الثلاثاء  08 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 56| بيع التبغ "بالنفل" ظاهرة ضحيتها القاصرين

2016-02-02 12:06:53 AM
في العدد 56| بيع التبغ
البتغ

القانون موجود يحتاج الى تنفيذ

الحدث – رائد ابوبكر

 

طفل لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، قصير القامة، يحمل حقيبة يبدو انها ثقيلة، دخل احدى الاكشاك الصغيرة ليبتاع سيجارتين بشيكل ونصف، وعلى بعد بضع أمتار من بوابة احدى المدارس في محافظة جنين يجلس مع مجموعة من زملائه الطلبة يشعلون سجائرهم ويدخنونها بشغف قبل ان يضرب الجرس معلنا عن بدء الدوام المدرسي، وبعد انتهاء الدوام يعود ذات الطفل ويبتاع سيجارتين ويتوجه الى مقهى قريب ليحتسي قهوة مع ذات الزملاء قبل ان يعود ادراجه الى المنزل.

ما ذكر سابقا ليست فقرة من سيناريو لمسلسل اجتماعي او مقطع فيديو، بل هي قصة حقيقية لطفل لم يبلغ الحلم أدمن على شرب السجائر، وعند توجيه صحيفة الحدث سؤالا للطفل عن سبب تدخينه السجائر أجاب بكل اختصار "زينة الشاب سيجارته"، وبعد ان اطمئن بعدم اخبار والده عن موضوع تدخينه، بدأ يستعرض كيف تعلم التدخين من خلال رفاق السوء، مشيرا الى ان عائلته يدخنون فلماذا لا يدخن، معربا عن اعجابه بشخصية احد اخوته الذكور واصبح يقلده بكل الأمور حتى بالتدخين.

وأوضح الطفل، انه يأخذ مصروفه اليومي ما يقارب خمسة شواكل، ثلاثة منها لشراء الدخان وما تبقى لشراء ما يحتاجه أي طفل من سكاكر وغير ذلك، مشيرا انه لا يستطيع شراء علبة السجائر لعدة أسباب أهمها غلاء سعرها وعدم القدرة على اخفائها من عائلته التي لا تعرف حتى اللحظة انه يدخن، معربا عن سروره ان هذه الاكشاك تبيع سجائر "نفل" لكي يستطيع الفقراء كما وصف ذلك شراء الدخان.

 

ما هو الدخان النفل او المفرق؟؟؟

والدخان "النفل" هو ما يباع بالسيجارة والسيجارتين، حيث انتشرت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، لتمتد الى نسبة كبيرة من المحلات التجارية والدكاكين والاكشاك لتكون فريستها الاطفال ما دون الثامنة عشرة من أعمارهم، وللفقراء الذين لا يستطيعون ابتياع علب السجائر لغلاء أسعارها، حيث يصل سعر العلبة الواحدة ما بين 20 الى 28 شيكل للعلبة الواحدة حسب نوعها سواء كانت انتاج محلي او اجنبي.

صحيفة الحدث وجهت سؤالا اخر لكن هذه المرة لصاحب الكشك عن سبب بيع الدخان النفل لهذا الطفل وغيره من الأطفال أجاب بازدراء "انا فاتح المحل لأكسب قوت يومي وليس جمعية لحماية الأطفال، فمن يريد الشراء ابيعه وعلى اهله يربوه ويمنعوه"، وأوضح ان بيع الدخان بالسجائر أكثر ربحا من بيعه علب، فالعلبة الواحد تربح ما بين نصف شيكل الى شيكل ونصف بينما بيع الدخان بالسجائر فالربح أكثر يصل الى سبعة شواكل.

أبو سامر صاحب كشك اخر سرد لنا انه كان سابقا يبيع بهذه الطريقة، لكنه في الفترة الأخيرة توقف عن ذلك بعد ان أدمن ابنه الذي لم يصل الخامسة عشرة شرب السجائر، وقال "مثلما أحب الخير لابني فأريد ذلك لأبناء غيري، فبعد ان علمت ان ابني يشتري السجائر النفل تشاجرت مع صاحب المحل الذي باعه وهنا استيقظ ضميري وقررت عدم بيع السجائر بكل أنواعها سواء بالعلبة او بالنفل".

 

انتشار كبير وواضح

وأضاف "يستهين الكثير من الأهالي والمواطنين من ظاهرة تدخين الأطفال دون سن الثامنة عشرة، والتي انتشرت بشكل كبير جدا في مجتمعنا الفلسطيني بين الأطفال بشكل عام وطلبة المدارس بشكل خاص لتصبح هذه الظاهرة هي الأخطر في عالم المراهقين دون أي وعي لأسبابها ونتائجها"، مشيرا الى ان ظاهرة بيع الدخان بالنفل لم تكن موجودة منذ سنوات طويلة لكن بعد ارتفاع أسعار العلب دفع الكثير من البائعين لبيعه بواقع سيجارة او سيجارتين ما سهل وصولها للأطفال.

وأوضح أبو سامر ان من اهم الأسباب التي تشجع الأطفال على التدخين هو غياب رقابة الاسرة، المسؤولة أولا وأخيرا، بالإضافة الى فقدان تنفيذ القانون سواء في المدارس او الأماكن العامة، مشيرا الى ان التجار لهم دور كبير أيضا للمساهمة في نشر هذه العادة اذ ان الكثير من التجار يخترقون القانون ويقومون ببيع الدخان "النفل او المفرق" للأطفال بأسعار منخفضة وفي متناول الطفل اذ ان سعرها يقل عن مصروفه اليومي ويمكنه شراءها، إضافة الى بيع الأطفال دون سن الثامنة عشرة للدخان في الوقت الذي يمنع القانون بيع الدخان لأي طفل دون هذه السن ولأي سبب من الأسباب متذرعين انه ان نبعهم سبيعهم غيرنا، إضافة الى دخول الدخان العربي الى السوق الفلسطينية، الامر الذي دفع الطفل لشراء علبة دخان كاملة بدلا من السيجارة لرخص ثمنها اذ لا يتجاوز سعر علبة الدخان الواحدة من هذا النوع ال 5 شواكل فقط.

المواطن محمود الحنتولي أكد ان بيع الدخان المفرق وانتشار التدخين بين الأطفال اصبحت ظاهرة منتشرة مشيرا الى المسؤول الثاني بعد الاسرة المدرسة والمعلم موضحا ان هنالك قانون يمنع تدخين المعلم داخل حرم المدرسة كي لا يقلده الطلاب الا ان هذا القانون لا يؤخذ به المعظم من المعلمين في المدارس إضافة الى منع التدخين في الأماكن العامة والتي يتجاوز القانون فيها معظم المدخنين على الرغم من وضع لافتات تنبه بذلك في جميع هذه الأماكن.

 

المدارس مضبوطة لان هناك قانون يردعهم

بدورها رئيس قسم الصحة المدرسية في مديرية التربية والتعليم في جنين خيرية حرز الله نفت ان يقوم المعلم بالتدخين في حرم المدرسة، مؤكدة ان الجميع ملتزم بالقانون، ومفروض على الطالب وعلى المعلم أيضا، لكن خارج حدود المدرسة لا سلطة لنا، وأوضحت ان الوزارة تضبط المقاصف داخل المدارس وتمنعها بشكل تام بيع السجائر للطلبة وللمعلمين أيضا، وممنوع تواجد أي نوع من التبغ لكن في المحلات والاكشاك القريبة من المدارس ليس للوزارة أي سلطة عليها ومنعها من بيع السجائر والدخان للمواطنين وللطلبة لكن ان تم ضبط الطالب يدخن خارج حدود المدرسة يتم ابلاغ عائلته لردعه.

وقالت، لو تضافرت الجهود، ونفذ القانون، وقامت الجهات المختصة بضبط التجار الذين يبيعون القاصرين التبغ فالمشكلة جميعها ستحل، لكن الرقابة ضعيفة من قبل الجهات المختصة بالإضافة الى ان سعر التبغ يساعد الطلبة على شرائه.

وحول العقوبات المفروضة على الطالب الذي يضبط وهو يدخن قالت حرز الله، في كل مدرسة هناك انضباط مدرسي، وهو مجلس نظام مكون من لجنة من المعلمين يرأسها مدير المدرسة، فكل مخالفة يرتكبها الطالب له عقوبة، حيث يتم التعامل مع فئتين من الطلبة ،فئة الطلبة من الصف الخامس الى العاشر وفئة الطلبة من الصف الحادي عشر الى التوجيهي، وتكون العقوبة مصادرة التبغ الذي بحوزته، واتلافه امام الطلبة، وإبلاغ ولي الامر، واذا تكررت المخالفة يعطى انذار ويبلغ ولي الامر مرة ثانية، وان تكررت مرة ثالثة المخالفة ينقل الطالب المخالف الى مدرسة خارج تجمعه السكاني، بينما المعلم الذي يضبط وهو يدخن امام الطلبة فعقابه لفت نظر بالإضافة الى عقوبات أخرى حسب سياسة وزارة التربية والتعليم العالي .

وأوضحت، ان الوزارة تعمل دائما من اجل الحد من التدخين منها تعميم على كل المدارس وبشكل سنوي يأنه يمنع منعا باتا التدخين امام الطلبة او ادخال أي نوع من التبغ الى المقاصف المدرسية، بالإضافة الى اطلاق مبادرات تربوية يشارك فيها موظفوا الصحة المدرسية وتنظيم ندوات تثقيفية.

وختمت حرز الله حديثها بالتأكيد على أهمية تنفيذ القانون وفرض العقوبات على أصحاب المحلات التجارية التي تبيع التبغ للقاصرين، مشددة على ان كافة المداس مضبوطة لان هناك قانون يردع، بينما الاكشاك لا رقابة عليها ولا قانون يفرض عليها وبالتالي المطلوب تنفيذ قانون يجرم صاحب المحل التجاري.

 

عقوبات صارمة على من يبيع التبغ للقاصرين

 من جانبه اعتبر وكيل النيابة في الجرائم الاقتصادية في دائرة نيابة جنين ان بيع سجائر التبغ وتوزيعه للأطفال جريمة يعاقب عليها القانون، وكل من يقوم ببيع او توزيع او عرض او الإعلان عن التبغ للأشخاص المذكورين يعاقب وفقا لأحكام قانون مكافحة التدخين رقم 25 لسنة 2005 الحبس مدة لا تزيد عن سنة او بغرامة مالية لا تقل عن 200 دينار اردني ولا تزيد عن 1000 دينار اردني او بإحدى هاتين العقوبتين، مؤكدا ان هذا القانون مطبق في دولة فلسطين، وهناك حالات تم ضبطها وتنفيذ القانون حسب ما هو مشرع، كما انه يحظر لجميع الأشخاص سواء كانوا قاصرين او فوق السن القانوني تدخين أي نوع من أنواع التبغ في الأماكن العامة كالمستشفيات ووسائل النقل العامة.

وفي حال تم ضبط المخالفين قال، يتم تنظيم محضر بحث وتحري وجمع استدلالات وتنظيم محاضر الضبط وتقارير التفتيش اللازمة لأثبات الحالة والكشف عن مرتكبيها وتقديمهم فيما بعد الى النيابة العامة، لاتخاذ المقتضى القانوني بحقهم واحالتهم الى المحكمة وفرض العقوبة عليهم، مؤكدا ان الجهة المخولة للرقابة ومنع انتشار الظاهرة هي الموظفين الممنوحين صفة الضبط القضائي التابعين لجهات انفاذ القانون في وزارة الصحة والاقتصاد الوطني، مشيرا ان العائلة هي من تتحمل المسؤولية وهي اللبنة الأساسية والمدرسة والجهات المختصة وجهات انفاذ القانون ومراكز رعاية الطفولة.

 

لم تردنا شكاوى وعلى الجميع معرفة القانون

 

من جهته قال مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني مكتب جنين الدكتور خليل العارضة، دورنا تطبيق القوانين والتعليمات التي توفر الحماية للمستهلك الفلسطيني من حيث المبدأ، ومن حيث مسألة بيع التبغ هي جريمة بقانون الصحة العامة بحيث يمنع بيع هذه السلعة للقاصرين، وحول مدى رقابتهم على التجار الذين يبيعون التبغ للقاصرين أشار العارضة لم نعمل في هذا الموضوع لعدم ورود شكاوى من المواطنين لان السلعة غير ممنوعه، ولكن لديها اشتراطات لبيعها ولم يكن هناك شكاوى ضد المخالفين الذين يبيعون التبغ للقاصرين.

وأضاف، في حال ورود شكوى حول هذا الموضوع نأخذها على محمل الجد وتحويلها الى النيابة العامة التي تحولها الى المحكمة لاتخاذ المقتضى القانوني بحق المخالف اصولا، مشيرا ان المجتمع يتحمل المسؤولية في انتشار ظاهرة بيع التبغ للقاصرين لعدم معرفتهم بالقانون الذي يجرمه وبالعقوبات المفروضة على المخالف.

دراسات

نسبة التدخين في فلسطين لعام 2014 حسب دراسة أجرتها وزارة الصحة بلغت 22.5% وبالتناسب فان نسبة المدخنين في الضفة الغربية 26.9% وهي اعلى منها في القطاع حيث بلغت النسبة في القطاع 14.5%، واعلى نسبة للمدخنين على مستوى المحافظات هي جنين حيث وصلت النسبة الى 32.3%.

وعن مقارنة التدخين بين البالغين والقاصرين فان الانسان في عمر ال 14 – 15 عاما في طور بناء جسمه وبسبب التدخين تدخل مواد سامة ومغشوشة الى جسمه وفي حين تم ادخال هذه المواد بعد اكتمال النمو فان الضرر اقل، وعن اضراره الصحية للأطفال المدخنين فانهم يتعرضون للعديد من الامراض في سن مبكر منها السرطان والتهاب القصبات الهوائية وضعف في الجسد وانخفاض في القوة الجسدية عند وصوله الى سن 30-40 عاما.