ترجمة الحدث
في لقاء عُقد مساء الثلاثاء مع سكان مستوطنات غلاف غزة، ظهر رئيس أركان جيش الاحتلال السابق هرتسي هليفي في جلسة مفتوحة عقب نشر نتائج التحقيق حول معركة السابع من أكتوبر في عين البشور. هليفي لم يتردد في الاعتراف بفشل الجيش خلال ذلك اليوم، واصفًا ما حدث بأنه “فشل كبير ومروّع”، وأضاف: “كنت أنا قائد الجيش في ذلك اليوم، وهذه مسؤوليتي”. وأوضح أنه منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لم يمر يوم واحد دون أن يعترف في أي مناسبة بهذه الحقيقة.
وتطرّق هليفي إلى الأخطاء التي سبقت هجوم حماس، مبينًا أن الحركة استعدت مرتين قبل السابع من أكتوبر لتنفيذ عملية واسعة لكنها تراجعت بسبب نقاشات داخلية، ولم تلتقط أذرع جيش الاحتلال الإسرائيلي تلك المؤشرات. وأكد أنه حتى ليلة الهجوم لم يصدر أي تحذير جدي داخل المؤسسة العسكرية حول احتمال اندلاع حرب، مضيفًا أن المراجعة اللاحقة بيّنت أنه كان ممكنًا العمل بصورة أفضل وأكثر دقة.
وأشار هليفي إلى أن سلم الأولويات الإسرائيلي وُضع على أساس التعامل أولًا مع إيران وحزب الله ثم مع حماس، مبررًا أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لم تتوقع أن تبادر الحركة لشن هجوم بهذا الحجم، وأنها نجحت في إخفاء نواياها. من جانبه، شارك في الجلسة أيضًا القائد السابق لقيادة الجنوب يارون فينكلمان، الذي أقرّ هو الآخر بفشل استخباراتي وتقديري، قائلاً إن الجيش لم يفهم طبيعة التهديد ولم يتوقع أن يتمكن الخصم من شن هجوم شامل ومفاجئ بهذا الشكل.
وفي معرض رده على اتهامات بأن النيابة العسكرية كبّلت الجيش، نفى هليفي ذلك بشكل قاطع، مشيرًا إلى أن الجيش نفذ خلال فترة طويلة عمليات واسعة في الشرق الأوسط دون أن تُفرض عليه قيود، موضحًا أن دور المستشارين القانونيين كان يقتصر على ضمان تبرير الخطوات أمام المحافل الدولية. وأضاف: “في غزة هناك 2.2 مليون إنسان، وأكثر من 10% منهم قُتلوا أو جُرحوا، هذه ليست حربًا بسيطة”.
كما تطرّق هليفي إلى العملية الأخيرة في الدوحة ضد قيادة حماس، مؤكّدًا أنه لم يشارك في القرار، لكنه وصفه بالمعقد وبأنه قرار سياسي-عسكري استراتيجي، لم يتضح بعد إن كان ناجحًا. وأعرب عن تقديره لمن اتخذه، معتبرًا أن على “إسرائيل” أن تبقى حازمة في حربها بعد أحداث السابع من أكتوبر.
وفي ما يتعلق بملف الأسرى، شدد هليفي على أن إعادتهم تبقى مهمة ذات أولوية أخلاقية، مذكرًا بأن أصعب قراراته كانت تتعلق بمحاولات تحريرهم وبالعمليات العسكرية التي كان يُخشى أن تُعرّضهم للخطر. وأقرّ أن “المفهوم الاستخباراتي” الذي اعتمد عليه الجيش انهار تمامًا، ما يحتم استخلاص العبر.
وفي ختام اللقاء، أكد هليفي للسكان أن المسؤولية الآن تكمن في الاستفادة من الدروس مع الحفاظ على وحدة الصف، قائلاً: “أنا ملتزم بالذهاب إلى العائلات، والإجابة عن أسئلتها مهما كانت صعبة، واحترام مشاعرها. من الطبيعي أن تكون هناك اختلافات، لكن من الضروري أن نبقى معًا، وهذا ينطبق على مستوطنة عين البشور كما ينطبق على إسرائيل بأكملها”.