الخميس  25 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ذى فيدراليست: لماذا يُحقق بوتين نجاحات سياسية خارجية أكثر من أوباما

2016-02-19 06:51:45 AM
ذى فيدراليست: لماذا يُحقق بوتين نجاحات سياسية خارجية أكثر من أوباما
صورة كارتونية للرئيس الأمريكي أوباما والروسي بوتين

 

الحدث- ترجمة آية السيد

مترجم عن ذا فيديراليست تحت عنوان Why Vladimir Putin’s Foreign Policy Is More Effective Than The United States’s.

 

إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في طريقه للسيطرة على غرب روسيا. لقد كان يدعم كل الميليشيات الإيرانية والشيعية المختلفة والقوات العلوية التابعة للرئيس السوري بشار الأسد بقاذفات مقاتل. 

 

في الشهور المقبلة, من المرجح أن بوتين سيحقق مراده بأن يصبح حكماً للشام – راسماً حدود كردستان, وسني-ستان, وشيعة-ستان, وكذلك أدوار الدول في المنطقة, مع إقصاء الأمريكيين.

 

إنه يفعل هذا عن طريق التمسك بعناصر النجاح السياسي-العسكري التي نساها خصومه الأمريكيين أو لم يتعلموها أبداً, وهو ما يقدم لنا ما يشبه الدورة التنشيطية في هذه الأمور.

 

إن بساطة الإستراتيجية الروسية وترابط الإجراءات السياسية والعسكريةالتي تستخدمها روسيا لتطبيق هذه الإستراتيجية تتناقض مع الطبيعة المتفرقة والمتناقضة ذاتياً للسياسة الأمريكية والعمليات السياسية-العسكرية. سوف يزداد هذا التناقض وضوحاً خلال الستة أشهر المقبلة.

 

ينبثق نجاح بوتين من تركيزه على مصلحة روسيا في تأمين نفوذ ممتد في مفترق الطرق في منطقة المتوسط بين أوروبا والشرق الأوسط. وحيث أن حرب العالم الإسلامي بين السنة والشيعة تحتدم الآن في الشام, وحيث أن قاعدة طرطوس البحرية الروسية تتمركز في المنطقة العلوية (وهي فرع من الشيعة) من سوريا, فإن تأمين مصلحة روسيا كان يجب أن يبدأ بالتأكد من أن الجانب الشيعي سيسيطر على هذه المنطقة دون إضطرابات. لكن تأمين هذه المنطقة, من هضبة الجولان إلى الحدود التركية بين البحر المتوسط ونهر الفرات, يحتاج أيضاً إستيعاب مصالح إسرائيل في الجنوب والحصول على تعاون الأكراد في الشمال.

 

فلاديمير بوتين لديه وضوح إستراتيجي

 

كان هذا ممكناً لأن بوتين, مُدركاً أن الناس يحاربون فقط من أجل ما يريدونه لأنفسهم, إختار أن يدخل المعركة بشكل صريح وغير قابل للنقض إلى جانب الشيعة. لكن لزومية الدعم العسكري المعاير بحرص الذي تقدمه روسيا للجانب الشيعي يحد مما تستطيع أن تفعله.

 

علاوة على ذلك, في 2015 منح بوتين  العلويين ما إحتاجوه لكي ينجزوا ما رغبوا بفعله بشغف – في منطقة المصلحة الروسية. في 2016, أضحى يفعل الشيء نفسه للأكراد في القطاع الخاص بهم من تلك المنطقة. لنفس الأسباب, استطاع أن يطمئن إسرائيل إنه لن يُسمح لإيران بإستغلال تدخل روسيا في الإعتداء على هضبة الجولان أو تطويقها.

 

مع ذلك, هذا الوضوح والترابط الإستراتيجي يفترض مقدماً عداء مساوي ومضاد للدول السنية – لتركيا بشكل مباشر, وأيضاً للسعودية وقطر – وكذلك للقضايا والجماعات السنية بصورة عامة, لا سيما داعش. إن المدى الذي ينوي بوتين أن يأخذ إليه هذا العداء يعتمد بشكل كبير على المدى الذي يعارض به هؤلاء خطته الإستراتيجية. في النهاية, الجهاديون السنة يشكلون تهديداً على الهيمنة الروسية في آسيا الوسطى. 

 

في حالة تركيا, العداء هيكلي. ببساطة شديدة, تركيا هي المصدر المباشر والجارف للدعم اللوجيستي للقضايا السنية في الشام – لداعش, وكذلك أيضاً لكل جماعات “المتمردين السنة” الأخرى. لذلك, منذ البداية, قضت العمليات العسكرية المدعومة من روسيا على التهديدات السنية لمعقل العلويين عن طريق قطع خطوط الإمداد التي تجري شمالاً في تركيا. لقد أوشكت هذه المهمة على الإنتهاء.

 

إن تكتيكات روسيا – كل قنبلة, وكل هجوم – تقدمت خطوات تجاه هدفها  بغلق الحدود التركية أمام القوات السنية. مع ذلك, إتمام ذلك الهدف يحتاج الآن إلى العمل بشكل وثيق مع وحدات حماية الشعب الكردية في المنطقة الحدودية. بالتالي, الهدف السياسي الرئيسي لروسيا في النصف الأول من 2016 هو توطيد تلك العلاقة. هذا ممكن بشكل متزايد لأن علاقة هؤلاء الأكراد مع الولايات المتحدة تنطوي على الكثير من المشاكل.

 

على عكس الحكومة الأمريكية, بوتين ليس لديه علاقات مع تركيا تمنعه من منح الأكراد ما يحتاجونه لكي يسيطروا على الحدود, وهو ما يصب في مصلحتهم ومصلحة روسيا بنفس القدر. بمجرد أن يحرس حلفاءها الحدود التركية, سوف تصبح روسيا سيدة الهلال الخصيب بلا منازع, بينما ستصبح الولايات المتحدة غير ذات صلة هناك.

 

السياسة الأمريكية غير مترابطة

 

دعنا الآن نفكر في التناقض: تعقيد السياسة الأمريكية يحاذي التناقض الذاتي وعدم الترابط بين عملياتها وأي مفهوم للنجاح.

 

إن السياسة الأمريكية لا تلاحق أي هدف والذي, إذا تحقق, سوف يخدم مصلحتها بطريقة مماثلة لتلك التي ستُخدم بها روسيا إذا أصبحت حكم الهلال الخصيب. إن رغبة الكثير من صناع السياسة الأمريكية بمنع إيران من أن تصبح المهيمنة على المنطقة ليست مؤهلة. إذا كانت هذه أكثر من رغبة واحدة ضمن أمور أخرى, لم تكن الحكومة الأمريكية ستحول 100 مليار دولار تقريباً لإيران وتسهل تجارتها أو تتعاون مع إيران لمحاربة داعش في العراق.

 

لنفس الأسباب, إذا تعاملت الحكومة الأمريكية مع القضاء على داعش أو تأمين الهيمنة على المنطقة لنفسها كما يتعامل بوتين مع أهدافه, فإنها ستتعامل مع شركاءها المحليين – الأتراك, السعوديين, والحكومات العراقية, والأكراد والميليشيات بجميع أنواعها –بصفتها الطرف المهيمن وليس الطرف التابع. ينتهي الأمر بالحكومة الأمريكية بعدم تركيزها على مصالحها الخاصة لإنها تخلطهابمصالح الشركاء المحليين. وهكذا فإنها تخلط الوسيلة بالغاية.

 

لقد جعلت السياسة الأمريكية “الإستقرار” – الحفاظ على وحدة أراضي دول المنطقة – غاية في حد ذاته, ومن ثم فإنها تضحي بالعلاقات المثمرة مع الجماعات العرقية والدينية الفردية التي تشكل الشرق الأوسط. ولكونها أصبحت آخر مدافع عن الحدود والأنظمة التي تثور الشعوب المحلية ضدها, ينتهي الحال بأمريكا شبه متحالفة مع الحكومات التي تصبح عاجزة بصورة متزايدة ومتنازعة داخلياً, وأيضاً مع الجماعات العرقية والدينية الملتزمة جزئياً بالأهداف الأمريكية مثلما الحكومة الأمريكية ملتزمة بأهدافها.

 

 بسبب غياب التركيز على مصالح أمريكا, استندت السياسة الأمريكية بشدة على الجانب السني في الحرب السنية-الشيعية فيما تحاول مكافحة الجهادية السنية التي تمثل داعش أحد تجلياتها. لكن إلتزام الحكومات التركية والسعودية والقطرية, بمحاربة مقومات تكوينها السياسي مبهم في أفضل الأحوال. إضافة لهذا, إنها تمتلك أولويات أخرى.

 

على سبيل المثال, الحزب الحاكم في تركيا, وهو جزء لا يتجزأ من جماعة الإخوان المسلمين, كان ولا يزال يرعى جميع أنواع القوات السنية في سوريا والعراق. يبدو أن شغله الشاغل هو الحرب على الأكراد. يطلب المسئولون الأمريكيون من الأتراك أن يغلقوا الحدود أمام داعش. ويجيب عليهم الأتراك, بنفاق, بإنهم قد فعلوا ذلك ويطالبون الأمريكيين بأن يقطعوا المساعدات التي يقدموها للأكراد الذين, كما يقولون, يستخدمون أسلحة أمريكية في الأعمال الإرهابية داخل تركيا.

 

على الرغم من أن الحكومة الأمريكية لا تمتلك أدلة على هذا وأن الأكراد هم القوة البرية الفعالة الوحيدة ضد داعش, إلا أن الولايات المتحدة ترفض إمدادهم بأسلحة ثقيلة ودعم تحركهم بإتجاه الغرب لغلق الحدود التركية. بإختصار, عند مواجهتهم بالإختيار بين متابعة غاية على الأرض ودعم حليف صوري, يختار المسئولون الأمريكيون الخيار الأخير.

 

نفس الشيء صحيح بالنسبة للعراق, حيث أصرت الحكومة الأمريكية أن تحارب قوات البشمرجة الكردية بأسلحة مشاة خفيفة ضد تنظيم داعش المُسلح بمجموعة كاملة من الفرق الأمريكية المدرعة التي هجرها الجيش العراقي. كل هذا, لإرضاء حكومة بغداد التي تسري أوامرها فقط على السكان الشيعة. في الوقت نفسه, مع ذلك, يثير المسئولون الأمريكيون إستياء نفس هذه الحكومة عبر محاولتهم لإقصاء الميليشيا الشيعية التي تحظى بإقبال كبير من الحرب على داعش وعبر محاولة جعل الجيش العراقي أكثر وداً تجاه السنة.

 

العمليات العسكرية الأمريكية تستدعي بصورة مماثلة الإحتقار والسخط. مع الإستثناء الجزئي للدعم الجوي المباشر الذي قدمته الولايات المتحدة للقوات الكردية في جبهة الموصل/أربيل وفي منطقة كوباني/الفرات, كانت الهجمات الجوية الأمريكية تدور حول إستنزاف المنشآت الثابتة, بهدف تقليل الخسائر البشرية. لا يوجد أي شعور بأن سلسلة الهجمات أ, يتبعها هجمات ب, وج, إلخ, ستؤدي إلى أي نجاح تشغيلي مثل القضاء على داعش أو حتى عزله, ناهيك عن تحقيق أي هدف إستراتيجي.

 

إن إخفاقات هذا التعقيد, والخلط, والفتور – على عكس أسلوب عمل بوتين – سوف تؤدي بمؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية أن تراقب الفصل الدراسي الحالي في مدرسة بوتين, وتدون ملاحظات.