الأربعاء  01 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حكومة الرعاية لا حكومة النهاية-رولا سرحان

2016-03-06 04:33:06 PM
حكومة الرعاية لا حكومة النهاية-رولا سرحان
رولا سرحان

 

لا أعرف كم مرة سمعت في ظل إضراب المعلمين المستمر للأسبوع الرابع على التوالي، تصريحات رسمية من قبيل "من أصحاب الأجندات"، "لهم أجندة"، "حراك مسيس"، "مؤامرة لإسقاط الحكومة"، "مؤامرة رباعية الأطراف"، "محاولات لتخريب المشروع الوطني"، "مؤامرة خارجية"، "مؤامرة داخلية بحسابات سياسية"، "مؤامرة داخلية بحسابات شخصية".

 

جميعها عبارات مُشوَّهةُ مشوِّهة للعلاقة بين الحكومة وأطياف الشعب ومكوناته، وتصب جميعها في سياق واحد، أن أجندة الحكومة تختلف عن أجندة من ليسوا وزراء فيها أو ليسوا معها، وهي لا تعكس إلاّ ثقافة شمولية- صنمية، تقوم على منطق الربح والخسارة، "الأنا والآخر"، الـ "مع وضد"، وهو بؤسُ الشعب بحكومة قروسطوية (أي من القرون الوسطى).

 

أما الأجندات، فالتهمة فيها، أن تكون بلا أجندة، وبلا خطة عمل، وبلا رؤية مستقبلية واضحة، وبلا استراتيجية وطنية طويلة الأمد، وهو تماماً ما تفتقر إليه الحكومة الحالية؛ لافتقارها لمنظومة كاملة من الشفافية.

 

فلسنا نعرف إلى اليوم ومنذ اليوم الأول لتشكيلها في عام 2013 ما هو "برنامج عمل الحكومة"، وإلى أين تتجه بنا، فلا وثيقة مكتوبة بإمكان الباحث أو النائب أو الإعلامي أن يطلع عليها. حتى الخطة التقشفية، لترشيد النفقات الحكومية وزيادة الإيرادات، لا نعرف أين نجدها، وهل هي مكتوبة، وما هي ملامحها، وكيف بالإمكان الحصول على نسخة منها، وما هي أوجه الصرف وبنود الترشيد، وهل نكتفي بالبيان الصحفي الصادر عن الحكومة بخصوصها. وإن عدنا إلى الوراء قليلاً، نلاحظ أيضا أن الحكومة لم تقدم حتى خطة 100 يوم، وذلك بينما نحن على مشارف الاحتفال بالذكرى الثالثة على التوالي للحكومة الحالية – وذلك إن تجاهلنا طبعا استقالات رئيس الوزراء غير المفهومة، واستقالات وزراء آخرين خلال تلك السنوات- حينها سيكون قد مضى على 100 يوم أكثر من 1000 يوم ويوم.  

 

وإن كان مجلس الوزراء قد فهم الصمت السائد علامة للقبول والرضى، فإن فهمه ليس على قدر المقصود، لكنه مبرر، لأنه لم يعش تجربة المساءلة والرقابة على أدائه، ولا يعرف معنى الاستجواب، أو السؤال، أو المتابعة الصحفية، فالمجلس التشريعي قد هلك أو أُهلِك، والصحفييون يتحدثون بما لا يكتبون أو ينشرون، والنخب تعترض في السر لتحافظ على مصالحها في العلن، فكيف لمن انقطع عنه الماء ولا يعرف معنى التيمم أن يصلي صلاة صحيحةً مقبولة.

 

وفي ظل ديمومة الاختلاف الذي يقال عنه إنه "هدام"، وفي ظل تركيبة معدمة اقتصاديا وسياسياً، وفي ظل التردي المقنع والصريح للمركبات المجتمعية والاجتماعية، تكون كل المكونات الموضوعية جاهزة وليس ينقصها سوى خيميائي مبتدئ ليشعل فتيل انفجارها.

 

فلنتحلى جميعنا بالحكمة وبتقبل النقد ولتكن الحكومة حكومة الرعاية لا حكومة النهاية!