الحدث الإسرائيلي
أثارت استقالة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر من حكومة الاحتلال موجة تساؤلات داخل الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية بشأن مستقبله ودوره المحتمل في المرحلة المقبلة، لا سيما أن علاقته الوثيقة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تمتد إلى ثلاثة عقود، منذ ولايته الأولى عام 1996. ويُنظر إلى ديرمر باعتباره أحد أكثر المقربين من نتنياهو، وصاحب تأثير غير معلن في العديد من الملفات الاستراتيجية.
ووفق تحليل للكاتب نير كيبنيس في موقع "ويللا"، فإن مسيرة ديرمر تكشف عن شراكة سياسية وأيديولوجية طويلة مع نتنياهو، تمتد من عمله مستشارا ثم مبعوثا اقتصاديا في واشنطن عام 2004، وصولا إلى تعيينه سفيرا للاحتلال في الولايات المتحدة عام 2013، وهو المنصب الذي لعب خلاله دورا بارزا في تعزيز العلاقات مع إدارة دونالد ترامب، والترويج لاتفاقيات التطبيع مع دول عربية.
كما حصل ديرمر على إشادة واسعة من الرئيس التنفيذي لشركة "فايزر"، ألبرت بورلا، لدوره في تأمين ملايين جرعات لقاح "كورونا" للاحتلال، ما عزز مكانته داخل مؤسسات الحكم. وبعد انتهاء عمله في واشنطن، أصبح شريكا في شركة الاستشارات "إكسيجنت"، ويمتلك شركة للاستشارات الاستراتيجية، إضافة إلى استثماره في معهد "ميدغام" لاستطلاعات الرأي.
ورغم هذا الحضور الواسع، يستبعد كيبنيس أن يكون ديرمر خليفة محتملا لنتنياهو، نظرا لافتقاره للعمق الاجتماعي والسياسي داخل إسرائيل، خصوصا أنه لم يخدم في جيش الاحتلال، ولم ينشأ داخل البيئة السياسية المحلية كما فعل نتنياهو. ويرى أن ديرمر يشبه "اللاعب المجنس" في الرياضة: فعال ومؤثر، لكنه يبقى خارج دائرة المرشحين لقيادة الفريق.
مع ذلك، يرجح التحليل أن استقالته لا تعني خروجا من المشهد، بل قد تمهد لانتقاله إلى دور غير رسمي، عبر العمل كمبعوث أو مستشار سياسي واقتصادي لنتنياهو، على غرار العلاقة التي ربطت دونالد ترامب برجل الأعمال ستيف ويتكوف، الذي لم يشغل منصبا رسميا لكنه لعب دورا محوريا في محيط الرئيس الأمريكي.
أما الرواية الرسمية فتشير إلى أن ديرمر غادر منصبه التزاما بوعد سابق لعائلته بعدم الاستمرار لأكثر من عامين، وهي مدة طالت بفعل الحرب على غزة. لكن الاحتجاجات التي نظمها أهالي الأسرى أمام منزله خلال الأشهر الأخيرة أظهرت حجم الضغوط التي واجهها داخل الحياة العامة الإسرائيلية.
وتخلص القراءة الإسرائيلية إلى أن ديرمر، الذي كان من أبرز وجوه حكومة نتنياهو خلال العدوان على غزة، لا يبدو في طريقه للانسحاب من الحياة العامة، بل من المرجح أن يواصل لعب دور محوري خلف الكواليس، دون الحاجة إلى منصب رسمي.
