الحدث الإسرائيلي
تشهد هجمات الاحتلال الأخيرة على الحدود الشمالية والشرقية عدة تطورات مهمة تثير تساؤلات حول النوايا الحقيقية لتل أبيب في لبنان وسوريا، خاصة بعد اغتيال رئيس هيئة أركان حزب الله الشهيد هيثم علي طبطبائي والضربات اليومية على مواقع في لبنان، إضافة إلى استعداد الاحتلال لحملة برية محتملة.
وامتدت العمليات إلى سوريا، حيث شملت اعتقال ناشطين في الجولان المحتل واندلاع اشتباكات محدودة، في محاولة من الاحتلال لإظهار ما يسميه "الحزم" للتعامل مع التهديدات الأمنية المزعومة.
وفي تحليل نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، أشار المحلل تسفي برئيل إلى أن الاحتلال يتمتع بامتيازات استراتيجية على الحدود الشمالية لا تتوفر له في قطاع غزة.
ولفت إلى أن لبنان وسوريا يعلنون علنا عدم رغبتهم في الحرب مع الاحتلال، مع وجود اتفاقات تاريخية مثل وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال، وجهود لبنان لجمع سلاح التنظيمات غير الحكومية، بما فيها حزب الله والفصائل الفلسطينية، تحت سيطرة الجيش.
لكن الحكومة اللبنانية تباطأت في جمع السلاح، بهدف منع صدامات عنيفة مع حزب الله، ما يثير شكوكا في قدرة الجيش على تنفيذ المهام المتفق عليها قبل نهاية 2025، وفقا لبرئيل.
وفي المقابل، يشير تقرير "هآرتس" إلى أن الاحتلال والولايات المتحدة تران أن الضغط العسكري قد يجبر لبنان على التخلي عن سياسة الحوار مع الحزب، ما يثير تناقضات سياسية وعملياتية في الإجراءات الإسرائيلية، خصوصا مع استخدامها خمس مواقع محدودة في جنوب لبنان كورقة تفاوضية.
من جانبه، يرفض حزب الله التخلي الكامل عن سلاحه، مؤكدا أن الجيش اللبناني هو الجهة المسلحة الوحيدة المسموح لها العمل في جنوب البلاد، لكنه لا يرى نفسه ملزما بالتخلي عن سلاحه في الشمال أو الموافقة على مناطق منزوعة السلاح في الجنوب.
ويضيف برئيل أن الحكومة اللبنانية تبنت مبدأ "وحدة السلاح" تحت سيادة الدولة، الأمر الذي يتجاوز نص الاتفاق، ويتطلب جمع سلاح حزب الله في كافة المناطق، مع طلب مساعدة إيران في تنفيذ هذا المبدأ.
أما في سوريا، فالوضع مشابه، حيث يمنع الاحتلال القوات السورية من الانتشار في جنوب الجولان، وينفذ عمليات عسكرية، بينما تبقى المفاوضات مع دمشق حول الترتيبات الأمنية مجمدة، مع السماح جزئيا للقوات السورية بالانتشار لمنع سيطرة الميلشيات والفصائل المسلحة على مناطق حيوية، ما يعكس توازن قوة هش ويؤكد صعوبة فرض سيطرة كاملة من قبل الاحتلال.
ويخلص التقرير إلى أن ضغوط الاحتلال على لبنان وسوريا، رغم تصاعدها العسكري، تواجه عقبات كبيرة تجعل نزع السلاح الكامل شبه مستحيل، وأن العمليات العسكرية تعتمد على مزيج من السيطرة الميدانية الجزئية والتهديد السياسي، مع مراعاة المخاطر الكبيرة لاندلاع صدامات واسعة قد تؤدي إلى أزمات داخلية أو تصعيد أمني في المنطقة.
