الحدث الإسرائيلي
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن خمسة من عناصر الأمن الإسرائيليين العاملين في شركة حراسة خاصة تقدّم خدماتها لمستوطنة جفعات زئيف المقامة على أراضي القدس، اعتُقلوا بشبهة تهريب وتشغيل مئات العمال الفلسطينيين غير الحاصلين على تصاريح دخول، مقابل مبالغ مالية. وقد جرى توقيفهم الأسبوع الماضي، قبل أن يُرفع الليلة الماضية أمر حظر النشر عن القضية، بينما لا تزال التحقيقات مستمرة.
وبحسب ما نشرته الصحيفة، نفّذ محققو وحدة “يمار” في شرطة الاحتلال الاعتقالات بعد تحقيق سرّي طويل، بدأ إثر توجه رسمي من مجلس مستوطنة جفعات زئيف إلى الشرطة. ويُشتبه بأن عناصر الأمن استغلوا مواقعهم عند الحواجز وصلاحياتهم ضمن منظومة الحراسة، وسمحوا بمرور العمال الفلسطينيين دون تفتيش أمني لقاء المال. وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني، نفذت شرطة الاحتلال حملة مداهمة أسفرت عن اعتقال أربعة مشتبه بهم كانوا يعملون كحراس لصالح شركة الأمن الخاصة في المستوطنة.
وتبيّن، وفق التحقيق، أن الحراس أقاموا تنسيقاً منظماً مع وسطاء فلسطينيين لضمان “مرور حرّ” للعمال غير الحاصلين على تصاريح، بما يتيح لهم الالتفاف على حاجز عوفر العسكري. وفي مرحلة لاحقة، أوقِف ثلاثة مشتبه بهم إضافيون على خلفية القضية نفسها.
وتشير المعلومات إلى أن العمال كانوا يصعدون إلى مركبات تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية على شارع 443 الذي يمر بالقرب من بلدة بيت عور التحتا غرب رام الله، بعد تجاوز نقاط التفتيش بشكل غير قانوني. ثم تُنقلهم تلك المركبات عبر بوابة الدخول إلى مستوطنة جفعات زئيف، وهي بوابة مخصّصة للمستوطنين فقط، حيث كان الحراس المناوبون يسمحون بمرور المركبات دون تدقيق، ما يسهّل وصول هؤلاء العمال إلى عمق المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية.
وتقدّر شرطة الاحتلال أن الحراس المتورطين جمعوا عشرات آلاف الشواقل من عمليات التهريب، رغم كونهم مسؤولين نظرياً عن حماية سكان المستوطنة. كما تبيّن أن عدداً من هؤلاء العمال تم تشغيلهم في مواقع مختلفة داخل “إسرائيل”، قبل أن تضبطهم الشرطة.
وفي بعض الحالات، أُغلقت منشآت بأوامر شرطية بسبب تشغيل عمال من دون تصاريح. وحتى الآن، خضع عدد كبير من أفراد الشبكة للتحقيق، واعتُقل سبعة منهم: خمسة حراس أمن إسرائيليين وفلسطينيان من سكان الضفة الغربية.
وقد مُدِّد اعتقالهم تباعاً بشبهة تلقي رشى وخرق قانون الدخول إلى “إسرائيل”، وتتوقع شرطة الاحتلال تنفيذ اعتقالات إضافية قريباً.
وقالت شرطة الاحتلال في بيان إنها “تعمل ليل نهار لمنع دخول العمال غير الحاصلين على تصاريح إلى داخل إسرائيل، للحفاظ على أمن الإسرائيليين”.
لكنها شددت على أن التحقيق يكشف “أن إسرائيليين تعاونوا مع هؤلاء العمال، ونقلوهم إلى الداخل طمعاً بالمال، في مساس مباشر بالأمن”. من جهته، قال رئيس المجلس الاستيطاني في جفعات زئيف، يوسي أسراف، إن الشبهات “خطيرة وتمسّ بأساس الثقة بمنظومة الأمن”.
وأضاف: “ما حدث يُعد خيانة للوظيفة ومساساً بأمن المستوطنين”. ودعا أسراف المستوطنين إلى رفع مستوى اليقظة والإبلاغ عن أي سلوك مشبوه، موضحاً أن المجلس سيواصل مراجعة منظومة الحراسة وتعزيز إجراءات الرقابة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.
وتأتي القضية بعد ثلاثة أسابيع من كشف تحقيق آخر أجرته وحدة “ماحش” في شرطة الاحتلال ضد خمسة من عناصر شرطة حرس الحدود في منطقة القدس، بشبهة تهريب فلسطينيين بلا تصاريح مقابل المال. واعترف أحد أفراد الوحدة، وفق “يديعوت”، بأنهم كانوا يعملون وفق “تسعيرة ثابتة” مقدارها 100 شيقل عن كل شخص، وأنهم حصلوا خلال الفترة الماضية على نحو 25 ألف شيقل، إضافة إلى بيع قنابل صوتية لفلسطينيين. يُذكر أن شرطة الاحتلال اعتقلت قبل أسبوعين ضابط احتياط برتبة رائد عند حاجز عوفر، بينما كان يقود مركبة تقل عاملين فلسطينيين لا يحملان تصاريح. وتبيّن لاحقاً أن الضابط ارتدى زياً عسكرياً رغم انتهاء خدمته قبل أشهر، في محاولة لتضليل الجنود على الحاجز والسماح بمرور ركابه.
