الجمعة  19 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حظر إسرائيل لدخول الأخشاب إلى غزة يهدد بإنهاء صناعة الأثاث وتسريح آلاف العمال

2015-11-25 10:46:32 AM
 حظر إسرائيل لدخول الأخشاب إلى غزة يهدد بإنهاء صناعة الأثاث وتسريح آلاف العمال
صورة ارشيفية

 

الحدث - حامد جاد

يرى منتجو الأثاث في القرار الإسرائيلي القاضي بحظر دخول الأخشاب التي يزيد سمكها على خمسة سنتيمترات ومنع دخول مستلزمات الصناعات الخشبية، ومنها مادة مجفف الدهان "هاردنر" دعوة إسرائيلية صريحة لإغلاق منشآتهم وتسريح آلاف العمال العاملين في هذا القطاع الإنتاجي الذي يضم قرابة 700 مصنع وورشة، تعتمد جميعها بشكل أساسي على هذا الصنف من الأخشاب في صناعة وإنتاج الغالبية العظمى من مكونات الأثاث المنزلي والمكتبي.   

ويعرب القائمون على الصناعات الخشبية في قطاع غزة عن استهجانهم وسخريتهم في آن واحد من القرارات الإسرائيلية المتناقضة، ففي الوقت الذي تعلن إسرائيل عن موافقتها على فتح سوقها أمام منتجات قطاع غزة من الأثاث تقوم بمنع دخول الأخشاب، الأمر الذي يعني أن أصحاب مصانع الأثاث لن يجدوا ما يسوقونه إلى السوق الإسرائيلية أو لسوق الضفة، فالمتوفر بين أيديهم بعد القرار المذكور مجرد أخشاب لا تزيد سماكة ألواحها على 25 ملمتراً، وبالكاد هذا النوع من الأخشاب يلبي نسبة 10% من مجمل أعمال مصانع الأثاث وورش النجارة التي ستفقد أيضاً فرصة استفادتها من مناقصات مشاريع الإعمار المتعلقة بتزويد الشقق السكنية بالأبواب.  

وفي أحاديث منفصلة أجرتها "الحدث" حول التداعيات الكارثية المترتبة على منع إسرائيل تزويد قطاع غزة بالأخشاب التي انضمت إلى ما يعرف بقائمة المواد مزدوجة الاستخدام. عبّر وضاح بسيسو أمين سر اتحاد الصناعات الخشبية ورئيس شركة بسيسو للصناعة والتجارة عن دهشته تجاه قيام إسرائيل برفع الحظر الذي كانت تفرضه منذ ثماني سنوات على دخول منتجات قطاع غزة من الأثاث إلى سوقها، وفي الوقت ذاته تقوم بمنع دخول الأخشاب التي يزيد سمكها على 5 سم الى القطاع.

وقال بسيسو: "أعلنت إسرائيل في السابع من الشهر الماضي، حسب ما نشرته جمعية مسلك الإسرائيلية "جيشاه" عن موافقتها على إدخال منتجات قطاع غزة من الصناعات الخشبية إلى سوقها، وفي الوقت ذاته تمنع دخول الأخشاب والعديد من مستلزمات هذه الصناعة، ومنها مادة مجفف الدهان "هاردنر" وهي مادة كيميائية مجففة تخلط مع الدهان، وتعطي ملمسًا ناعمًا وتشطيبات ضرورية للمنتج النهائي، وبالتالي عدم دخول هذه المواد إلى غزة سيقف حائلاً دون تمكين أصحاب الورش والمصانع من إنتاج ما تحتاجه السوق المحلية والخارجية على حد سواء".

 

منع دخول الأخشاب اللازمة لـ80% من منتجات الأثاث

وأوضح بسيسو أن جل مبيعات قطاع الأثاث للسوق الإسرائيلية كانت من أطقم السفرة والصالونات، مبيناً أن هذه المنتجات تعتمد بشكل رئيس على توفر الخشب الذي تزيد سماكته على 5سم، وأن منع إدخال هذا الصنف من الأخشاب يعني وقف إنتاج تلك الأصناف الأساسية والرئيسة من منتجات الصناعات الخشبية، مؤكداً أنه ما لم تقم إسرائيل برفع الحظر المفروض على دخول الخشب لن يكون هناك ما يسوقه قطاع الأثات إلى السوق الإسرائيلية، وكذلك لسوق الضفة، حيث إن الخشب الذي تمنع إسرائيل توريده لغزة يدخل في صناعة 80% من منتجات الأثاث والمنتجات الخشبية اللازمة لمشاريع إعادة الإعمار مثل الأبواب.

 وبين أن قطاع الصناعات الخشبية الذي يعمل فيه بقطاع غزة نحو 700 مصنع وورشة تعتمد على هذا الصنف من الأخشاب ومنه ما يعرف بخشب السويد الذي تزيد سماكته على 5سم؛ لذا فلا يعقل أن يكون لدى غزة هذه الإمكانات من المصانع والورش ونضطر في نهاية الأمر إلى الاستيراد من الأسواق الخارجية منتجات جاهزة.

 وشدد بسيسو على ضرورة مخاطبة الجهات ذات العلاقة كافة، لحمل إسرائيل على التراجع عن قرارها القاضي بمنع دخول الأخشاب إلى غزة، وفي الوقت ذاته أن تتداعى الأطراف الفلسطينية المسؤولة وذات العلاقة للعمل على منع دخول منتجات مستوردة، بما في ذلك منتجات الأخشاب اللازمة للمشاريع الدولية، كخطوة أساسية على طريق تمكين مصانع غزة من العودة للعمل وإعطاء الأولوية للصناعات الغزية؛ كي تستفيد من تسويق منتجاتها لتلك المشاريع وفي الوقت ذاته تستفيد من تسويق منتجاتها لسوقي الضفة وإسرائيل بعد أن سمحت الأخيرة نظرياً بالتسويق لهاتين السوقين، منوهاً إلى أن إسرائيل سمحت لمصانع الأثاث في غزة بتسويق منتجاتها في الضفة منذ شهر نيسان الماضي.

 

توقف آلاف العمال وضياع فرص تسويقية

ونوه بسيسو إلى أنه سيترتب على القرار الإسرائيلي المذكور توقف نحو تسعة آلاف عامل عن العمل، وضياع فرصة تسويقية بقيمة 5 ملايين دولار شهريًا، منها مبيعات بقيمة مليوني دولار إلى الضفة وثلاثة ملايين دولار إلى إسرائيل، لافتاً إلى أنه منذ إعلان إسرائيل موافقتها على استقبال منتجات قطاع غزة من الأثاث لم يتم حتى الآن تسويق أي شحنة لسوقها؛ نظراً لعلاقة هذا الأمر بالقرار المذكور، أما قيمة ما تم تسويقه للضفة، فلم يتجاوز 800 ألف شيقل شهريًا.

من جهته، عدّ مجاهد السوسي رئيس اتحاد الصناعات الخشبية، أن القرار الإسرئيلي القاضي بمنع دخول الأخشاب إلى قطاع غزة يعني القضاء على صناعة الأثاث وإغلاق معظم منشآتها، بخاصة بعد أن أوشكت شحنة الأخشاب الأخيرة التي دخلت القطاع قبل ثلاثة أشهر على النفاد.

قرار استهدف تدمير قطاع الأثاث

وبيّن السوسي أن ما يسمح الجانب الإسرائيلي بدخوله من أخشاب لا يزيد سمكها على 25 ملم، وهي لا تلبي نسبة 10% من مجمل أعمال مصانع الأثاث وورش النجارة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الجانب الإسرائيلي عمد أكثر من مرة إلى منع دخول الكميات المطلوبة من هذا الصنف، حيث من الممكن أن يسمح بدخول شاحنة محملة بخشب 25ملم، وفي الوقت نفسه يمنع دخول 5 شاحنات من الصنف ذاته دون أي مبرر.

واتهم السوسي الجانب الإسرائيلي بالسعي لتدمير وإنهاء قطاع الأثاث والموبيليا وتعطيل المئات من ورش النجارة في إطار الحرب التي يشنها بغية تدمير اقتصاد غزة والزج بآلاف العمال إلى صفوف البطالة.

 وقلل في هذا السياق من صدقية وموضوعية الذرائع الأمنية التي يلجأ إليها الاحتلال لتبرير إجراءاته بحجة استخدام الأخشاب قي بناء الأنفاق، مشدداً بقوله: "حتى لو فرضنا جدلاً صحة الهوس الأمني الإسرائيلي ومخاوفه من إمكانية استخدام الأخشاب في بناء الأنفاق، فما ذنب أصحاب مصانع الأثاث؟! وهل منع دخول الأخشاب سيوقف بناء الأنفاق؟".   

وأشار السوسي الذي يمتلك شركة لإنتاج الأثاث الى أن غزة كانت تستورد قبل عام 2007 ما يتراوح بين 500-700 كوب من الأخشاب بأصنافه المختلفة، منها 90% يزيد سمكها على 5سم، وأن غزة كانت تسوق إلى إسرائيل نحو 10 آلاف كرسي من كراسي ما يعرف بأطقم السفرة شهريًا، مؤكدًا أنه ليست هناك بدائل أخرى أمام غزة لتحصل على الأخشاب اللازمة لصناعة الأثاث من مصادر أخرى غير السوق الإسرائيلية، بعد أن تم إنهاء ظاهرة الأنفاق، وتعطل الجانب التجاري من معبر رفح، واعتماد قطاع غزة كليًا على ما يرد إليها عبر معبر كرم أبوسالم فقط، الخاضع كليًا للسيطرة الإسرائيلية.

وحذر السوسي من خطورة التداعيات الكارثية المترتبة على تعطيل مناقصات مشاريع الإعمار المرتبطة بتوفير أبواب الشقق السكنية إثر القرار المذكور، مؤكدا أن إسرائيل تمنع أيضًا دخول منتجات الأخشاب الجاهزة، مثل إطارات الأبواب والعديد من مدخلات الإنتاج اللازمة لصناعة الأثات، الأمر الذي يجعل هذا القرار بمثابة رسالة لوقف صناعة الأثاث في غزة بحجة المشاكل الأمنية التي ليست لأصحاب الورش علاقة بها.

 

فجوة بين التصريحات والسلوك الفعلي

وكانت مؤسسة "جيشاه" توجهت مؤخراً إلى ما يعرف بمنسق أعمال الحكومة يوآف مردخاي برسالة طالبته بإلغاء قرار منع إدخال الخشب إلى القطاع، وقالت المؤسسة ذاتها التي تعنى بحرية تنقل الأفراد والبضائع: "إن كبار المسؤولين في الجهاز الأمني يصرحون بأنّ ترميم قطاع غزة، هو مصلحة إسرائيلية واضحة، لكن هناك فجوة مثيرة للإحباط بين هذه التصريحات والسلوك الفعلي".

وتضمنت الرسالة شرحًا حول طبيعة الأوضاع في القطاع، وما يشكّله توفر الألواح الخشبية من أهمية في صناعة الأثاث مشيرة إلى أن المنع الشامل الذي فرضته إسرائيل أدى وبشكل فوري، إلى ارتفاع أسعار الأثاث في غزة، وإلى فصل الكثير من العمال في هذا القطاع الصناعي؛ وبالتالي ليس هناك معنى لفتح الأسواق الإسرائيلية أمام منتجات قطاع غزة وبالمقابل اتخاذ خطوات تمنع عمليًا إمكانية إنتاجها".

ونقلت "جيشاه" عن مكتب المنسق قوله: "إدخال الخشب يحتم الحصول على تصريح بما يتفق مع الفحص الأمني، بسبب التخوف من استخدامه لنشاط تخريبي معاد لإسرائيل"، موضحة أن إسرائيل منعت إدخال الأخشاب التي يزيد سمكها على خمسة سنتيمترات إلى قطاع غزة، وقامت قبل شهر بتشديد الأمر عبر منعها إدخال الواح الخشب التي يزيد سمكها على سنتمتر واحد، بادعاء أن الذراع العسكرية لحماس تستخدم ألواح الخشب كبديل لألواح الباطون في بناء الأنفاق.

وأضافت الرسالة "كباقي القطاعات الصناعية في غزة، يواجه قطاع الصناعات الخشبية والأثاث تحديات كبيرة تصعب تسويق منتجاته في السوق الإسرائيلية وذلك نتيجة لسنوات الإغلاق الطويلة ومن أهم هذه التحديات هي الحاجة إلى التعرف مجددًا على السوق الإسرائيلية التي تغيرت مع الوقت، وملائمة المنتجات وأساليب الإنتاج والبيع للأسواق الجديدة، هذا إضافة إلى انتظار انهاء السلطة الفلسطينية لتنظيم عملية إصدار الفواتير الضريبيّة".

وختمت "جيشاه" رسالتها بأنّ إسرائيل مجبرة على إيجاد الوسائل للتعامل مع التهديدات الأمنية التي تواجهها، ولكن القضاء على أحد القطاعات الصناعية الأخيرة المتبقية في غزة ليست إحدى تلك الوسائل.

وفي السياق ذاته، أكدت وكالة الغوث "أونروا" وفق تقريرها الخاص بالوضع الطارئ في قطاع غزة أن حظر إسرائيل لدخول مواد البناء والخشب إلى قطاع غزة، أعاق عملية إعادة الإعمار، حيث أضافت إسرائيل منذ آب الماضي إلى مواد البناء المدرجة على قائمة المواد ثنائية الاستخدام، مثل الحديد والإسمنت والمواد الكهربائية والأنابيب الأخشاب ذات سمك أكثر من 1 سنتيمتر الأمر الذي يعيق جهود إعادة الإعمار خصوصاً بعد الدمار الذي لم يسبق له مثيل في البيوت والبنى التحتية من قِبل إسرائيل وقد أثر منع إدخال الأخشاب بشكل مباشر على الأعمال في منشآت أونروا التعليمية، حيث لم يتمكن المقاولون في غزة من صنع الأبواب والشبابيك والأثاث لمدارس الأونروا، وإن الحظر على إدخال الأخشاب دفع بأونروا للبحث عن بدائل بأثمان باهظة أدت إلى زيادة تكلفة المشاريع".