الحدث العربي والدولي
كشف موقع "ذا نيو هيومانتاريان" في تقرير مطوّل للكاتبين رايلي سباركس وجاكوب غولدبرغ عن اتهامات خطيرة بحق سوزانا تكاليك، أعلى مسؤولة أممية في قطاع غزة، تتعلق بتواطئها مع سلطات الاحتلال في إدارة المساعدات الإنسانية، في وقت يعيش فيه القطاع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه.
اتهامات بالتواطؤ
بحسب شهادات 11 من العاملين في مجال الإغاثة، بينهم خمسة في مواقع قيادية، فإن تكاليك مكّنت سلطات الاحتلال من استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح لتجويع سكان غزة، وتغاضت عن القيود المشددة المفروضة على إدخال الغذاء والدواء، بل كررت روايات الاحتلال دون تمحيص.
وأشار التقرير إلى أن تكاليك، التي تولت منصب نائب منسق الشؤون الإنسانية للأراضي الفلسطينية المحتلة مطلع عام 2025، تفاوضت مع الاحتلال على إدخال طعام للكلاب الضالة قرب مقر ضيافة أممي، بينما كان الفلسطينيون يموتون جوعًا. كما اتُهمت بتهميش وكالة الأونروا التي يسعى الاحتلال منذ سنوات إلى إنهائها.
أحد كبار العاملين في المجال الإنساني قال: "هم يحبونها لأنها لا تعارضهم بقوة، وإن عارضتهم أصلًا.. إنها تنقل رسائلهم مباشرة إلى المجتمع الإنساني، وقدمت لهم الحزمة الكاملة: الصمت والانصياع".
غياب متكرر وأداء مثير للجدل
أوضح التقرير أن تكاليك تغيّبت عن قطاع غزة أكثر بكثير من سابقيها الذين نادرًا ما كانوا يغادرون، مما زاد العبء على موارد الأمم المتحدة المحدودة. وفي مايو/أيار الماضي، تفاوضت مع سلطات الاحتلال لإدخال شحنة دقيق هي الأولى منذ فرض الحصار الكامل، لكن جرى توزيعها عبر المخابز فقط بدلاً من الأسر مباشرة، ما منح الاحتلال مزيدًا من السيطرة وأدى لانهيار الثقة وحدوث فوضى ونهب.
تفاقمت الأوضاع لاحقًا حين داهمت حشود جائعة مستودعًا لبرنامج الأغذية العالمي في دير البلح يوم 28 مايو/أيار الماضي، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وتدمير معدات أممية. كما شنت قوات الاحتلال غارات على مخابز وأفراد شرطة كانوا يرافقون القوافل، ما أدى إلى مقتل أو إصابة نحو مئة شخص.
ورغم ذلك، ألقت تكاليك اللوم على قادة المجتمع الفلسطيني متهمة إياهم بالفشل في منع النهب، وهو ما اعتبره موظفون أمميون انحيازًا لرواية الاحتلال.
نفي وتبرير
من جانبها، نفت تكاليك هذه الاتهامات، وقالت إن مواقفها هي مواقف الأمم المتحدة، وإن أولويتها الوحيدة هي إيصال المساعدات للفلسطينيين "بأكثر الطرق كفاءة وبراغماتية ومبدئية وأمانًا". لكنها في المقابل واجهت انتقادات متصاعدة من زملاء أمميين رأوا أن إدارتها للاستجابة الإنسانية في غزة ساهمت عمليًا في تسهيل سياسات الاحتلال.
لحظة حرجة
التقرير يسلّط الضوء على أزمة ثقة داخل المجتمع الإنساني بشأن دور أكبر مسؤولة أممية في غزة، في وقت تُتهم فيه سلطات الاحتلال باستخدام سياسة التجويع والحصار كسلاح عسكري لإخضاع المدنيين، وسط نزوح واسع ومجازر متكررة منذ بدء معركة طوفان الأقصى قبل عامين.