الخميس  11 أيلول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مخاطر هجوم الدوحة على "إسرائيل".. هل يدرك نتنياهو التبعات؟

2025-09-11 01:28:05 PM
مخاطر هجوم الدوحة على
أرشيفية

ترجمة الحدث

اعتبرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن السؤال الجوهري بعد الهجوم الإسرائيلي على الدوحة لا يتعلق بما دار في ذهن من أوصى بتنفيذه أو ما إذا كان قد أخذ بالحسبان احتمالية الفشل، بل بما كان يظن أنه سيحدث لو نجح الهجوم. فالعملية، برأي الصحيفة، عكست أولويات حكومة “إسرائيل”: فالحرب على غزة لم تعد تحقق إنجازات عسكرية أو سياسية، بينما تراجعت قضية استعادة الأسرى إلى مرتبة ثانوية، رغم أنها وُضعت رسميًا على قدم المساواة مع الحرب نفسها.

وتوضح الصحيفة العبرية أن خطط استهداف اجتماع يضم قيادة حماس في الدوحة طُرحت أكثر من مرة منذ اندلاع الحرب، لكن القرار كان يُؤجَّل كل مرة إدراكًا أن قطر واحدة من الوسطاء الرئيسيين في صفقات الأسرى. وتضيف الصحيفة أن استهداف الأراضي القطرية كان يعني الإضرار المباشر بالمفاوضات وتعريض حياة الأسرى لخطر داهم.

كما تبرز يديعوت أحرونوت تساؤلاً جوهريًا حول دوافع تنفيذ الضربة هذه المرة، متسائلة: ما الذي تغيّر فجأة؟ وما الذي جعل مقتل أربعة جنود مختلفًا عن مقتل العشرات منذ بداية الحرب؟ وتشير الصحيفة إلى أن هذه الاعتبارات قد تستحق تحقيقًا من قبل مراقب الدولة، إذ لا يُعقل أن تبنى سياسات كاملة على فرضية أن حماس ستلين مواقفها بعد استهداف رأسها في الخارج.

وبحسب ما نقلت الصحيفة العبرية، فقد بدا المشهد الإعلامي الداخلي في “إسرائيل” متسارعًا وغير متماسك، حيث سارع وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش إلى وصف العملية بـ”المثالية”، فيما أعلن نتنياهو أنه أصدر أوامره بعد أقل من 24 ساعة من وقوع العمليات. وترى الصحيفة أن مثل هذا التبرير يتناقض مع واقع أن التحضير لمثل هذه العمليات عادة ما يستغرق شهورًا طويلة.

وتؤكد يديعوت أحرونوت أن تفاصيل العملية لم تكن سهلة، إذ عثرت الاستخبارات العسكرية على فيلا قرب البحر تُعقد فيها اجتماعات قيادة حماس، وأطلقوا عليها اسم “مقر يوم الحساب”. وأوضحت الصحيفة أن السيناريوهات تضمنت عملية برية عبر “الموساد” أو ضربة جوية عبر سلاح الجو، لكن تعقيدات وجود قاعدة أمريكية ضخمة في قطر ومنظومات دفاع جوي متقدمة جعلت المهمة محفوفة بالمخاطر.

في هذا السياق، تنقل الصحيفة العبرية تصريحات رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي وصف الضربة بأنها “خيانة صريحة” ذات دوافع شخصية لدى نتنياهو، محذرًا من تهديد أمن المنطقة. وتشير الصحيفة إلى أن هذا الموقف كان متوقعًا منذ البداية، ما يطرح تساؤلات حول إصرار “إسرائيل” على المضي قدمًا بالهجوم الجوي.

وتضيف يديعوت أحرونوت أن ما حدث بعد الضربة زاد الغموض؛ إذ أعلنت حماس أن كبار قادتها لم يُصبوا، بل قتل فقط ابن خليل الحية وعدد من المرافقين وشرطي قطري. وتوضح الصحيفة أن هذا الإعلان يصعب تكذيبه، وإلا لانكشف سريعًا، ما يعزز رواية فشل العملية. وتساءلت الصحيفة عن الكيفية التي تأكدت بها “إسرائيل” من وجودهم لحظة اتخاذ القرار، ثم تبين أنهم غادروا قبل ثوانٍ من القصف.

كما نقلت الصحيفة العبرية تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي اعترف بأنه تلقى من القطريين معلومات حساسة خلال اللحظة الحرجة ثم نقلها مباشرة إلى حماس عبر الدوحة، وإن كان “متأخرًا” لإيقاف العملية. وتصف الصحيفة هذا الاعتراف بأنه سابقة خطيرة في تاريخ التنسيق الأمريكي-الإسرائيلي.

وبحسب يديعوت أحرونوت، فقد بدت التبريرات الرسمية في “إسرائيل” مرتبكة. فغال هيرش، منسق شؤون الأسرى، أرسل رسالة إلى العائلات يؤكد فيها “الالتزام التام” بعودتهم، لكنه كان في واشنطن خلال العملية، ما أثار تساؤلات حول علمه أو موافقته. وترى الصحيفة أن الأهم في رسالته أنه حمّل قيادة حماس في الخارج مسؤولية عرقلة الصفقة، في حين تشير تجارب سابقة إلى أن هذه التبريرات لم تثبت صحتها.

وفي قراءة أوسع، تشدد الصحيفة العبرية على ما طرحه خبير الإرهاب البروفيسور أريئيل مراري، الذي رأى أن السؤال الأعمق لا يتعلق فقط بمصير الأسرى، بل بالانعكاسات الاستراتيجية على صورة “إسرائيل” في العالم. وبحسب الصحيفة، فإن مراري حذّر من أن تنفيذ عملية عسكرية في دولة محايدة مثل قطر يُعد خرقًا صريحًا للأعراف الدولية، ويشكل سابقة خطيرة تضر بشرعية “إسرائيل” أكثر بكثير من أي مكسب تكتيكي محتمل.