الحدث الاقتصادي
أطلقت وزارة شؤون المرأة، وشبكة سيدات الأعمال والمهنيات في فلسطين، وسلطة النقد الفلسطينية، ووزارة الاتصالات والاقتصاد الرقمي، والوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، قمة المرأة والتكنولوجيا والمال، تحت شعار: "نحو اقتصاد فلسطيني جامع"، بمشاركة واسعة من مؤسسات رسمية وقطاع خاص وشركاء دوليين، وخبراء في التحول الرقمي والابتكار والشمول المالي.
وقال رئيس الوزراء محمد مصطفى خلال القمة التي عُقدت اليوم الأربعاء، بمدينة رام الله، إن التعافي الاقتصادي لا يمكن أن يحدث بينما المرأة التي هي نصف المجتمع تواجه عوائق تمنعها من المشاركة الفعالة، ولهذا جاء التزام الحكومة بأن تكون مشاركة النساء جزءاً عضوياً من هندسة الاقتصاد والمجتمع.
وأضاف مصطفى: "عندما نوسّع التحول الرقمي، فنحن نؤمن بأن فتح باب رقمي واحد يعني فتح فرصة حقيقية لامرأة أو شابة أو صاحبة مشروع، وحين نضع المرأة في قلب السياسات الاقتصادية، فنحن نؤكد أنها ليست مستفيدة من هذه السياسات بل هي صانعة لها".
وتابع رئيس الوزراء: لا يمكن أن نتحدث عن التمكين الاقتصادي دون أن نتحدث عن غزة، فنساء غزة يتحملن العبء الأكبر نتيجة فقدان السكن، وانقطاع الخدمات، وغياب الدخل، ومسؤوليات معيشية مضاعفة، ولهذا فقد شمل البرنامج التنفيذي لإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي الذي أعدته حكومتنا مؤخراً مسارات واضحة لتمكين المرأة، وتشمل دعم المشاريع الصغيرة، وتوسيع الوصول إلى الخدمات الرقمية، وتعزيز الشمول المالي، وبناء سبل عيش قادرة على الاستمرار.
وأشار مصطفى إلى أن الحكومة قدمت برنامجا شاملا يشمل البنية التحتية والتشريعات وتطوير المهارات من أجل تمكين المرأة في المجالات المختلفة، إذ تم إحراز تقدم كبير في تحديث التشريعات لحماية البيانات، وتنظيم التكنولوجيا المالية، وتأمين حماية أقوى للنساء من العنف الرقمي والتحيز الخوارزمي، وتم اعتماد الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، والإستراتيجية الوطنية لتعزيز المساواة بين الجنسين، والإستراتيجية الوطنية للتمكين السياسي للمرأة، ومبادرة تطوير منظومة الحماية الاجتماعية التي توفر خدمات متكاملة للناجيات ومساحات آمنة للحماية.
وأضاف: كما اعتمدت الحكومة في القانون الانتخابي للهيئات المحلية زيادة الحد الأدنى لتمثيل المرأة في الهيئات المحلية خلال المرحلة المقبلة، بحيث لا يقل عن مقعدين إلى أربعة مقاعد بحسب حجم المجلس، وهي خطوة تشريعية تعكس التزاماً عملياً بتوسيع حضور المرأة في الحياة العامة وصنع القرار.
وقال رئيس الوزراء: الخدمة الرقمية لا تختصر الوقت فقط، بل تعيد ترتيب العلاقة بين المواطن والمؤسسة، من أجل تواصل أفضل وتحكم أوضح في طبيعة العلاقة وجودة الخدمات، إذ إنها تفتح كذلك المجال أمام النساء للوصول إلى خدماتهن دون حاجز المكان أو التعقيدات الإدارية، ولذلك عززنا بيئة الأعمال عبر إطلاق بوابة الأعمال للتسجيل الإلكتروني واعتماد التوقيع الإلكتروني المبسّط، ودعم الرياديات اللواتي يشكلن نحو 20% من مالكات الشركات الجديدة.
من ناحيتها، طالب محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام، بحماية المرأة للتمكن من تمكينها اقتصاديا، داعية إلى أن يكون تمثيل المرأة بشكل أكبر في المجالات كافة.
بدورها، قالت وزيرة شؤون المرأة منى الخليلي، إن بناء اقتصاد فلسطيني جامع يتطلب تمكين النساء من الوصول إلى الموارد المالية والرقمية، وتعزيز مشاركتهن في الابتكار وريادة الأعمال، فالمرأة الفلسطينية كانت وما زالت ركيزة أساسية في تعزيز صمود المجتمع، وفي قيادة جهود التعافي وإعادة البناء.
وشددت على أنه انسجاما مع برنامج الحكومة، تواصل الوزارة العمل مع الشركاء على تطوير بيئة تشريعية وسياساتية داعمة للنساء، وتحويل التمكين الاقتصادي إلى واقع ملموس، من خلال تعزيز الشمول المالي، وتوسيع الوصول إلى الموارد الرقمية، وحماية حقوق المرأة في الملكية والإرث باعتبارها جوهر العدالة الاقتصادية.
من جانبها، قالت رئيسة شبكة سيدات الأعمال والمهنيات في فلسطين دلال عريقات، إن انعقاد هذه القمة يمثل محطة فكرية وطنية تهدف إلى صياغة مسار جديد للاقتصاد الفلسطيني قائم على المعرفة والشمول والقيادة النسائية.
وأكدت، أن المرأة الفلسطينية تقدّم نموذجا فريدا من القيادة والصمود، مؤكدة أن دخول المرأة فضاء التكنولوجيا والمال لا يضيف إلى الاقتصاد فحسب، بل يعيد تعريف مفهوم القيمة ذاته.
من جهتها، أكدت نائبة رئيس مكتب الممثلية الألمانية في رام الله أولريكة بورمان الدور المحوري الذي تلعبه الخدمات المالية الرقمية في تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء، وبناء أنظمة مالية أكثر شمولا، مشددة على أهمية ضمان أن تكون الأنظمة الرقمية والمالية آمنة ومتاحة وعادلة للجميع.
وهنأت بورمان وزارة شؤون المرأة لمناسبة إطلاق أول إستراتيجية وطنية للتمكين الاقتصادي للنساء، التي تم تطويرها بالتعاون مع برنامج WoMENA المنفذ من GIZ والممول من الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية (BMZ)، كما جددت تأكيد التزام ألمانيا بدعم الشركاء الفلسطينيين، وأبرزت أهمية توسيع الفرص المتاحة للنساء في جميع أنحاء فلسطين، وقدّمت شكرها للجهود المبذولة في تنظيم هذا الحدث المهم.
إلى ذلك، قال محافظ سلطة النقد يحيى شنار، إن تمكين المرأة الفلسطينية اقتصاديا وماليا يمثل ركيزة أساسية ضمن إستراتيجية سلطة النقد لتعزيز الشمول المالي ودعم نمو الاقتصاد الوطني، إذ أظهرت البيانات ارتفاع نسبة الشمول المالي الوطني من 36.4% عام 2016 إلى 54.2% عام 2022، فيما تصل نسبة البالغين المشمولين ماليًا إلى 61%.
وأضاف المحافظ أن تطوير البنية التحتية الرقمية للمدفوعات، إلى جانب برامج التوعية المالية وبناء القدرات، يزود النساء بالأدوات والمهارات اللازمة لإدارة مشاريعهن بكفاءة، ويعزز قدرتهن على الابتكار والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الرقمي بطريقة آمنة وفعّالة.
وأكد شنار أن الاستثمار في تمكين المرأة هو استثمار مباشر في مستقبل الاقتصاد الرقمي لفلسطين، وفي بناء مجتمع متكامل ومرن قادر على مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن سلطة النقد تولي اهتماما خاصا بدعم النساء في غزة بعد الحرب الأخيرة، بما يضمن تيسير وصولهن إلى الخدمات المصرفية لا سيما الرقمية منها، ومشاركتهن الفاعلة في إعادة بناء المجتمع المحلي وتعزيز صمود الاقتصاد الوطني.
وتضمنت القمة جلسات حوارية ناقشت دور التكنولوجيا والتحول الرقمي في خلق فرص اقتصادية جديدة للنساء، وأهمية الشمول المالي وتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية، إضافة إلى استعراض تجارب رياديات فلسطينيات في الابتكار، ومسارات تطوير الاقتصاد الرقمي، والفرص المستقبلية أمام النساء في قطاع التكنولوجيا والمال.
