حدث الساعة
كشف تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن" الأميركية عن جرف جيش الاحتلال عشرات جثامين الشهداء الفلسطينيين ودفنها في قبور ضحلة أو تركها تتحلل في مناطق توزيع المساعدات بقطاع غزة.
وانطلق التحقيق من قصة الشاب عمار وادي، الذي استشهد أثناء محاولته الحصول على كيس دقيق قرب "زيكيم" شمال القطاع في حزيران الماضي.
وبحسب التحقيق، وضع عمار خلفية شاشة هاتفه رسالة إلى عائلته كتب فيها: "سامحيني يا أمي إن أصابني مكروه.. من يجد هاتفي، أرجو أن يخبر عائلتي أنني أحبهم كثيرا". ولم يعد عمار إلى أسرته، وبعد أسابيع وصل هاتفه لأهله، لكن وادي نفسه لم يعد.
يشير التحقيق إلى أن الجيش جرف بعض الجثامين إلى قبور مجهولة أو تُركت في العراء حيث تعذر انتشالها، فيما استشهد العديد من طالبي المساعدات بنيران عشوائية أطلقها جيش الاحتلال بالقرب من "زيكيم"، وفق مئات مقاطع الفيديو والصور ومقابلات مع شهود وسائقي شاحنات محلية.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية وأشرطة فيديو، منها مقطعا حددته "سي إن إن" في منطقة "زيكيم"، جثامين مدفونة جزئيا حول شاحنة مساعدات مقلوبة. وتحدث اثنان من جنود الاحتلال السابقين عن حالات مماثلة في أماكن أخرى، حيث دفنت جثامين فلسطينيين في قبور ضحلة.
وأوضحت جانينا ديل، المديرة المشاركة لمعهد أكسفورد للأخلاق والقانون والصراع المسلح، أن القانون الدولي يلزم الأطراف المتحاربة بالتعاون في دفن الضحايا بطريقة تسمح بتحديد هوياتهم وتخليد ذكراهم، مؤكدة أن التعامل المتعمد مع الجثامين بطريقة تنتهك كرامتهم قد يُعد جريمة حرب.
وصرّح أحد المبلغين عن الانتهاكات في جيش الاحتلال، بأن وحدته دفنت تسعة أشخاص دون وضع علامات على القبر.
وتُظهر مقاطع فيديو وصور أخرى جثامين متعددة لم يتمكن المسعفون من انتشالها بسبب الظروف الخطيرة. وفي 15 حزيران، أفاد شهود عيان بأن شاحنة مساعدات اكتظت بحشد من المجوعين، وتم إطلاق النار عليها، ما أدى لسقوط العديد تحت الشاحنة، بحسب شهود الدفاع المدني.
من جانبه، أكد روبرت ماهر، خبير الطب الشرعي الصوتي، تحليل مقاطع الفيديو لصالح "سي إن إن" أن إطلاق النار جاء من مسافة تتوافق مع موقع جيش الاحتلال. ويصف سائقو شاحنات محلية مشهد الجثامين المنتشرة والمتحللة بأنه مألوف، حيث تقوم الجرافات أحيانا بدفن الجثامين أو تغطيتها بالتراب.
وتشير الشهادات إلى أن جيش الاحتلال على مدار العامين الماضيين دأب على دفن الجثامين في مقابر جماعية أو سطحية مجهولة المعالم في أنحاء غزة، بما في ذلك مستشفى ناصر بخانيونس واستشهاد 15 عامل إغاثة جنوب القطاع.
كما استخدم الجيش الجرافات لتدمير المقابر الفلسطينية بشكل منهجي، ما أدى لتدمير شواهد القبور وإخراج الجثامين.
ومع استمرار اختفاء العديد من الفلسطينيين الذين حاولوا الحصول على الطعام، يواصل أقاربهم البحث عن إجابات. وقال حسام وادي: "كان عمار شخصا ترك غيابه فراغا كبيرا، ففقدانه أشبه بفقدان جزء من النفس. إن كان شهيدا، رحمه الله، وإن كان حيا، فعلى الأقل يمكننا التمسك بالأمل".
بدورها، أصدرت حركة حماس بيانا دانت فيه ما كشفه التحقيق، واعتبرت ذلك "دليلا موثقا على الإبادة الصهيونية الممنهجة ضد شعبنا"، مؤكدة أن هذه الفظائع تشكل جرائم حرب واعتداءات ممنهجة، وطالبت بمحاكمة قادة الاحتلال دوليا عبر محكمة الجنايات الدولية والمحاكم الوطنية المختصة.
