السبت  04 تشرين الأول 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نفض السلطة الفلسطينية

2025-10-04 12:31:30 PM
نفض السلطة الفلسطينية

بالأمس، صدر بيان عن الرئاسة الفلسطينية يتضمن فحواه البنود الأساسية لإصلاح السلطة الفلسطينية التي حددها الرئيس محمود عباس في خطابه أمام المؤتمر الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية الذي عقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية. وكان لافتا، إعادة التأكيد على هذه البنود، التي جاءت على ما يبدو قبل سويعات قليلة من إعلان حركة حماس عن موافقتها على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "وقف الحرب" على قطاع غزة. بما يشي أن السلطة كانت تعلم مسبقا بموقف حماس الذي أبلغت به من قبل الوسطاء العرب، وبما يعني أنها من خلال إعادة التأكيد على فحوى الخطاب أرادت أن تعيد التأكيد على حضورها في المشهد السياسي الفلسطيني أولا والعربي والدولي ثانيا، خاصة في ظل أن المرحلة الماضية بكل تفاصيلها كان يجري الحديث عن السلطة الفلسطينية وليس معها، وتحديدا في القمة التي جمعت رؤساء دول عربية والرئيس التركي بترامب، بينما غابت السلطة الفلسطينية عن اللقاء ولم تدع له من الأساس.

وما بين ترامب الذي يتجاهل السلطة الفلسطينية التزاما بموقف نتنياهو الذي يظل يؤكد أنه لا يريد التعامل معها، ومكررا ذلك بعد موجة الاعترافات الأخيرة بالدولة الفلسطينية، فإن  بيان الرئاسة يأتي وكأنه إصرار منها على على تثبيت أن هنالك مسار دولي آخر، يفرضه المشهد السياسي والآتي من الاعترافات الدولية، وذلك بخلاف نسبي مع المسار الذي يفرضه ترامب ونتنياهو، وهو ما ظهر من تأكيد في الخطاب على أن السلطة الفلسطينية تريد الاضطلاع بدور لها في المشاركة في إدارة غزة.

وفي ظل هذا الضغط الدولي، فمن جهة تهميش ترامب للسلطة الفلسطينية، ورفض نتنياهو التعاطي معها، ومن جهة أخرى الإصلاحات التي تطالبها بها الدول المعترفة بها، تعود السلطة الفلسطينية للواجهة من جديد باعتبارها الطرف الفلسطيني الشرعي، مع كلمة (ولكن)، والتي هي شيطان الإخفاقات الأكبر الذي دائما ما تفشل السلطة في الخلاص منه. فضمن حدود هذا المشهد، تبدو السلطة الفلسطينية وكأنها وعلى الرغم من كل التغييب قد استعادت حضورها بسبب من إلتفاف الدول العربية حولها، والتي أرادت أن تزيل عنها ربق تخاذلها أمام مشهد الإبادة في غزة. ومع ذلك ستعود السلطة إلى مربع الفشل، ولن تتمكن من إنقاذ نفسها ما لم تنفض نفسها. وبما معناه أن عليها أن تتبع خطة إصلاح حقيقية وديناميكية وسريعة، للعبور من مأزق حضورها الحالي. وفكرة عبور السلطة، معناها عبورها ككيانية، وليس كشخوص. فأي عملية إصلاح جوهرية تتطلب أساسا خلق طبقة سياسية جديدة، بوجوه فلسطينية جديدة، تحمل رؤى جديدة، تتواءم مع تطلعات الفلسطينيين بالأساس، وتجدد شرعية كيانية السلطة المرهقة إداريا وماليا، والمتهمة بالفساد. ولا يتم ذلك، إلا بإجراء إنتخابات لكل هياكل تمثيل الشعب الفلسطيني والذي يبدأ من منظمة التحرير الفلسطينية على أسس تمثيلية حقيقية غير مقننة على مقاسات سياسية محددة، وإنما تشمل جميع أطياف الفلسطينيين وتوزيعهم الجغرافي، بما يمنح السلطة بالأساس تفويضا شرعيا حقيقيا، ينقذها من نفسها قبل أن ينقذها من الآخرين.

وعلى ذلك أن يتزامن مع الاستمرار في ملاحقة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية كي تظل إسرائيل هي الأخرى تحت مقصلة الملاحقة كدولة مارقة منبوذة. وألا تتكرر أخطاء الماضي التعيس، مثلما فعلت عندما تم سحب تقرير غولدستون فأراحت الجاني من خطاياه.

وعلى الرغم من السعادة الهائلة التي تتسرب إلى وجوه جهات نافذة في السلطة بسبب وضع حماس الحالي، والشماتة التي تظهر في تصريحات الناطقين الرسميين، فإن هذه السعادة عليها أن تكون واقعية أكثر، مثل النهج السياسي للسلطة، فالضغط القادم في معظمه سيكون على السلطة الآن، فإما أن تنفض نفسها، وإما أن تظل غارقة في فشلها!