الحدث- آيات يغمور
لعل الغالبية تمتلك في مخيلتها مجموعة من المواصفات والمعايير في فتاة أحلامه أو فارس أحلامها، وعندما يجد أو تجد شريك الحياة الذي يتطابق مع تلك القائمة الطويلة، التي وضعها الشباب أملا في الوصول إلى السعادة، فإن القائمة سرعان ما تتهاوى ويسقط منها شرطٌ تلو الآخر.
شعورٌ بالإحباط، وليد قائمة الأحلام، سندريلا فلسطينية وفارسها سوبر مان، بعد عرس طويل، وشهر عسل قصير، تبدأ الحياة تنثر مطباتها هنا وهناك، اختباراً لصدق المشاعر، لقوة الروابط، لترى من هو الشريك الحقيقي ولتنتهي قصة ذاك الفيلم الهندي!
تبدو الفئة العمرية المتحكم الأساسي في محتويات القائمة، فمن هن أو هم دون العشرين، تكون قائمتهم فحواها صفات شكلية، مظاهر ولباس، حلي وعطر، هيئة جسدية معينة تروق لهم هي التي تطغى على القائمة وتترأسها.
وفي سنوات الدراسة، تصبح الاهتمامات والأولويات التي ترفقها ويرفقها الشباب، حسب مستوياتهم الفكرية، فمنهم من يصبح أكثر مادية، وآخرون أكثر روحية.
وبعد التخرج أو العمل، يصبح سقف التوقعات وقائمة الأحلام أضيق فأضيق، فمع ازدياد التجارب الحياتية، تتقلص القائمة وتصغر، لتصبح أكثر تحديداً، وفيما لو كانت الحياة قد فتحت أبوابها للبعض، فإن قائمتهم ستتلون بألوان وردية، وإذا ما أغلقتها في وجوههم، فسرعان ما تصبح القائمة قاتمة اللون معتمة تكاد لا ترى منها شرطاً ولا حرفاً!
ومن هنا تبدأ الحياة لعبتها مع أصحاب المواصفات، شبان وفتيات، صغيرات أو ناضجات، وهنا ذهبت "الحدث" لتتفحص هذه القوائم، وترصد اختلافها سلباً أو إيجاباً ما بعد الحب والخطوبة، لتقتحم عش الزوجية.
ومن المهم بمكان، أن ننوه للقراء ذكوراً وإناثاً، ممن يخالفونا الرأي أو يوافقونه، بأن الفئة التي نتحدث عنها هي تلك التي تكتب في قوائمها أحلاماً صعبة التحقيق، أو وهمية، أو حتى حقيقية ولكنها باتت مستحيلة بسبب اختيار شريك غير مناسب.
من المقابلات ما كانت خجولة كتومة، ومنها من كانت صريحة صادمة، لكنها وبالتأكيد رسمت علامات استفهام عديدة على أسباب تغير قائمة مواصفات سندريلا وأميرها!
*هذه القصص من وحي الواقع، رغم سلبيتها إلا أن ضوء "الحدث" سُلّط عليها لأخذ العبر من الواقع بعيداً عن المسلسلات الكرتونية أو الأفلام الهندية.
كنت قد ملأتها بأحلام عديدة، لكني وضعت قائمتي جانباً وتمسكت بكلمة وجدتها الأصدق والأهم، أحبكِ، كانت كافية لتمحوَ ما رسمته لنفسي من مخططات مستقبلية، وكأن قائمتي تبخرت! ولم أتفحص "فارسي" جيداً فيما لو كان يتناسب مع القائمة أم يخل بشروطها!
وبعد الزوجية، عدت إليها محبطة بمشاعر سلبية، تمنيت لو تمسكت بها وبأحلامي الحقيقية، ولم تقتصر طموحاتي على حب لم أختبر حقيقته ولم أضمن بقاءه من زواله.
طويل وأسمر، عيونه واسعة وشعره بني ناعم، حلو الكلام ودائم السؤال، يحدثني 24 ساعة طوال، كنت الأولى في حياته إلى ما انتقلنا إلى بيتنا واصطدمنا ببابه وبفواتيره، فلم يعد يكثر الكلام بقدر القلق، ولم يعد يحدثني سوى عن الطبيخ والأولاد، فباتت الحياة مشاغل، وأصبحت اهتماماتنا مختلفة، واعتلت قائمتي غباراً لم أنفضه منذ حين، فالمواصفات التي وضعتها لم تكن لتكون حقيقة، فهي أقرب للحلم من النبوءة.
بشعري الطويل، وبلباسي المميز، أسلوب حياة كان قد جعل من فارسي يجثو على ركبته طالباً أن أنظر إليه بعيني سندريلا! وبعد أن ألقيت بتلك النظرة على فارسي.. وجدته قد امتطى حماراً لا فرساً! وجلب معه عباءة سوداء ليخبئني في بيته، الذي لم أعد آبه إذا ما كان قصراً أم عشاً، غيرني فلم أعد أتعرف على نفسي.
بت أخجل من قائمتي وأطلب من نفسي أن أسامح سندريلا على فعلتها لكي تنال رضى فارسها الأمير، فلا بارك الله بقصص سندريلا والأمير، التي أطاحت بأحلام الفتيات وحولت أفكارهن لتتمحور حول حصان أبيض وقصر كبير!
هذا الفارس الذي تزوجته كان بارعاً في لعب دور الأمير، وفشلت أنا في أن أكون سندريلا، فلم أكن في طفولتي قد أحببتها أبداً، ولم أكن أطمح بأن أعيش في قصر أو أن أمتطي وفارسي حصاناً! كنت قد وصلت إلى مرحلة أثق بها في نفسي وأعتز بأفكاري.
وكانت قائمتي لي وحدي ولم يكن فيها فارس، كانت من أجلي أنا، وضعتها كي لا أنسى خطوة ولكي أستمر في الصعود، إلى أن سحب حبل أفكاري لص على حصان، أراد أن يكون لي أميراً، ليعيد رسم القائمة حيث يعتليها، فيكون هو الأول وأحلامي في القاع، لا طموح لا عمل، فقط فارس يحب أن يكون علي أمير!
لست روسية شقراء! ولست برازيلية ذات سمار برونزي، ولا أملك عيوناً نرويجية، ولا بياضاً أوروبياً، أنا سندريلا النسخة العربية، بشعري الأسود وعيوني البنية، وفارس أحلامي عندما وضع ناظريه علي كان يعلم أن سندريلا خاصته ليست ذاتها النسخة الأجنبية، لكنه كان فارساً عنيداً، أراد النسخة الأجنبية بطباعها العربية، أراد أن أكون سجينة قصره بعيدة عن العيون، لا أفعل شيئاً سوى أن أصبغ شعري أشقراً وأحاول أن أكون أكثر نحافة وجاذبية، لأشبه سندريلا الأجنبية! بت حبيسة قصرٍ رهينة أميرٍ مُصرٌ على تغيير ملامحي لعل وعسى أن أنول رضى أمير عربي شرقي يظن نفسه عنترَ ولا يراني كما كان يرى عنتر الصحراء عبلة!
فسحقاً لحب لا يتقبل الذات ويرنو إلى تغييرها، فلا دام حبٌ على مظهر! ولا عاش فارسٌ عربيٌ على حصانٍ ينوي أن تصبح عبلته سندريلا تفصيل.
هؤلاء هن سندريلا فلسطين، لربما هناك قصص لسندريلا أكثر سعادة، ولكنه الواقع الذي وصفن، وكانت الحدث مجرد وسيط بين حكاياتهن وأحلامهن، لعل وعسى تصبح فتياتنا أقل هوساً بقصص الأمير ذي الحصان الأبيض!