الحدث الإسرائيلي
تحوّلت جلسة الكابينيت السياسي–الأمني الإسرائيلي التي عُقدت مساء أمس إلى مواجهة حادة بين المستوى العسكري وأعضاء حكومة الاحتلال، بعد جدال صاخب حول كيفية التعامل مع المقاومين المتواجدين داخل أنفاق رفح في المنطقة الواقعة تحت سيطرة جيش الاحتلال.
وبحسب ما كشفته قناة “12” العبرية، فقد تبادل رئيس أركان جيش الاحتلال أيال زامير وعدد من الوزراء عبارات قاسية، قبل أن يتدخّل رئيس “الشاباك” الجديد، دافيد زيني، مدافعًا عن المؤسسة العسكرية ورافضًا ما وصفها بـ”نظريات المؤامرة” التي أطلقها بعض الوزراء بشأن الإفراج عن أحد الأسرى في قضية “سدي تيمان”.
وفق التسريبات، طالب كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس رئيس الأركان بتقديم خطة واضحة “لاغتيال” من تبقّى من مقاتلي المقاومة في الأنفاق، قائلين: “نفهم أنك تؤيد نفي نحو 200 من الأسرى، لكن المطلوب الآن خطة تتناسب مع الموقف الحالي؛ أي القضاء عليهم”. فردّ زامير بلهجة غاضبة: “كل ما قيل عن صفقة لإطلاق سراحهم هراء كبير. إما أن يستسلموا أو سنقضي عليهم، وإن استسلموا سننقلهم عراة إلى سدي تيمان للتحقيق”.
أحد أكثر النقاشات سخونة دار حول الأسير الذي ظهر في مقطع مصوّر من سجن “سديه تيمان”، والذي أُفرج عنه ضمن صفقة التبادل الأخيرة وأُعيد إلى غزة. وزيرة المواصلات ميري ريغيف وجهت سؤالًا لرئيس “الشاباك”: “هل كنتم تعلمون أن هذا الأسير مرتبط بفيديو سديه تيمان؟” فأجابها زيني: “لم نكن نعلم”. لكن ريغيف واصلت الهجوم قائلة: “من كان يفترض أن يعلم ولم يُبلّغ؟ على من تقع المسؤولية؟”، لتتدخل أصوات أخرى داخل الجلسة متهمة النيابة العسكرية بالتقصير، فيما ذهبت ريغيف إلى أبعد من ذلك قائلة: “هل من الممكن أن النيابة أخفت الأمر عمدًا؟ كيف يمكن أن يحدث هذا؟”.
زيني بدوره ردّ عليها بحدة: “كان لدينا مئات الأسماء من الأسرى، ولم يكن الأمر متعمّدًا، ولا يمكن أن يتعمّد أحد في النيابة العسكرية مثل هذا الإجراء. لا أقبل أيضًا أن تُهينوا رئيس الأركان هنا علنًا في جلسة كابينيت. أنتم لستم أفرادًا عاديين، أنتم مسؤولون منتخبون”. فردّت ريغيف: “وماذا تريد؟ ألا نطرح أسئلة؟”.
إلى جانب الجدل الداخلي، ناقش الاجتماع الضغوط الأميركية والدولية المتزايدة لدفع “إسرائيل” نحو التقدّم في اتفاق جديد مع حركة “حماس”. وقد شدّد زامير خلال الجلسة على ضرورة “عدم الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق قبل عودة جميع الأسرى والجثامين”، محذرًا من السماح بأي عملية إعادة إعمار قبل نزع السلاح الكامل من القطاع.
وتناول الكابينيت مجددًا ما بات يُعرف داخل المؤسسة الأمنية بـ”جيب رفح” — وهو الجيب الجنوبي في قطاع غزة حيث يتحصّن عشرات من مقاتلي المقاومة. وأوضح زامير أن أمام هؤلاء خيارين لا ثالث لهما: “الاستسلام أو الموت”. وأضاف أنه في حال قرر المستوى السياسي، تحت ضغط أميركي، السماح بخروجهم، فيجب أن يكون ذلك فقط مقابل استعادة جثة الجندي الأسير هدار غولدن.
وفي ختام النقاش، سأل نتنياهو رئيس الأركان زامير ما إذا كان نفي هؤلاء المقاتلين إلى خارج القطاع — كما اقترح وزير الجيش — يُعدّ “استسلاما”. فأجاب زامير ساخرًا: “الاستسلام هو وضع عصابة على العينين في سدي تيمان”. وبينما بقي القرار النهائي بيد نتنياهو، تتزايد الضغوط الأميركية لتمديد وقف إطلاق النار وتخفيف التوتر حول ملف رفح، في وقت يواصل جيش الاحتلال إعداداته لاحتمال العودة إلى العمليات العسكرية في الجنوب.
