الحدث الإسرائيلي
أثارت جامعة جنوب كاليفورنيا (USC) عاصفة من الغضب بعد كشف تحقيق داخلي عن نقل عشرات الجثث إلى البحرية الأميركية منذ عام 2017، بعضها استُخدم في تدريبات طبية متخصصة شارك فيها أطباء ومسعفون من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
التحقيق الذي أجرته مؤسسة أننبرغ ميديا التابعة للجامعة أظهر أن ما لا يقل عن 32 جثة استُخدمت بشكل مباشر في تدريبات تحاكي الإصابات البالغة في ساحة المعركة، مقابل عقود تجاوزت قيمتها 860 ألف دولار، مع توقع أن يصل المبلغ إلى أكثر من مليون دولار بحلول عام 2026 بموجب العقود الإضافية.
الدورات عُقدت في المركز الطبي العام بمدينة لوس أنجلوس، حيث يوجد مركز تدريب البحرية الأميركية على الصدمات، وشارك فيها أيضًا طواقم طبية من الاحتلال الإسرائيلي. وشمل التدريب استخدام جثث "طازجة" مع أنظمة تحاكي تدفق الدم لإعادة تمثيل الإصابات الداخلية بدقة.
الوثائق أظهرت أن بعض هذه الجثث تعود لمكتب الطب الشرعي في مقاطعة لوس أنجلوس، حيث تُدفن أو تُحرق جثث "غير المطالب بهم"، أي الذين لم تُعرف هويتهم أو لم تتمكن عائلاتهم من استلامهم بسبب ظروف مالية أو اجتماعية. وفي هذه الحالات لا يمكن الحصول على موافقة مسبقة على استخدام الجثة، ما أثار انتقادات واسعة من خبراء الأخلاقيات الطبية.
وقال البروفيسور توماس شامبني من جامعة ميامي: "حتى لو كان هؤلاء موتى، فإنهم يستحقون الاحترام والمعاملة التي نتوقعها للأحياء"، مشددًا على أن استخدام الجثث لأغراض بحثية أو عسكرية غير خاضع تقريبًا لأي تنظيم، بخلاف التبرع بالأعضاء.
كما أشار التحقيق إلى أن بعض الجثث جاءت من برنامج التبرع الرسمي التابع لكلية الطب في الجامعة، لكن من غير الواضح ما إذا كان المتبرعون قد وافقوا على استخدامها في تدريبات عسكرية أجنبية. هذا الغموض أثار تساؤلات قانونية وأخلاقية حول حدود الموافقة المستنيرة.
في المقابل، أكدت الجامعة أن نشاطها "يتماشى مع قانون ولاية كاليفورنيا"، وأن الهدف هو "تعزيز التدريب الطبي لإنقاذ الأرواح". غير أن مستشفى لوس أنجلوس العام أوضح أن اتفاقيته مع البحرية الأميركية فقط، وأن مشاركة أفراد أجانب ترتبط بترتيبات منفصلة مع الجامعة.
في الحرم الجامعي، وصف طلاب وأساتذة ما جرى بأنه "مقزز" و"خيانة للثقة". وكتبت إحدى طالبات الطب: "جنود الاحتلال الإسرائيلي يتدربون معنا – لماذا ندرب جيشًا يرتكب جرائم حرب وإبادة في غزة؟". طبيب بارز في الكلية اعتبر أن الهدف من التدريب لم يكن إنقاذ الأرواح بقدر ما هو "تطبيع التعامل مع الموت وتخفيف الحساسية تجاه العنف".
التحقيق أشار إلى أن جامعة جنوب كاليفورنيا هي الوحيدة في الولايات المتحدة التي تملك عقودًا تشمل مشاركة فرق إسرائيلية في برامج تدريب بالاعتماد على الجثث، رغم أن هناك جامعات أخرى لديها اتفاقيات مع الجيش الأميركي وحده. وتشمل العقود مع USC التزامًا بتوفير ثلاث جثث لكل دورة إسرائيلية، إضافة إلى ميزانية خاصة للخدمات الفنية والفحوصات والمعدات والمواد الاستهلاكية.
ويحذر خبراء من أن هذا التعاون يفتح الباب أمام استغلال الموتى دون علمهم أو موافقة عائلاتهم من قبل جيش أجنبي متهم بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين. بينما تصر الجامعة على أن الأمر امتداد لشراكتها القديمة مع البحرية الأميركية، فإن إدخال الاحتلال الإسرائيلي إلى هذه البرامج أثار موجة غضب، وطرح تساؤلات عن حدود الأخلاق والقانون في الجامعات الأميركية.