الحدث الاقتصادي
يختبئ تحت الأرض بعمق 950 مترا في شرق فرنسا ما يصفه الخبراء بـ"الوقود الأخير للبشرية"، وهو مصدر طاقة نظيف ورخيص قد يكفي لتشغيل كوكب الأرض لآلاف السنين.
منذ عقود، يبحث العالم عن الطاقة المثالية: نظيفة، متجددة، وبسعر معقول. جرى التنقيب في أعماق الأرض، وتحت المحيطات، وحتى في الفضاء، لكن المفاجأة جاءت من أعماق الأرض نفسها.
في حوض فحم قديم بمنطقة لورين الفرنسية، اكتشف العلماء احتياطيا ضخما من الهيدروجين الطبيعي، المعروف بـ"الهيدروجين الأبيض" أو "الهيدروجين الذهبي". ومع تعمق الحفر حتى 950 مترا، تشير التقديرات إلى أن هذه المنطقة قد تحتوي على أحد أكبر احتياطيات الهيدروجين في أوروبا، وربما في العالم، بحسب موقع "Eco Portal".
يتكون الهيدروجين الطبيعي عند تفاعل بعض الصخور مع المياه في أعماق الأرض، ويظل محبوسا تحت طبقات صخرية سميكة، كما يحدث مع النفط والغاز. المفاجأة أن هذا الغاز لا يتسرب، بل يبقى مخزونا في جيوب طبيعية.
ويختلف الهيدروجين الطبيعي عن "الهيدروجين الأخضر" الذي يُنتج صناعياً باستخدام الطاقة المتجددة، إذ لا يحتاج إلى تقنيات مكلفة أو انبعاثات كربونية، ما يجعله خيارا اقتصاديا وصديقا للبيئة في آن واحد.
ولا يقتصر الأمر على فرنسا، فقد سجلت اكتشافات مشابهة في مالي وأستراليا وإسبانيا والولايات المتحدة، مما دفع العلماء إلى الاعتقاد بأن الأرض تنتج الهيدروجين منذ ملايين السنين، وأن هذه الكنوز كانت مخفية تنتظر من يكتشفها.
طاقة متجددة وربما لا تنفد
تشير التقديرات الأولية إلى وجود تريليونات الأمتار المكعبة من الهيدروجين الطبيعي حول العالم. والأكثر إثارة أن هذا النوع من الوقود قد يكون قابلا للتجدد ذاتيا، ما يجعله أحد المصادر النادرة للطاقة التي لا تنفد.
إذا تأكدت هذه الفرضية، قد يصبح الهيدروجين الطبيعي أرخص أنواع الوقود وأكثرها استدامة، فاتحا الباب أمام ثورة طاقة عالمية تقلل الانبعاثات وتغيّر ملامح الاقتصاد.
يواصل الفريق الفرنسي الحفر بحثا عن المزيد، فيما تتابع الحكومات والشركات هذه التطورات عن كثب، إذ قد يكون مصدر طاقة نظيف وفير ورخيص هو المفتاح لتحقيق حلم البشرية في التخلص من الوقود الأحفوري نهائيا.
