الأربعاء  01 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المواطن الفلسطيني أذكى من "حماس" و"فتح"- رولا سرحان

2016-02-10 02:30:43 PM
المواطن الفلسطيني أذكى من
رولا سرحان

 

كل ما كان خلال اليومين التصالحيين بين حماس وفتح لم يحظ بأي تفاعل شعبي، وإن حظي بشيء منه، كان نصيبه التندر وقلة الثقة بكلا الطرفين.

 

هذه المرة كان الجمهور المتلقي أذكى، وكان المواطن الفلسطيني نبيهاً، واستطاع أن يتعلم من الدرس المكرر للسنة التاسعة على التوالي، والذي يحصل فيه المتصالحون  على علامة صفر.

 

فلم يعد هم الفلسطيني مرتبطاً بما تقوله حماس وما تدعيه فتح، فالمرابطات في الأقصى لم يسمعوا أصلا بأن وفدا تصالحيا غير تشاركي كان في الدوحة، ومنفذ عملية الطعن في نحالين بالأمس لم يسمع نشرة الأخبار عن البيان المقتضب لنتائج الاجتماع، وكل هم الوزراء تحميل صورهم الشخصية عن إنجازات بلا مضمون على الفيسبوك، وإجراء تنقلات وتصفية حسابات، والمواطنون العاديون من أصحاب الوقت يحاولون التأكد من أن محمد عساف ما زال على قيد الحياة بعد فسخ خطبته من الجميلة لينا القيشاوي. أما معيلو الأسر فهمهم تأمين أقساط الجامعات، وفواتير الماء والكهرباء، وتسديد قرض السيارة والمنزل، والتخلص من نكد المدير العام، والتملق للحصول على ترقية ضمن حفنة الترقيات الأخيرة للعسكرين والمدراء العاميين. أما ربات البيوت فهمهن أن لا يخونهن أزواجهن، وإفراغ جيوبهم، والتأكد من عدد السعرات الحرارية في مقلي البطاطا، وأن لا تحترق طبخة الغداء على رأسها ولو كلف الأمر احتراق المصالحة بالقائمين عليها.

 

الهم الفلسطيني مختلف تماما عن هم حماس وفتح، فقد نجحت النخبة الجسروية في سياسة تفسيخ العلاقات التراتبية المجتعية، فيسعى الساعي لتخفيف همه المنفصل والمنعزل تماماً عن الهم العام أو الهم الوطني، إلا من رحم ربي ليصبح كل من ينادي بالإصلاح، أو يوجه نقدا بناء، من أصحاب الأجندات الهدامة اللعينة، المغضوب عليه دنيا وآخرة.

 

إن المخيف أن يتحول الوضع الحالي من انقسام، إلى مصلحة شخصية للطرفين، وأن يصبح لدى المواطن العادي قناعة راسخة بأن الأمر عادي وطبيعي، حينها تكون النازلة والمصيبة لأن التغيير في الوضع القائم سيكون أكثر صعوبة مع مرور الوقت، إن لم يكن ضربا من ضروب المستحيل.

 

نيتشة يقول: "الاعتقادات الراسخة هي عدوة الحقيقة واكثر خطرا من الأكاذيب، وكل مبدع يحاول ان يخرج من استبداد الجماعة  ويعري عورتها سيكون مآله الحصار والقمع".