الحدث العربي والدولي
باريس – نشر المركز الوطني للبحث العلمي CNRS عبر مجلته العلمية-الإعلامية Le Journal du CNRS مقالًا تحليليًا يسلط الضوء على التحولات العميقة التي يشهدها عالم العمل في ظل الرقمنة، الذكاء الاصطناعي، وأشكال الرقابة المتزايدة على الموظفين. المقال، الذي كتبته الصحفية مارينا جوليين بالاستناد إلى أبحاث باحثين في علم الاجتماع والعمل مثل أوليفييه غالان، جان-إيف بوليه وسيلين بونيه، يؤكد أن هذه التغيرات لا تقتصر على الاقتصاد، بل تمتد لتشمل أبعادًا سياسية وديمقراطية.
يشير غالان إلى أن الصورة النمطية عن عزوف الشباب عن العمل غير دقيقة؛ فالشباب يتطلعون مثل الأجيال السابقة إلى أجر عادل ووظيفة ذات معنى وتوازن بين الحياة والعمل، مع رغبة أكبر في التقدم السريع.
أما بوليه فيرى أن إدماج الذكاء الاصطناعي لا يعني نهاية دور الإنسان، بل يفتح الباب أمام ما يسميه «هجين العمل»، حيث تتوزع المهام بين الإنسان والآلة. هذا التحول يفرض على العمال مهارات جديدة للتعاون مع الخوارزميات بدل الخوف منها.
ويحذر الباحثون من أن الرقمنة تعيد تشكيل قواعد السلطة في المؤسسات وتؤثر حتى في السياسة. ففي قطاع الإعلام، تحدد الخوارزميات إلى حد بعيد الأخبار التي تصل إلى الجمهور، مما يضعف استقلالية الصحفيين ويهدد النقاش الديمقراطي.
وتوضح سيلين بونيه أن أدوات الإدارة الرقمية باتت تراقب تفاصيل دقيقة مثل ساعات العمل والإنتاجية وإيقاع ضربات لوحة المفاتيح. هذه الممارسات التي يعتبرها الموظفون «رقابة مفرطة» دفعت بعض النقابات إلى الاحتجاج والإضراب.
كما يشير المقال إلى أن الأزمات البيئية والجيوسياسية تجعل الموظفين أكثر بحثًا عن وظائف تمنحهم «معنى» يتماشى مع قيم مثل العدالة الاجتماعية والاستدامة، وليس مجرد دخل مادي.
ويخلص التحليل إلى أن عالم العمل لم يعد علاقة تقليدية بين موظف وصاحب عمل، بل أصبح شبكة عالمية معقدة تُدار عبر أنظمة رقمية وخوارزميات. التحدي الأكبر اليوم هو حماية حقوق العمال وضمان أن لا تتحول هذه التحولات إلى تهديد للديمقراطية نفسها.
لقراءة المقال الأصلي: