الحدث- رام الله
نفى مسؤولون في القيادة الفلسطينية لـ"الحدث" أن تكون نيوزيلندا قد قدمت مبادرة جديدة لطرحها في مجلس الأمن الدولي لاستئناف المفاوضات تقضي بأن تجمد السلطة الفلسطينية ملف التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، فيما يوقف الجانب الإسرائيلي الاستيطان. في المقابل رأى محللون إنه في حال كانت هناك مبادرة فهدفها الأساسي تخفيف حدة التوتر التي تشهدها فلسطين، والقضاء على الحالة الثورية التي نعيشها.
وكانت مصادر صحفية قالت إن نيوزيلندا تقوم بإعداد مسودة قرار لتقديمه لمجلس الأمن، وبحسب تلك المصادر فإن وزير خارجية نيوزيلندا قد عرض المسودة على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتناهو خلال زيارته قبل أشهر إلى "إسرائيل".
هناك "إشاعات نيوزيلندية"
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور أحمد مجدلاني لـ "الحدث" "في هذا الوقت تطلق عدة أفكار في غالبيتها هي مجرد إشاعات غير دقيقة عن مبادرات مختلفة سواء لجسر الهوة لاستئناف المفاوضات او لإعداد مشاريع قرارات في مجلس الأمن" .
وبحسب مجدلاني فإن نيوزيلندا طرحت منذ أشهر أفكارا لاستئناف المفاوضات التي تم التفاعل معها فلسطينيا، إلا أن الحكومة النيوزيلندية أوقفت مساعيها في مجلس الامن، بعد أن اصطدمت بالضغوط الأمركية كما حصل تماما مع المبادرة الفرنسية.
وأكد مجدلاني أنه ليس هناك أي خطة نيوزيلندية في هذا الوقت لاستئناف المفاوضات مضيفا "مخطئ من يظن ان الفلسطينيين سيدفعون ثمن هذا الرجوع الى المفاوضات مقابل التوجه الى محكمة الجنايات الدولية".
وتابع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير "إن المفاوضات شيىء والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية شيء آخر، وهناك محددات حددتها القيادة الفلسطينية، للرجوع الى المفاوضات".
وكانت صحيفة هارتس العبرية ذكرت في تقرير لها أن وزارة الخارجية النيوزلندية تعد مبادرة جديدة تهدف إلى إعادة المسار التفاوضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وتنص المبادرة النيوزلندية أولًا على تجميد الاستيطان وتجميد أوامر هدم منازل منفذي العمليات، وفي المقابل عدم قيام السلطة الفلسطينية بتقديم شكاوى قضائية ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة الجنايات الدولية، وذلك كخطوات أولية لبناء الثقة بين الطرفين.
لم تعرض خطة أو أنها عُرضت على الرئاسة!
بدوره قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير جميل شحادة لـ"الحدث": "إنه لم يطرح حتى اللحظة أي مبادرة نيوزيلندية، على اجتماع القيادة الفلسطينية، إلا أنه من الممكن أن تكون قد عرضت على الرئاسة".
وأضاف شحادة أنه عندما تطرح هذه المبادرة بصورة رسمية على اجتماع القيادة الفلسطينية فانه سيتم مناقشتها وإعلان المواقف منها في حينه.
وتحث المبادرة النيوزيلندية التي تم توزيعها على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، الرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي، المؤمنين بالمبادرة العربية على مساعدة الطرفين للاستعداد للعودة إلى طاولة المفاوضات.
مبادرة خطيرة والسلطة الفلسطينية لن تستطيع قبولها
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي مهند عبد الحميد ان المبادرة النيوزيلندية خطيرة جدا لأنها لم تطرح قضية إنهاء الاحتلال وإنما تقوم بطرح قضايا جزئية هنا وهناك، مؤكداً أنه في ظل تصاعد حالة الاحتقان فإن السلطة الفلسطينية لن تتمكن من قبول هذه المبادرة.
وأضاف عبد الحميد أن موضوع تجزئة القضية وأساسها الاحتلال أدى إلى نتائج وخيمة، لأن منطق اتفاق أوسلو أدى إلى تجزئة القضايا وفصلها عن بعضها البعض، فكانت النتيجة تعميق الاحتلال واتباع إجراءات التطهير العرقي بحق أبناء شعبنا، ومزيد من الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري.
وبين عبد الحميد ان المبادرة هدفها تنفيس الوضع الفلسطيني والقضاء على الحالة الثورية التي تشهدها الاراضي الفلسطينية وأن اسرائيل تحاول امتلاك عناصر القوة المحدودة التي يملكها الشعب الفلسطيني عن طريق تفكيكها وإجهاضها ووضعها جانبا.
وتابع الكاتب والمحلل السياسي إن ما يحدث الآن جاء ليقلب الطاولة ويضع الاحتلال في مواجهة المجتمع الدولي، "فنحن نشهد اليوم واقعا جديداً، وهو انسلاخ الشعب الفلسطيني عن مسار خداع أوسلو."
وأضاف عبد الحميد إن "القيادة الفلسطينية لن تستيطع القبول بأي مبادرة غير جدية وغير مقنعة لإنها الاحتلال."
المبادرة النيوزيلندية لم تطرح "إنهاء الاحتلال"
وأشار عبد الحميد "المبادرة النيوزيلندية لم تطرح قضية إنهاء الاحتلال، وإنما العودة إلى التفاوض ووقف الاستيطان بالمعنى الجزئي مقابل وقف الذهاب إلى المؤسسات الدولية، وهو مجرد إجراء ترقيعي لن يقنع أحداً في الشعب الفلسطيني."
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إن القيادة الفلسطينية يمكن لها أن تناقش بإيجابية مثل هذا الاقتراح، لأن وقف الاستيطان شرط أساسي للسلطة لاستئناف المفاوضات لكنها تطالب بان يكون هناك مدة زمنية وإشراف دولي.
واشار اذا توافرت في المبادرة النيوزيلندية بعض الشروط لاستنئاف المفاوضات ومنها الاستيطان فان القيادة الفلسطينية ستوافق على ذلك مقابل ان توقف توجهها إلى الجنائية الدولية خاصة وانها مترددة تجاه هذا الملف، إلا أن هناك مخاوفا حقيقية بان تراوغ اسرائيل مرة في المفاوضات لانه ليس لديها مشروع سلام".
ولا تتطرّق المبادرة النيوزيلندية الجديدة بتاتًا لقضية القدس أو الاحتلال الإسرائيلي أو أي من القضايا الجوهرية في الصراع، وتكتفي بالعودة إلى المفاوضات كهدف للمبادرة، إذ تنص وبالإضافة إلى تجميد الاستيطان على الحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك، والتزام كلا الطرفين بعدم التحريض على 'الإرهاب'.