الحدث- محمد غفري
من بين أهم القرارات التي اتخذتها الحكومة الحالية، قرار "المعاملة بالمثل"، في رد واضح وصريح على الاحتلال لمنعه منتجات 5 شركات فلسطينية من الدخول إلى مدينة القدس المحتلة.
وكان مجلس الوزراء قد قرر في جلسته الأسبوعية التي عقدها، أمس الثلاثاء، في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، منع إدخال خمس شركات إسرائيلية وهي (شركات الألبان تنوفا وشتراوس وتارا، وشركة زغلوبك للحوم، وشركة تبوزينا للمشروبات) وتكليف الجهات المختصة بإنفاذ هذا القرار ابتداءً من تاريخه، مع مراعاة تحديد مدة كافية لاستنفاذ مخزون منتجات هذه الشركات المتوفر حالياً في السوق الفلسطيني.
وفي الوقت الذي رحب فيه عدد من المواطنين بقرار الحكومة، وما له من تأثيرات ايجابية على الاقتصاد الفلسطيني، يرى آخرون آن الأمر يأتي في سياق طبيعي وأنه يجب أن يتم اعتماد سياسية المعاملة بالمثل، كنهج أساسي في التعامل مع الاحتلال.
هل بالإمكان ضبط السوق لتنفيذ القرار
الصحفي الاقتصادي محمد خبيصة قال: "إن خطوة المعاملة بالمثل كانت خطوة إيجابية، فالشركات الفلسطينية تخسر بسبب وجود المنتج الإسرائيلي في السوق المحلي، لكن الأهم من ذلك أن تكون مقدمة لمجموعة من القرارات الجريئة اللاحقة الأخرى."
وأضاف: "لكن ما أخشاه هو عدم تمكن الحكومة من الاستمرار في قرارها، وأشك أن تكون قادرة على الاستمرار فيه لأكثر من أسبوعين كحد أقصى، كما أشك أن يكون لديها المقدرة على ضبط الأسواق الفلسطينية بمنع منتجات المستوطنات."
موضحاً أن: "الضابطة الجمركية تحتاج إلى تنسيق أمني لكي تتمكن من الدخول إلى القرى لمنع تداول هذه المنتجات."
قرار صحيح وعلى الشركات الوطنية الاستفادة منه
من جهتها قالت المواطنة منار عاروري، إن قرار الحكومة "قرار صائب 100%، وأن على الشركات الوطنية الفلسطينية الاستفادة من قرار المنع لزيادة كفاءتها التسويقية لتحل محل المنتجات الإسرائيلية الخمسة التي تم منعها من دخول السوق الفلسطيني."
وأردفت العاروري بالقول: "مع ذلك، يجب أن نصارح أنفسنا، وأن نصارح شركاتنا الوطنية بضرورة العمل على تغيير الصورة النمطية السائدة بحق المنتج الوطني، بأنه أقل جودة من المنتج الإسرائيلي، حتى لا تكون هناك أية حجة من قبل المواطنين بأن المنتجات الإسرائيلية هي أفضل."
قرار يجب أن يؤسس لمراجعة الاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي
من جهته عبر فخر الرنتيسي، عن أمله بأن يؤسس قرار الحكومة لنهج مقاطعة شاملة لبضائع ومنتجات الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف: "يجب أن يؤسسس هذا القرار لمراجعة شاملة لكافة الاتفاقات والبروتوكولات الاقتصادية مع الاحتلال، وما أعنيه تحديداً بروتوكول باريس الاقتصادي، فقد آن الآوان لننعتق من التبعية الاقتصادية للمحتل."
وأردف بالقول: "أعتقد ان هناك مسؤولية أخلاقية حتمية على الحكومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في مقاطعة منتجات الاحتلال، التي تعود بضرائب تصب بشكل أو بآخر في موازنة دولة الاحتلال التي يشكل الامن جزء لا بأس فيه من موازنتها ".
قرار المنع يشبه قرار مسيرة الملح
تعود قصة مسيرة الملح إلى أوائل عام 1930 حينما أعلن غاندي أنه سيقود مسيرة تمثل أول حركة عصيان مدني باصطحاب جماعة من مؤيديه للعمل على إلغاء قانون الملح الذي رفع ضريبة إنتاجه لصالح التجار الإنجليز.
وطالب غاندي الحاكم المستعمر حينها برفع هذا الظلم الواقع على شعبه، مهدداً إنه ما لم يفعل فإنه (أي غاندي) سيخرج في مسيرة تهدد أمنه.
لكن الحكومة أهملت إنذار غاندي ولم تعره اهتماما، فقام غاندي يوم 12 مارس 1930 ومعه 79 فردا بمسيرة قطعوا فيها مسافة قدرها 300كم استمرت لبضعة أسابيع متواصلة لم يستريحوا فيها إلا يوم الإثنين من كل أسبوع؛ وذلك من أجل هدف محدد، وهو إعدام الملح المستورد!
وسرعان ما انتشر خبر هذه المسيرة في كل أرجاء الهند؛ حيث صمم الهنود على استخراج الملح من البحر، ومقاطعة الملح الإنجليزي؛ تطبيقاً لنصيحة غاندي صاحب وأول منفذ لتلك الفكرة الذي سجن بسببها لمدة عام كامل!
وما نحتاجه الآن من الحكومة، وبناء على الآراء التي ساقها المواطنون أعلاه، هو وضع آليات لتطبيق القرار، والوصول إلى كافة المناطق للحول دون تسرب بعض المنتجات إلى السوق الفلسطيني، والتأكد من أن الحكومة ستكمل "مسيرة الملح" التي بدأتها.