الإثنين  06 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 68 | سجال جامعة الأقصى يُهدد مستقبل الطلبة والموظفين

2016-08-16 07:37:59 AM
 في العدد 68 | سجال جامعة الأقصى يُهدد مستقبل الطلبة والموظفين
جامعة الأقصى

 

طلبة: حُرمنا من التسجيل في الجامعة الأقل رسومًا بسبب تدخلات السياسة في التعليم

موظفون: وقعنا فريسة للمناكفات السياسية

زياد ثابت: نُرحب بأي مبادرة لحل أزمة الجامعة بشكل رسمي وقانوني

 

الحدث- محاسن أُصرف

 

مُجددًا تصدرت قضية جامعة الأقصى في غزة، واجهة المناكفات بين وزارة التربية والتعليم العالي في رام الله وغزة، فكلما اتخذت الأولى قرارًا اتخذت الثانية قرارًا مضادًا فتلك تُعين وتقطع رواتب إداريين وأكاديميين، وهذه تُجري تنقلات تعسفية، وبينهما يتوه الطالب والموظف على حدٍّ سواء في غياهب الخلاف الذي يبدو سياسيًا بامتياز.

 

وكانت وزارة التربية والتعليم العالي في رام الله عيّنت رئيس مجلس الأمناء بالجامعة د. كمال الشرافي، قائمًا بأعمال الرئيس ورأت بضرورة اعتماده لشهادات الخريجين، وفي خطوة تصاعدية قررت سحب الاعتراف بشهادات الطلبة الجدد إن لم تعترف إدارة غزة به، وهو ما اعتبرته الأخيرة غير منطقيًا ولم يُعمل به في الجامعات العالمية أن يُصادق مجلس استشاري مهمته مراقبة التعليم على شهادة التخرج، وأكدت على لسان الوكيل "زياد ثابت" أن وزير التربية والتعليم لا يملك الصلاحيات التي تُخوله من اتخاذ قرار تعيين رئيس للجامعة، وأن من يملك الصلاحية فقط رئيس الدولة، وشدد أن من يترأس مجلس أمناء الجامعة ولا يُمكنه وفقًا لنظام مؤسسات التعليم العالي أن يجمع بين منصبين في الجامعة مُعتبرًا القرار غير قانوني، كما رفض إجراء الوزارة بقطع رواتب 13 موظف بين أكاديمي وإداري لاعتبارات شخصية وحزبية.

 

"الحدث"  في التقرير التالي تقف على حيثيات أزمة جامعة الأقصى وتُبصر كيف ستؤثر على مستقبل الطلبة.

 

الطلبة .. مستقبل في مهب الريح

 

وضعت تلك الخلافات مستقبل ما يزيد عن 27 ألف طالب على المحك، خاصة أولئك الذين في سنوات دراستهم النهائية وكذلك الطلبة الجدد الذين عبروا لـ"الحدث" عن خشيتهم من التسجيل بالجامعة بعد أن أعلنت وزارة التربية والتعليم في رام الله عدم اعترافها بشهاداتهم الجامعية، وأكد بعضهم أنهم لم يُؤكدوا التسجيل واتجهوا لجامعات أخرى رغم ما تُقدمه من ميزات، إذ تُعد من أكبر الجامعات التي تجذب الطلبة وذويهم في قطاع غزة للالتحاق بها نظرًا لانخفاض رسومها الدراسية مُقارنة بالجامعات الحكومية والخاصة الأخرى.

 

تقول أسماء الأسطل: "إن استمرار المناكفات بين التربية والتعليم في رام الله وغزة يُشكل خطر على حياتنا التعليمية ويُهدد مستقبلنا العلمي والمهني"، وأضافت متسائلة: "هل ستذهب سنوات دراستي السابقة هباءًا؟ من المستفيد من هذه البلبلة؟ ولماذا يُزج بالعملية التعليمية في إطار المناكفات السياسية؟ وطالبت الأسطل التي تدرس السنة النهائية بقسم الأحياء، بضرورة الوصول إلى حلول تُخرج الطلبة من عنق الزجاجة الذي وضعوا فيه"، واستكملت بالقول: "لا يُمكننا كطلبة أن ندفع فاتورة الخلافات السياسية بين الجامعة والوزارة"، وتأمل الطالبة عدم مساس أي من طرفي الانقسام بمصالح الطلبة".

 

أما الطالبة ياسمين نبيل التي حصلت على شهادة الثانوية العامة هذا العام، أكدت لمراسلة "الحدث" أنها عزفت عن التسجيل في جامعة الأقصى والسبب – وفق ما أوضحت- سحب وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية برام الله الاعتراف رسميًا من الجامعة، وقالت: "حُرمت من الجامعة التي تمنيت الدراسة فيها كونها الأقل رسومًا بين الجامعات الأخرى بسبب تدخلات السياسة في التعليم"، وأضافت أن العديد من زميلاتها أيضًا عزّفن عن التسجيل خشية على مستقبلهن.

 

وكان وزير التربية والتعليم د. صبري صيدم، قد أصدر مُؤخرًا قرارًا بعدم الاعتراف بشهادة الطلبة الجدد المنتسبين لـجامعة الأقصى بإدارتها الحالية في إطار الضغط على المتنفذين بالقرار في الجامعة بغزة بالعدول عن تدخلاتهم والالتزام بقرارات الوزارة ووكيلها د. صالح بصري فقط، الأمر الذي اعتبره د. زياد ثابت وكيل وزارة التربية والتعليم في غزة "غير قانوني" و"غير وطني" وطالب بضرورة العدول عن القرار وفتح أبواب الجامعة للطلبة.

 

انهيار نسب التسجيل

 

وبسبب المناكفات الدائرة حول الاعتراف بشهادة خريجي الجامعة الجدد من قبل وزارة التربية والتعليم العالي برام الله، وفي ظل استمرار التعليم في غزة رفض قرارات رام الله وعدم السماح لرئيس الجامعة ممارسة مهامه، عانت الجامعة هذا العام من انهيار نسب التسجيل مقارنة بالسنوات الماضية.

 

وكشف مصدر خاص لـ "الحدث"، أن نسبة تسجيل الطلبة الجدد لم تتجاوز 500 طالب للعام الدراسي (2016-2017) مؤكدًا أن ذلك مؤشر خطير في ظل أن المعدل الطبيعي للتسجيل كانت تتراوح بين (3-4) آلاف طالب سنويًا، وأضاف المصدر – الذي فضل عدم ذكر اسمه- أن عدد كبير من الطلبة المسجلين لم يُؤكدوا تسجيلهم مُرجحًا أن يكونوا قد توجهوا لجامعات أُخرى، وبيّن أن هناك مخاوف كبيرة من انسحاب بقية الأعداد في ظل احتدام المناكفات بين وزارتي التعليم في رام الله وغزة.

 

من ناحية أخرى شدد المصدر على ضبابية مصير موظفي الجامعة الإداريين والأكاديميين، وقال: "لا نعرف إلى أي اتجاه نسير"، وأضاف أن حملة التنقلات التعسفية التي تقوم بها الوزارة بغزة مؤشر خطير جدًا، مطالبًا بالتزام الأطراف المتناحرة المصلحة العامة للموظفين والطلبة على حدٍّ سواء وعدم العبث بمستقبلهم المهني والتعليمي.

 

وردًا على ذلك، أوضحت وزارة التربية والتعليم في تصريح صادر عن مدير عام العلاقات الدولية والعامة بها، "معتصم الميناوي"، أن قرار سحب الاعتراف من الجامعة ودعوة الوزارة في رام الله للطلبة الجدد بعدم التسجيل فيها "غير مهني ولن يتأثر به الطلبة" مُشيرًا إلى أن عدد كبير التحق بالجامعة وأقسامها المختلفة -دون أن يُحدد الرقم ليتسنى لنا مقارنته بنسب التسجيل في الأعوام السابقة- ، وأضاف في التصريح الذي وصل "الحدث" نسخة عنه، : "أن كافة أمور الجامعة وأمورهم قانونية، وشهادة الجامعة حكومية ولها حق التوظيف والاعتراف" وفق قوله. وبيَّن أن قرار التعليم في رام الله باعتماد شهادة الخريجين فقط من قبل د. كمال الشرافي الذي عُيِّن مؤخرًا رئيسًا للجامعة "لا قيمة له" وعزى ذلك إلى أن التوظيف والعمل للطلبة سيكون في غزة التي تعترف بالشهادة ودعا الطلبة لعدم الالتفات لتلك التهديدات، خاصة وأنها باتت متكررة من قبل وزارة التعليم في رام الله وقال:"إن الخلافات القائمة سياسية ولا علاقة للجامعة بها".

 

الموظفون فريسة المناكفات

 

وأقدمت التربية والتعليم في غزة على نقل ثلاثة أكاديميين بشكل تعسفي من الجامعة إلى كليات أُخرى في القطاع، بعد اتخاذ الوزارة في رام الله قرار بحجب رواتب اثنين من الأكاديميين الموجودين في جامعة الأقصى.

 

وأكد الأكاديميين الثلاثة الذين تقرر نقلهم في أحاديث منفصلة، رفضهم الإجراء والتزامهم بكلياتهم في الجامعة لافتين أنهم استطاعوا حشد الكادر الأكاديمي والإداري في الجامعة للتضامن معهم، وقال محمد أبو عودة أحد الأكاديميين المنقولين بشكل تعسفي  إلى كلية فلسطين التقنية بدير البلح وسط قطاع غزة:"إن عملية النقل كانت ردًا على رفض الأكاديميين قرارات التعليم في غزة باعتبارها منافية للقانون"، وأضاف أنهم ملتزمون بمرجعيات الجامعة المتمثلة في وزارة التربية والتعليم العالي التي يقودها الوزير صبري صيدم، وبيّن أن أزمة الجامعة يُمكن أن تُحل بتطبيق القوانين والأنظمة التي أقرها مجلس الأمناء، لافتًا أن ما يقوم به تعليم غزة داخل جامعة الأقصى التي أرسى معالم بنائها الشهيد الرئيس ياسر عرفات يأتي في إطار خدمة أهدافها الشخصية والحزبية بعيدًا عن المصلحة العُليا للطلبة.

 

وذات الرأي أكد عليه الأكاديمي أيوب الدلو الذي واجه قرارًا بالنقل من قبل وكيل وزارة التربية والتعليم في غزة، زياد ثابت إلى كلية العلوم والتكنولوجيا في خان يونس، وقال أنه يرفض القرار معتبره غير قانوني وأضاف أنه سيبقى ملتزمًا في كلية العلوم بجامعة الأقصى، مُتحصنًا بالقانون الذي لا ينص على نقل أي محاضر دون موافقته أو موافقة الوزير التي تتبعه الهيئة التي يعمل بها. وبيّن أن النقل إجراء تعسفي يتوافق مع الأهواء الحزبية والشخصية التي تخدم المتنفذ بالنقل.

 

وبدوره أكد وكيل وزارة غزة د. زياد ثابت، أن عملية النقل لم تكن تعسفية وجاءت من باب المصلحة العامة، في ظل وجود مخالفات واضحة، وبيّن أن عملية النقل تتم وفق المصلحة العامة من صاحب العلاقة، وأشار أنها إجراء طبيعي من مؤسسة التعليم العالي إلى مؤسسة أخري تتبع لها، في حين رأي المسؤول وجود ذلك الشخص يعطل مصلحة المؤسسة، وفي المقابل أكد د. أنور زكريا، الوكيل المساعد لشؤون التعليم العالي أن عمليات النقل تمت دون أسس قانونية ودون اعتماد ومصادقة ديوان الموظفين العام في رام الله باعتباره الجهة القانونية التي يتم النقل عبرها، وأوضح أن عملية النقل شملت أيضًا معلمين من مدارس ووزرات للتدريس بجامعة الأقصى وهو ما يُعد مخالفة فنية، وحول صحة ما أُثير بأن قرارات النقل كانت ردًا على حجب رام الله لرواتب اثنين من الأكاديميين في غزة أقر زكريا بذلك وقال: "من يُخالف القانون طبيعي أن يُجمد راتبه لحين التوصل إلى حل لقضيته وهو ما حدث"، وأضاف أن الوزارة تبحث عن حل للأزمة حرصًا منها على مستقبل الطلبة ومصير الجامعة.

 

يُذكر أن أكثر من 500 موظفا في الهيئة الإدارية والأكاديمية بجامعة الأقصى يتقاضون رواتبهم من الحكومة الفلسطينية في رام الله، وباتوا يخشون على مصيرهم المهني في ظل سيطرة التربية والتعليم التابعة لحماس بغزة على الجامعة وفرض قرابة 450 من عناصرها ككوادر على إدارات الجامعة الأكاديمية والإدارية.

 

مبادرات لإنهاء الأزمة

 

وللخروج من حلق الضيق في أزمة الجامعة قدمت العديد من الجهات الوطنية والفصائلية مبادرات لحل الأزمة إلا أن أحدًا منها لم يُوافق عليه حتى الآن، وتُشير إحدى المبادرات التي قدمها الأكاديمي رمضان بركة، إلى ضرورة الاحتكام للقانون الأساسي رقم 4 لعام 2009 الذي يُنظم عمل الجامعات وتطبيقه بلا أي مواربة، ومنح مجلس أمناء الجامعة صلاحياته المخولة له ضمن القانون وبدون أي اجتهاد أو تدخل للبحث عن التمركز حول الذات الحزبية، بالإضافة إلى افساح المجال للوزارة كسلطة سيادية وبالتشاور مع مجلس الأمناء على تعيين رئيس للجامعة على قدر من المسئولية المهنية والعلمية والإدارية ويتمتع بقبول لدى الكل  الفلسطيني، كما شدد على ضرورة البت في قضايا الموظفين المقطوعة رواتبهم والعمل على إعادتها وتحييد العلمية التعليمية بكافة أذرعها من موظفين إداريين وأكاديميين وعمال وطلاب الخلافات السياسية.

 

فيما رأى د. أحمد يوسف ضرورة الاتفاق على تشكيل لجنة وطنية من خمسة أشخاص يتمَّ الاتفاق والتوافق عليهم من الفصائل (الجبهة الشعبية وحركة الجهاد والجبهة الديمقراطية)، وواحدا من المستقلين أو منظمات المجتمع المدني، وآخر من رجالات الإصلاح، للتحرك لحل المشكلة، على أن يُسلم الطرفان، فتح وحماس، بقرار الحلِّ الذي تخرج به اللجنة، التي يتم اعتمادها – أيضًا - من قبل الرئيس محمود عباس، ويكون قرارها الذي تخرج به ملزمًا للجميع، ويُصدِّق عليه الرئيس.

 

وعلى صعيد الموقف الرسمي من تعيين رئيس للجامعة قال زياد ثابت: "إن وزارته في غزة تُرحب بتعيين رئيس للجامعة بشكل رسمي وقانوني، بالإضافة لتعيين مجلس استشاري للجامعة "مجلس أُمناء" الخاص بالجامعات الحكومية"، وأكد أن تأمين وضمان حقوق موظفي جامعة الأقصى هو الأساس لحل مشكلة الجامعة.