الأربعاء  16 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث" | غزة تحت الحصار والسياحة الداخلية في عمار

2016-09-20 03:45:33 PM
خاص
بحر غزة

 

 

الحدث- ريم أبولبن

 

"السياحة الداخلية في قطاع غزة قد شهدت تحركاً نشطاً منذ عام 2007"، أي منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع بأكمله، وهذا الوصف حسب ما ذكر مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة ماهر الطباع، قد يميز قطاع غزة عن غيره من المدن والمحافظات الفلسطينية الأخرى، بحكم الظروف السياسية والاقتصادية التي يعيشها أهالي المنطقة.

 

غزة مجبرة على الترفه

 

 فلا بديل لديهم سوى التسابق لحجز منتجع سياحي أو "شاليه" أو الترفيه في الملاهي العامة، وهذه الأماكن تشهد ازدحاماً كبيراً في الأيام العادية، فكيف كانت الحركة السياحية في عيد الأضحى لهذا العام؟

 

في كل الدول، قد يكون خيار السياحة الداخلية هو أمر ثانوي، ويستمتع به وفق رغبة الفرد، ومقتصر على أيام العطل والإجازات، ولكن في قطاع غزة يجبر الفرد يومياً على التمتع وقد تجذبه ولو لساعات قليلة بجمال المنتجع السياحي وخدماته، ولكنه بالمقابل يعود لينغمس داخل صندوق أسود يحاصره ولا منافذ له. وقد يكون المنفذ الوحيد.. هو البحر فقط.

 

" لو فتح معبر رفح في العيد الأضحى، لسافر نصف أهالي غزة للخارج" هذه أمنية كل "غزي" وفي كل يوم. وهذا ما أكده الطباع في حديثه لـ" الحدث ".

 

وقال الطباع: "قبل حصار غزة كان هناك فقط إثنان من المنتجعات السياحية، ولكن الآن هناك العشرات منها، بجانب المئات من المطاعم والشاليهات، لذا فهي المتنفس الوحيد لأهالي القطاع، وقد شهدت هذه الأماكن إقبالا كبيراً في عيد الأضحى، فلا يوجد متنفسٌ آخر".

 

وأضاف الطباع: "قطاع السياحة الداخلية في قطاع غزة، قد نما بشكل ملحوظ، ومن خلال الاستثمارات الكبيرة التي كانت تستثمر لبناء الأماكن الترفيهية والعامة في المنطقة".

 

أكثر من مليون شيقل عوائد حفلات العيد

 

وفق ما ذكر خبراء الاقتصاد، فإنَّ العوائد المالية على قطاع غزة لموسم العيد هذا العام، قد وصلت قرابة المليون شيقل، وتضم عوائد حفلات العيد، والملاهي والأماكن الترفيهية العامة وكذلك الفنادق "والشاليهات التي تمتد من شمال القطاع إلى جنوبه".

 

ولكن حسب ما ذكر الخبير الإقتصادي معين رجب لـ" الحدث"، فإنه لا تتوفر حاليا قيمة واضحة لحجم العوائد المالية خلال عيد الأضحى ولا يمكن حصرها بسهولة، وبحسب الوضع الإقتصادي العام في القطاع فقد تصل العوائد المالية للأماكن الترفيهية وتحديدا في عيد الأضحى لأكثر من مليون شيقل.

 

ادفع واحصل على الترفيه

 

وأضاف رجب: "الخدمات الترفيهية هي أشبه بالسلعة العادية، حيث يدفع الفرد الأموال لكي يحصل على الترفيه، وهذا تحديداً ما يحدث في قطاع غزة"، وضمن الوضع الاقتصادي الراهن فقد يحتاج أهالي القطاع لميزانية أخرى مخصصة للترفيه فقط.

 

وبالحديث عن أهمية السياحة الداخلية، قال رجب: "السياحة الداخلية في غزة هي جزء لا يتجزأ من الدورة الإنتاجية والاقتصادية فيها، فهي تنشط الاقتصاد، وتوفر فرص العمل، وتمنح صاحب المكان مبالغ طائلة يدفعها المواطن كي يحصل على الخدمات، وكلٌّ يدفع حسب متسوى دخله، وجزء كبير من المواطنين لا يستطيعون تحمل تكاليف التمتع بالمنتجعات وحتى الأماكن العامة، ونحن نتحدث عن 2 مليون نسمة".

 

24 ساعة مقابل 1000 شيقل

 

"500 شيقل هو متوسط أجرة الشاليه للتمتع فقط على مدار 12 ساعة في اليوم الواحد"، هذا ما أكده رجب في حديثه لـ "الحدث" وما أشار اليه أصحاب الشاليهات الخاصة في غزة.

 

وقال صاحب الشاليه أحمد عطاونة لـ "الحدث": "الإقبال على الشاليه في عيد الأضحى لم يتجاوز 55%، وهذه النسبة قد تراجعت مقارنة مع موسم الأعياد في السنوات السابقة".

 

وأضاف: "500 عائلة تشكل ما نسبته 17% من قطاع غزة، وهذه العوائل تحديداً هي المحرك الرئيسي للسياحة الداخلية وبشكل دائم، بينما نسبة الذين يتنشطون سياحيا في الأعياد والمناسبات 33 % فقط، أما من يبحثون فقط على لقمة عيشهم فترتفع نسبتهم في غزة لتصل 50%، ونشاطهم السياحي ضعيف جداً".

 

وقال عطاونة أثناء حديثه عن أسعار حجز الشاليه: "من أراد التمتع ليوم واحد عليه دفع راتب كامل أي 1000 شيقل".

 

ومن لا يستطيع دفع هذا المبلغ، فقد تكون وجهته الأخرى هي البحر؛ ليدفع 50 شيقل لنصب الخيمة على الشاطئ. ولكن كيف يستطيع من يبحث عن لقمة عيشه وهم يشكلون 50% من قطاع غزة أن يدفع 50 شيقل فقط للترفيه عن نفسه؟

"30 شيقل الحد الأدنى للترفيه في المنتجع السياحي" هذا ما أشار اليه صاحب إحدى المنتجعات السياحية في قطاع غزة عرفات أبو كريم. وقال لـ"الحدث": "قد يُطلب من الزبون دفع 30 شيقل مقابل تناول بعض السكاكر ووجبة الطعام، وهناك بعض العائلات لا يستطيعون دفع هذا المبلغ البسيط رغم انخفاض السعر".

 

وأضاف أبو كريم: "أعرف الكثير من الأصدقاء ممن يعملون ويحصلون على 20 شيقل يوميا، وبهذا فإن الفرد الواحد يحصل على 600 شيقل شهرياً، هل ستكفيه؟ وإن أراد تناول وجبة العشاء في احدى المطاعم وتحديداً في عيد الأضحى عليه دفع 150 شيقل كحد أدنى".

 

5شيقل والأطفال مجاناً

 

 5 شواقل لا تعني الكثير للبعض، ولكن هناك نسبة كبيرة من المواطنين لا يستطيعون تأمينها، أملاً في إسعاد أطفالهم في العيد، وهذا ما أكده خبراء الاقتصاد لـ " الحدث"، وكذلك مدير العلاقات العامة في إحدى ملاهي غزة إسكندر أبو سمرة.

 

وقال أبو سمرة "هذا العيد يختلف عن كل الأعياد وفيه ينخفض النشاط السياحي، لأن الموظف قد صرف ميزانيته على شراء الملابس لأطفاله مع قدوم موسم المدارس، غير أنه تكلَّف بدفع ما يقارب 300 دينار لشراء الأضحية".

 

الحالة في قطاع غزة، لا تتوقف عند الحصار السياسي وما ينتج عنه من أثر نفسي، فهي تمتد لتضعف القطاع الاقتصادي والسياحي أيضاً، فكيف لك أن تخرج من واقع أسود دون أن تجابه الواقع ذاته؟ وهنا لا تتبدد محاولات أهالي القطاع في التنفيس عن ذاتهم، ولا مجال لديهم سوى أن يتأملوا فرجاً قريباً.