الجمعة  24 تشرين الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تصاعد الاستيطان في الخليل: تقسيم قسري وواقع خانق للفلسطينيين

2025-10-02 08:47:54 AM
تصاعد الاستيطان في الخليل: تقسيم قسري وواقع خانق للفلسطينيين
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA – OPT).

الحدث الفلسطيني 

تشهد مدينة الخليل، أكبر مدن الضفة الغربية، وضعًا استثنائيًا بفعل تصاعد المشروع الاستيطاني في قلبها التاريخي. فمنذ توقيع بروتوكول الخليل الذي قسم المدينة إلى منطقتي H1 الخاضعة للسلطة الفلسطينية، وH2 التي تسيطر عليها قوات الاحتلال، يعيش الفلسطينيون في واقع مشحون بالقيود الأمنية والحواجز العسكرية التي تحولت إلى جزء يومي من حياتهم. ويبرز شارع الشهداء مثالًا صارخًا على هذا التقسيم، بعدما أُغلق أمام الفلسطينيين ليصبح رمزًا للفصل العنصري المفروض على المدينة.

في قلب الخليل القديمة يتمركز عدد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية الصغيرة التي تحظى بحماية كاملة من قوات الاحتلال. وتشير الإحصاءات إلى أن محافظة الخليل تضم نحو 22 ألف مستوطن موزعين على 19 بؤرة استيطانية، بينما يحتفظ جيش الاحتلال بسبعة مواقع عسكرية تغطي مئات الدونمات. ومن بين أبرز هذه البؤر: تل الرميدة، بيت هداسا، بيت رومينو، أبراهام أبينو، وبيت الرجبي، إلى جانب مستوطنة كريات أربع التي تعد من أكبر المستوطنات وأكثرها تأثيرًا في محيط المدينة.

وخلال العام 2025، برزت تطورات خطيرة في المشهد الاستيطاني. ففي أغسطس الماضي، وضع حجر الأساس لحي استيطاني جديد في محيط مستوطنة كريات أربع، بينما شرع مستوطنون بإقامة بؤرة جديدة قرب مقام النبي صالح في بلدة إذنا غرب الخليل. كما شهدت البلدة القديمة استيلاءً على منازل فلسطينية، بينها منزل عائلة التميمي الذي حوّله المستوطنون إلى بؤرة استيطانية جديدة. ولم تتوقف الاعتداءات عند الاستيلاء على العقارات، إذ صعّد المستوطنون من هجماتهم على الأراضي الزراعية، فقطعوا مئات أشجار الزيتون وآلاف الأشجار المثمرة في بلدة سعير شمال شرق المدينة.

أما الفلسطينيون القاطنون في منطقة H2، فيعيشون تحت حصار يومي خانق يتمثل في القيود على الحركة والتنقل عبر عشرات الحواجز ونقاط التفتيش، فضلًا عن التعرض المستمر للعنف من قبل المستوطنين، الذي يتراوح بين الاعتداءات الجسدية واقتحام المنازل وتخريب الممتلكات. وتنعكس هذه الممارسات على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للسكان، إذ تعيق وصولهم إلى الأسواق والمدارس وأماكن العبادة، وتفاقم الأوضاع النفسية الصعبة خصوصًا لدى الأطفال والعائلات.

وهكذا، تبقى مدينة الخليل نموذجًا حيًّا لسياسة الاستيطان والفصل العنصري التي تفرضها سلطات الاحتلال في الضفة الغربية. ومع التوسع الأخير في المستوطنات والبؤر الاستيطانية، تتعاظم المخاطر على هوية المدينة ومستقبلها الديمغرافي، فيما يستمر صمود سكانها الفلسطينيين في مواجهة واقع قاسٍ يهدد وجودهم في مدينتهم التاريخية.