الثلاثاء  04 تشرين الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تقرير: استخراج جثامين شهداء غزة أصعب مهمة بتاريخ الحروب الحديثة

2025-11-04 03:48:41 AM
تقرير: استخراج جثامين شهداء غزة أصعب مهمة بتاريخ الحروب الحديثة
البحث عن مفقودين تحت الأنقاض- أرشيفية

الحدث الفلسطيني

نشرت صحيفة الغارديان تقريرا موسعا يسلط الضوء على حجم المعاناة والجهود الهائلة التي يبذلها الفلسطينيون لاستخراج جثامين الشهداء المدفونة تحت أنقاض المباني المدمرة في قطاع غزة. ووصفت الصحيفة هذه المهمة، المدعومة بالصور والرسوم البيانية، بأنها واحدة من أصعب عمليات الانتشال في تاريخ الحروب الحديثة.

مع مرور أكثر من عامين على اندلاع العدوان الإسرائيلي، ومع استمرار مفاوضات اتفاق وقف اطلاق النار الهش، شرع الفلسطينيون في حفر نحو 61 مليون طن من الركام، يُعتقد أن ما لا يقل عن 10 آلاف شخص ما زالوا مدفونين تحته، وفق تقديرات قد تصل إلى 14 ألفا.

تحدثت الغارديان مع عائلات تبحث بيأس عن أقاربها المفقودين، ومع عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني المكلف بعمليات الطوارئ والإنقاذ. وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو حجم المهمة الضخمة التي تواجه فرق الإنقاذ، والتي تعتمد حتى الآن على أدوات بدائية مثل المجارف والمعاول وعربات اليد، وأياديهم العارية. وقد أشار المسؤولون إلى أن طلبات إدخال الجرافات والمعدات الثقيلة لم تلقَ أي رد من جانب الاحتلال.

حتى مع توفير المعدات، يُقدر أن انتشال غالبية الجثامين سيستغرق نحو 9 أشهر، إذ تقتصر الجهود الحالية على المنازل الصغيرة، بينما تبقى المباني العالية والمدمرة بالكامل خارج نطاق الإمكانيات اليدوية. وتشير البيانات إلى أن 472 جثمان فقط أُخرجت خلال أول 16 يوما من اتفاق وقف النار، بالإضافة إلى 195 جثمان فلسطيني أفرجت عنه سلطات الاحتلال في إطار اتفاقية الهدنة.

التقرير رصد الوضع الإنساني المأساوي في غزة، حيث تصطف مئات العائلات يوميا أمام المستشفيات ومكاتب الدفاع المدني بحثا عن ذويهم المفقودين. قصص المفقودين تتكرر في كل مدينة، ففي بيت لاهيا فقدت الشابة آية أبو نصر 100 فرد من عائلتها في غارة واحدة، وما زال 50 منهم تحت الأنقاض بعد عام كامل. قالت آية (26 عاما) إنها حاولت مرارا استخراج الجثامين، لكنها كانت متناثرة بين الطابقين الأرضي والأول، ولا يمكن الوصول إليها دون معدات ثقيلة.

وفي غزة المدينة، تمكنت هديل شحيبر من دفن بعض أقاربها بعد أكثر من عام على استشهادهم، بينما بقي آخرون مدفونين تحت الأنقاض في حي الصبرة. وتؤكد الصحيفة أن عملية التعرف على الجثامين تواجه صعوبة كبيرة بسبب غياب معدات تحليل الحمض النووي، التي يمنع الاحتلال دخولها، ما يجعل مهمة الأطباء الشرعيين شبه مستحيلة مع تحلل الجثامين. ويصف علماء النفس هذه الحالة بأنها "فقد غامض" يخلق اضطرابات نفسية واسعة بين سكان القطاع، ويؤدي إلى الاكتئاب والصدمات واضطراب الهوية.

حتى مع الهدنة الجزئية، تبدو غزة كمدينة مدمرة بلا ملامح واضحة. وتشير الأمم المتحدة إلى أن إزالة الركام بالكامل قد تستغرق سبع سنوات، مع تضرر 77% من شبكة الطرق ووجود مخاطر جسيمة من الذخائر غير المنفجرة، التي أسفرت منذ تشرين الأول 2023 عن 147 حادثا أودت بحياة 52 شخصا. ويضيف خبراء نزع الألغام أن عودة الناس إلى منازلهم قد تزيد من المخاطر مع بدء تحريك الأنقاض، وسط استمرار غارات الاحتلال.

القطاع اليوم أشبه بـ"فسيفساء" من القشور الخرسانية والجدران الممزقة، وأحياء مليئة بالحفر وأكوام الأنقاض وطرقات لا تؤدي إلى أي مكان. وتشير الغارديان إلى أن السؤال الأكثر إلحاحا ليس من سيستشهد بعد، بل ما الذي يمكن أن يقف من جديد وسط هذا الدمار الهائل.