الخميس  15 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 64| الشهداء يعودون هذا الأسبوع.. "احملوا أنتم الفكرة ودعوا الجسد للأهل"

2016-05-24 12:25:58 AM
في العدد 64| الشهداء يعودون هذا الأسبوع..
الشهداء يعودون هذا الاسبوع

 

الحدث- محمد غفري

مضى نحو 220 يوماً ولم ينعم جثمان الشهيد ثائر أبو غزالة من مدينة القدس المحتلة حتى اليوم بدفئ تربة الأرض المقدسة، فهو محتجز في ثلاجات الاحتلال الإسرائيلي منذ تاريخ 8/10/2015، إلى جانب جثامين 13 شهيداً فلسطينياً من شهداء الهبة الجماهيرية، تواصل سلطات الاحتلال احتجازهم دون أي مبرر يذكر.

 

ومع بداية الهبة الجماهيرية (انتفاضة القدس) مطلع أكتوبر العام الماضي، شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسياستها العقابية لجثامين الشهداء وعائلاتهم، تمثلت باحتجاز جثامين منفذي العمليات أو من قتلتهم متسترة بهذه الذرائع في ثلاجتها على درجات حرارة متدنية جداً، حتى تناوب على هذه الثلاجات أكثر من 60 شهيداً فلسطينياً.

 

وطوال الفترة الماضية جرت عدة جولات شد وجذب بين الأهالي وسلطات الاحتلال، تم خلالها تسليم عدد لا بأس به من جثامين الشهداء كان جلهم من شهداء الضفة الغربية، إلا أن القضية وصلت إلى طريق ضيق عندما انخفض عدد الشهداء المحتجزين إلى 9 شهداء، وعاود ليرتفع مجدداً إلى 18 شهيداً، وما عزز من ذلك آنذاك قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتياهو عندما أعلن وقف التسليم.

 

المماطلة تدفع إلى مغامرة قانونية

قرار نتنياهو وسياسة المماطلة وانفراد الاحتلال بعائلات الشهداء الذين ناضلوا غالبية الوقت منفردين، دفعهم إلى البحث عن متنفس قانوني بالتوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وتقديم التماس يسرع في قضية تسليم الجثامين، وهو ما وصف بالمجازفة الجريئة، إذا ما جاء القرار برد الالتماس.

 

محامي مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان محمد محمود، قدم بدوره بالنيابة عن أهالي الشهداء هذا الالتماس للمحكمة العليا للمطالبة بتسليم الجثامين. وعقدت الجلسة الأولى للنظر في الالتماس بتاريخ 18/4/2016 وتأجلت إلى ما بعد انتهاء الأعياد اليهودية.

 

عقدت جلسة المحكمة الثانية يوم 5/5/2016 وسبقها بيوم واحد قرار جديد من مكتب نتنياهو بما أسماه إعادة صلاحية تسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين لذويهم إلى يد وزير الجيش ووزير الأمن الداخلي، لذلك أوصت المحكمة العليا بأن يتم تسليم تسعة من جثامين شهداء القدس المحتجزة بشكل تدريجي ومتواصل وأن تبذل شرطة الاحتلال كافة جهودها على أن يتم التسليم قبل شهر رمضان. كما أوصت المحكمة بأن يتم إعلام عائلات الشهداء بموعد التسليم قبل 48 ساعة لكي يتسنى لهم القيام بالترتيبات اللازمة.

 

هو انتصار للإرادة

نتائج جلسة المحكمة ورغم الإجراءات المشددة التي تم التوافق عليها قبل أن يتم تسليم جثمان أي شهيد، والمتمثلة بدفع غرامة مالية مقدارها 20 ألف شيقل، وعدد محدود من المشيعين بعد منتصف الليل، اعتبره أهالي الشهداء انتصاراً لنضالهم طوال الفترة الماضية، حيث دون الناطق باسم عائلات الشهداء المحتجزين المحامي محمد عليان عبر صفحته على الفيس بوك عقب قرار المحكمة بلحظات: "هو انتصار للإرادة".

 

 

وحول الموافقة على الشروط دوّن والد الشهيد بهاء محمد عليان في مرة ثانية كلمة عن الشروط المذلة: "هذا ما استطعنا انجازه في المحكمة، إن كان إنجازاً فهو لكم، وإن كان إخفاقاً فهو لنا، ولكن أعتقد أننا إذا لم نتمكن من حمل الجسد على آلاف الأكتاف فإننا نستطيع حمل الفكرة، احملوا أنتم الفكرة ودعوا الجسد للأهل، القبر ينتظر الجثمان والوجع".

 

بعد المحكمة سلّم الاحتلال 5 شهداء.. في انتظار البقية

ومنذ قبول التماس الأهالي لدى المحكمة العليا، سلمت شرطة الاحتلال حتى اليوم كل من: الشهيد محمد نمر (37 عاماً) من قرية العيسوية بعد احتجاز استمر 181 يوماً، والشهيد معتز عويسات (16 عاماً) من بلدة جبل المكبر واستمر احتجازه لأكثر من سبعة أشهر، والشهيدة فدوى أبو طير (51 عاماً) من بلدة أم طوبا واحتجزت في ثلاجات الاحتلال نحو شهرين، والشهيدان بشار مصالحة (22 عاماً) من محافظة قلقيلة وعبد الرحمن رداد (17 عاماً) من محافظة سلفيت بعد احتجازهما لأكثر من 70 يوماً.

 

 وفي السياق، قال محامي مؤسسة الضمير محمد محمود: "إن دفن الجثمانين بعد احتجاز دام أشهر، والذي تم دون أحداث تذكر، سيساعد في استمرارية تسليم الجثامين المحتجزة قبيل شهر رمضان الفضيل، وفق توصية المحكمة العليا الإسرائيلية".

 

وأشار إلى أن احتجاز الجثامين في ثلاجات الاحتلال كان له أثر على وضعية الجثمان، وحالته، ولكنهما دفنا في النهاية بشكل لائق.

 

الشهداء يعودون هذا الأسبوع

الأحداث الأخيرة برمتها أعادتني إلى مجموعة "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" للكاتب والروائي الجزائري الطاهر وطار، عندما تحدث عن انبعاث الشهداء إلى الحياة من جديد، فعودة الشهداء هذه المرة إلى حياة البرزخ من صقيع جليد الثلاجات وإن طالت، ما هي إلا رسالة نضالية لنا تأسس لمرحلة جديدة في مواجهة المحتل، من أجل الاستمرار بالمطالبة باسترداد مئات الرفات من جثامين الشهداء المحتجزة في مقابر الأرقام منذ عقود.

 

وحتى يعود الشهداء هذا الأسبوع أو ما يليه من الأسابيع نحن ما زلنا في انتظار شهداء الهبة الجماهيرية، من القدس المحتلة: الشهيد ثائر أبو غزالة (19 عاماً) من البلدة القديمة (أقدم الشهداء المحتجزين)، والشهيد الطفل حسن مناصرة (15 عاماً) والشهيد عبد المحسن حسونة (21 عاماً) من بلدة "بيت حنينا" شمال المدينة، والشهيد بهاء عليان (22 عاماً) والشهيد علاء أبو جمل (33 عاماً) من بلدة "جبل المكبّر" جنوب شرق المدينة، والشهيد فؤاد أبو رجب التميمي (21 عاماً) من قرية "العيساوية" إلى الشرق، والشهيد محمد أبو خلف (20 عاماً) والشهيد محمد الكالوتي (21 عاماً) من بلدة "كفر عقب" شمالي المدينة، والشهيد عبد الملك أبو خروب (19 عاماً) من مخيم "قلنديا".



أما الشهداء من الضفة الغربية فهم، الشهيد عبد الفتاح الشريف (21 عاماً) من الخليل، والشهيد عبد الحميد أبو سرور (20 عاماً) من بيت لحم، والشهيد الطفل إبراهيم صالح طه (16 عاماً) والشهيدة مرام صالح طه (23 عاماً).

 

وتعتبر مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، أن قرار الاحتفاظ بالجثامين لأكثر من 7 شهور فيه مس بكرامة الشهداء وعائلاتهم، وإهانة للمعتقدات الدينية للمجتمع الفلسطيني. وهو عقاب جماعي يستهدف عائلات الشهداء، كما من شأنه منع التحقيق في ملابسات الإعدام خارج نطاق القانون، ومنع إجراء عمليات تشريح لتبين ملابسات الاستشهاد.

 

تجدر الإشارة أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل احتجازاها لرفات 268 جثماناً محتجزاً في مقابر الأرقام (بعضهم منذ عقود)، و19 جثماناً تم احتجازها في العدوان الأخير على قطاع غزة.

 

ومع انتصار هذه القضية العادلة واسترداد جثامين شهداء الهبة الجماهيرية بعد وضعهم للمحتل في قفص الاتهام، بات لزاماً علينا أن نتحرك في مساحة أوسع لاستعادة البقية المحتجزين منذ سنوات، طالما امتلكنا سلاح الإرادة وطول النفس مدعمين بالحق الأخلاقي والقانوني، كما فعل محمد عليان والبقية.

 

* كافة البيانات الواردة في التقرير أعلاه حتى تاريخ إعداده صباح يوم الأحد 22/5/2016.