#الحدث- فورين بوليسي
يوجد عائد جيد محتمل من الأزمة السورية بالنسبة لإسرائيل، فانتصار الأسد يعني انتصار حزب الله وإيران، في حين أن انتصار الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة التابع للقاعدة سيترك دمشق في أيدي المتطرفين ويخلق نظام عدواني ضدهم.
بهذه الكلمات، افتتحت صحيفة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرها حول زيارة الجنرال نيكولاي بوجدانوفسكي، النائب الأول لرئيس هيئة الأركان العامة الروسية، لإسرائيل يوم الثلاثاء الماضي، والتي تعتقد أنها من أجل التنسيق بين القوات الإسرائيلية والجيش الروسي بشأن الحرب في سوريا.
وقالت إن أفضل سيناريو لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، هي حرب الاستنزاف المستمرة، والتي تشغل أعداء إسرائيل بقتال بعضهم البعض بدلا من التوحد ضدها.
فبعد أكثر من أربع سنوات من الحرب الداخلية الرهيبة والخسائر المدمرة، لم يعد للجيش السوري قوة تكافئ الجيش الإسرائيلي. وقبل عامين، تم تفكيك الأسلحة الكيميائية للأسد، نتيجة للضغوط الأمريكية، والسماح للحكومة الإسرائيلية لوقف تزويد مواطنيها بأقنعة الغاز للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاما.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل أول من لاحظ الحراك الروسي الجديد وتحدثت عنه في مقال بعنوان "الطائرات الروسية في سماء سوريا" في النسخة الإنجليزية من صحيفة "يديعوت احرنوت" أواخر اغسطس الماضي.
أشارت إلى أن هذا الحراك يقلق اسرائيل لأن تدخل روسيا سيؤدي لتغيير قواعد اللعبة في العالم العربي وخاصة بعد قراره بنشر عشرات الطائرات المقاتلة سوخوي في شمال سوريا، جنبًا إلى جنب مع العديد من أنظمة مضادة للطائرات ومئات الجنود، التي قد تكون بالنسبة للديكتاتور السوري بشار الأسد فرصة تسمح له بتأمين مصير نظامه لبضع سنوات أخرى.
وأوضحت الفورين بوليسي أن رئيس نتنياهو، خلال زيارة عاجلة إلى موسكو يوم 21 سبتمبر، حاول اقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منع أي احتكاك مباشر مع القوات الجوية الإسرائيلية في الأجواء السورية، كما تراجع نتنياهو عن توجيه اللكمات ضد التدخل الروسي.
ففي مقابلة عقدت 4 أكتوبر على شبكة "سي إن إن" رفض نتنياهو ترديد انتقادات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من العمليات العسكرية الروسية في سوريا قائلًا"ذهبت إلى موسكو لتوضيح ضرورة تجنب الاشتباك بين القوات الروسية والقوات الإسرائيلية. نحن لا نريد أن نعود إلى تلك الأيام عندما كانت روسيا وإسرائيل في موقف الخصومة".
وشدد نتنياهو على أن إسرائيل ستستمر في اتخاذ الإجراءات اللازمة "إذا أراد أحد استغلال الأراضي السورية لنقل السلاح النووي لحزب الله"، وصرحت مصادر دبلوماسية إسرائيلية في حوارات على التلفزيون الإسرائيلي أن هذا يعني موافقة نتنياهو على الخطوات الروسية.
لكن هذا لا يعني أن إسرائيل مترددة تجاه المناورة العسكرية لبوتين، فإسرائيل أقرت بأن هناك سببان من شأنهما إقناعها بالدخول في الحرب السورية: في حال المساس بسيادتها والتعرض لهجمات من داخل سوريا أو عندما تكتشف محاولات لتهريب أسلحة متطورة من سوريا إلى حزب الله في لبنان.
كما نشرت وسائل إعلامية عالمية أكثر من 10 ضربات جوية إسرائيلية ضد مستودعات الأسلحة وقوافل قريبة من الحدود السورية مع لبنان منذ يناير عام 2013، لكن لم تعترف إسرائيل بالمسؤولية عن هذه الهجمات -على الرغم من أن نتنياهو كان قريبًا من الاعتراف بذلك مع شبكة "سي إن إن حينما قال: "نحن مستمرون في القيام بذلك" في إشارة إلى العمليات العسكرية الإسرائيلية لوقف نقل الأسلحة.
وفي خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيران ببدء عملية نقل الأسلحة إلى حزب الله في لبنان، محددًا أنواع الأسلحة وأهمها صواريخ ياخونت.
والسبب في أن صواريخ ياخونت تقلق القيادة الإسرائيلية أكثر من أي سلاح آخر هي أن مداه يصل إلى 200 ميل تقريبًا والدقة شبه مثالية، ما يضع السفن الإسرائيلية في عرض البحر في خطر، ويمكن أن يشل اثنين من الموانئ الإسرائيلية الرئيسية، حيفا وأشدود، في أي صراع عسكري مستقبلي مع حزب الله.
لكن الغارات الجوية الاسرائيلية السابقة ضد مستودعات ياخونت ركزت على محافظة شمال غرب اللاذقية -في ذات المنطقة التي تعتزم فيها روسيا في الوقت الحاضر توسيع قاعدة جوية وبناء مجمعين عسكريين إضافيين. ومن المشكوك فيه أن تخاطر إسرائيل بتنفيذ المزيد من الهجمات في مثل هذا القرب من الأنظمة الروسية المضادة للطائرات والطائرات الحربية.
ورأت الفورين بوليسي أنه من الصعب الاعتقاد بأن إسرائيل ستخطر الروس قبل القيام بهذه الضربات وذلك لأن بوتين سيجد صعوبة في السماح بشن هجمات ضد حلفائه، في حين ستقلق إسرائيل من أن يبلغ الروس قوات حزب الله أو الأسد قبل الهجمات.
الهجمات المستقبلية في منطقة دمشق أصبحت أيضا أكثر تعقيدا، لأن روسيا قد ترى مثل هذه العمليات تهدد المكانة العسكرية لنظام الأسد والتي عززته حديثا.
وتعتقد الصحيفة أنه طالما أن الروس يساعدون الأسد على استقرار خطوطه العسكرية، فإن إسرائيل لن تعترض. ومع ذلك، إذا امتد التعاون الروسي الإيراني ليسمح النظام باستعادة السيطرة على مناطق مؤثرة، ستعتبره القيادة الإسرائيلية تطورًا مقلقًا.
وعن الاتفاق النووي الإيراني، أشارت الصحيفة إلى أن الخلافات الشديدة بين قادة اسرائيل والولايات المتحدة عقب الاتفاق اﻹيراني تظهر بقوة في سوريا.
فإصرار نتنياهو على زيارة موسكو الشهر الماضي، على الرغم من بوتين كان من المقرر أن يجتمع مع الرئيس باراك أوباما في نيويورك في وقت بعد الزيارة بأسبوع، ينبغي أن نعتبر هذه رسالة إلى واشنطن مفادها أنه على الرغم من أن نتنياهو اعترف الأسبوع الماضي بأنه لم يعد يحارب الاتفاق النووي الإيراني، إلا أنه لا يثق في أوباما بعد الآن لحماية المصالح الإسرائيلية.
واختتمت الصحيفة تقريرها بقولها إنه على الرغم من أن العلاقة الروسية مع إسرائيل تحسنت بشكل ملحوظ عن الستينات والسبعينات -عندما كان الاتحاد السوفيتي مورد للأسلحة في العالم العربي وكان ينظر إلى الصراع العربي الإسرائيلي باعتباره مجرد جبهة أخرى في الحرب الباردة - إلا أن إسرائيل ستظل دائما تشكك في نوايا موسكو بالمنطقة.
ففي الحالات النادرة التي يسافر فيها مسئولون في الجيش الإسرائيلي أو حتى الجنرالات السابقين إلى روسيا، يتركون أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة في المنزل، خوفا من المحاولات الروسية للمراقبة والقرصنة.