الحدث الصحي
حذر المرصد المغربي لحماية المستهلك (غير حكومي) من تنامي ما أسماها ظاهرة "المخدرات الرقمية" وما تخلفه من آثار نفسية وبدنية، خصوصاً على فئة الشباب والمراهقين التي تعد الأكثر تضرراً منها.
والمخدرات الرقمية هي مقاطع صوتية بترددات غامضة، يزعم مروجوها أنها قادرة على إدخال المستمع في حالة من النشوة التي تشبه تأثير المواد المخدرة التقليدية، وسط تساؤلات عن حقيقة هذا التأثير. ويتم تحميل تلك المقاطع بكثرة على شبكة الإنترنت، ويمكن استهلاكها بواسطة سماعات الأذن. وبحسب المرصد الذي يعنى بحماية حقوق المستهلكين، فإن هذه المحتويات تمثل "منتجاً رقمياً مضللاً"، وتدخل ضمن فئة الممارسات المخالفة لمقتضيات قانون حماية المستهلك، والذي تجرّم نصوصه أي منتج أو خدمة قد تضر بالصحة العامة، أو تُحدث تضليلاً رقمياً.
وقال المرصد الحقوقي في بيان، الاثنين الماضي، إن "هذه الترددات الصوتية قد تسبب أعراضاً خطيرة، من قبيل خدر الأطراف، وتسارع التنفس، إضافة إلى اضطراب ضربات القلب، أو الدوار، أو الرغبة في النوم، ورجفات جسدية، مع اتهامها بتحفيز مفرط لإفراز الدوبامين، ما قد يؤدي إلى الإدمان النفسي". ودعا المرصد السلطات الحكومية، وعلى رأسها الجهات الأمنية والرقابية والصحية، إلى "التدخل العاجل لتطبيق النصوص القانونية ذات الصلة، وفي مقدمتها مقتضيات القانون الجنائي المتعلقة بتعريض صحة الغير للخطر، إلى جانب القانونين المتعلقين بمكافحة الجريمة الإلكترونية".
كما طالب المرصد بضرورة العمل على حجب المنصات الإلكترونية التي تروج هذا النوع من المحتوى، وتفعيل مقتضيات قانون الاتصال السمعي البصري لحماية الجمهور من التأثيرات السلبية، خاصة على الفئات الهشة. بينما يشدد الكثير من الحقوقيين في المغرب على ضرورة انخراط قطاعات رسمية على رأسها وزارات الصحة، والتعليم الأولي، والشباب، والداخلية، في حملات توعية وطنية موجهة إلى الناشئة والأسر، بغرض التنبيه إلى خطورة هذا السلوك الرقمي المستجد الذي ينمو في غفلة من الأطر القانونية والاجتماعية التقليدية.
من جانبه، يبدي رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (أهلية) إدريس السدراوي، قلقه البالغ بشأن النقاش الدائر حول ما يسمى حديثاً بـ"المخدرات الرقمية"، وما رافقه ذلك من تخوفات، معتبراً أن "حماية المستهلك من المحتويات الرقمية المضللة واجب قانوني وأخلاقي، خصوصاً عندما تستهدف الشباب والمراهقين، والذين هم في حاجة ماسة إلى التوجيه والمواكبة".
ويقول السدراوي لـ"العربي الجديد"، إن "التسويق الكاذب لهذه الترددات باعتبارها وسيلة حقيقية لتغيير الوعي، أو تبديل المزاج، يدخل ضمن التدليس الرقمي، ويستدعي يقظة مؤسساتية". غير أنه يؤكد أن "مقاربة هذا الموضوع يجب أن تستند إلى المعطيات العلمية الدقيقة، بعيداً عن التهويل، فالدراسات العلمية الدولية لا تثبت وجود مخاطر طبية جسيمة، أو قدرة إدمانية لهذه الترددات المسموعة، ما يوجب وضع النقاش في حجمه الحقيقي، وتصحيح المعلومات المتداولة بما يخدم مصلحة العموم".
ومن جهة أخرى، يؤكد رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، أن "الأولوية الحقيقية التي يجب أن تنشغل بها الدولة والمجتمع هي التصدي للمخدرات التقليدية، خصوصاً حبوب الهلوسة المنتشرة بين فئة الشباب، والتي تشكل خطراً مباشراً ملموساً على الصحة، وعلى الأمن المجتمعي. هذه المواد، وعلى رأسها مخدر (القرقوبي) ومشتقاته، تتسبب يومياً في مآسٍ اجتماعية، وحالات عنف، وانهيارات نفسية خطيرة، ما يستدعي مضاعفة الجهود الأمنية والصحية والتربوية لمحاصرة انتشارها، بدل الانجرار إلى نقاشات جانبية قد تُشتت الانتباه عن هذا الخطر الحقيقي".
ويدعو الناشط الحقوقي السلطات الصحية والتربوية والرقابية إلى "إطلاق حملات توعية وطنية موجهة للأسر والشبان، تركز على التربية الرقمية، والوقاية من الإدمان الحقيقي المتفشي في الأحياء، وداخل المؤسسات التعليمية والفضاءات العامة".
