظروف الطلبة في التجمعات البعيدة، من خلال دمج تقنيات التعلم الإلكتروني في العملية التعليمية، وتوجيه الدعم من قبل شركات الاتصالات، مثل إعفاء التكلفة على المستخدمين البدو عند تفعيل خدمات التجوال على شبكات الاتصالات التابعة للاحتلال وتزويدهم بخدمات الانترنت (3G) لتمكينهم من تلقي التعلم الإلكتروني، بالإضافة إلى توجيه المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الخاصة لتقديم دعمها للطاقة البديلة للتجمعات البدوية وتزويدهم بألواح طاقة شمسية.

كما توصي الورقة _في جانب خدمات الصرف الصحي_ بتقديم مقترحات لبنية تحتية مؤقتة لبعض التجمعات البدوية للتخفيف من الأضرار البيئية التي تؤثر على الصحة وتحد من انتشار الأمراض والأوبئة، وتجميع مياه الصرف الصحي وإنشاء مراز تحلية ولو كانت بدائية لتخفيف الأثر البيئي والتخفيف من انتشار الكوارث الصحية، بالإضافة إلى زيادة تركيز جهود المنظمات الأهلية والدولية؛ لإنشاء أماكن خاصة للصرف الصحي خاصة أنها تتعرض للهدم والإزالة بشكل متكرر، بهدف المحافظة على كرامة وسلامة السكان البدو في تلبية احتياجاتهم الخاصة.

أكدت قدسي، أن الاحتلال يشكل السبب الرئيسي وراء التحديات التي تواجه التجمعات البدوية في الضفة الغربية، وشددت على أهمية إنشاء قاعدة بيانات شاملة ومحدثة لهذه التجمعات، باعتبارها أداة أساسية لتوجيه الخدمات وتلبيتها وفقا لاحتياجات السكان الفعلية، مؤكدة أن دقة البيانات تمثل مدخلا أساسيا لتحسين فعالية التدخلات والخدمات المقدمة.

فيما دعا حباس إلى ضرورة أن تتضمن خطط الوزارات مخصصات واضحة للمناطق المصنفة (ج)، وأكد على أهمية تشكيل لجان شعبية ولجان حراسة وإنذار لحماية هذه التجمعات وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات والتهديدات المستمرة.

بدوره أوضح مليحات أن التجمعات البدوية تعاني من نقص حاد في الموارد التعليمية، حيث تفتقر مدارسها إلى أجهزة الحاسوب والمختبرات، وتعتمد على مبان بدائية لا تتوفر فيها حتى مياه شرب صحية، وأضاف أن خدمات الصحة شبه منعدمة، إذ لا توجد عيادات صحية فاعلة، مشيرا إلى وجود مبان أنشئت كمراكز صحية لكنها ما زالت منذ سنوات بلا طواقم طبية أو تجهيزات، وانتقد مليحات ما وصفه بالتهميش الحكومي لهذه التجمعات، ما يفاقم من معاناتها في مختلف مجالات الحياة الأساسية.

اختتم الجلسة المدير العام رجا الخالدي بتوصية عاجلة للسكان في المناطق الريفية وخاصة التجمعات البدوية، تتعلق باعتماد سياسة الدخل الشامل الطارئ لهذه المجتمعات والمناطق التي تقع بالكامل في مناطق ج. من شأن ذلك ضمان الدخل الأساسي المطلوب لتامين الأمور الحياتية الاساسية لهؤلاء السكان -البالغ عددهم تقريبا 23 ألف شخص والموزعين في أكثر من 90 تجمع وقرية - بشكل كافٍ سواء كان على مستوى الفرد او العائلة. يأتي ذلك في ظل تزايد وتيرة التضييق الاستيطاني الإسرائيلي على المساحات الرعوية اما السكان البدو، والتي تعتبر السبب الأول للوجود البدوي المستند في مصدر دخله على تربية الماشية مقابل الرعي في المساحات المحيطة بهم.