الأحد  28 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الطلقة الأخيرة/ بقلم: باسم خوري

2016-10-02 04:07:31 PM
الطلقة الأخيرة/ بقلم: باسم خوري
باسم خوري

 

كتب "الدبلوماسي" الإسرائيلي، المولود في الولايات المتحدة، والذي يشغل الان منصب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، دور جولد كتابه الشهير "مملكة الكراهية" عام ٢٠٠٣، الذي فصل به تاريخ الحركة الوهابية وحلفهم مع آلِ سعود، وتاريخ دولتهم الأولى التي قضى عليها إبراهيم باشا عام ١٨١٩، والثانية والثالثة (الحاليّة)، وركز في كتابه على ما وصفه "وحشية" هذه الدول الثلاث، وعلى المبالغ الكبيرة التي صرفتها المملكة منذ ١٩٦٠ وحتى اليوم في دعم ونشر الفكر الوهابي وتفسيراته "المتشددة" للإسلام في كافة بقاع الأرض، والتي قدرها يترليون (ألف مليار) دولار. تطرق الكتاب أيضا إلى بن لادن والقاعدة و"انحرافهم" عن الخط، عند تحولهم من كونهم رأس الحربة في محاربة السوفيت إلى "متطرفين وإرهابيين تجاوزوا كل الحدود، و"تجرأوا" على حليفتهم الولايات المتحدة، واقترفوا  جريمة ١١ سبتمبر.

 

لقد صوت مجلس الشيوخ الأمريكي قبل يومين للمرة الثانية على اعتماد قانون محاسبة السعودية الذي يتيح لأهالي ضحايا أحداث ١١ سبتمبر مقاضاة السعودية طلبا للتعويض. لقد قام الرئيس أوباما بنقض هذا القانون إذ رفض التوقيع عليه عند صدوره في المرة الأولى، ولكن نتيجة التصويت الثاني ملزمة ومفاجئة، إلى حد ما، إذ حاز القرار على أصوات الجميع عدا صوت واحد وحيد، وهكذا أصبح القانون نافذا.   

 

أول تداعيات هذا الموضوع هو وضع اليد المتوقع خلال فترة وجيزة على قرابة ال٨٠٠ مليار دولار وهي أصول وممتلكات السعودية في الولايات المتحدة. و"أول الغيث قطرة" كما يقال، إذ تشير التقديرات، قياسا على قضايا مشابهة، بأن تعويض كافة المتضررين يحتاج إلى ٣،٥٠٠ مليار، أي مبلغ ١،٢٠٠ مليون دولار للضحية! (لماذا الاستغراب؟ الإنسان عندهم غالي وليس بلا ثمن كما هو الحال عندنا). وهكذا ستبقى السعودية مديونة لعقود قادمة، وسيرهن النفط حتي  سداد الدين!! 

 

هذا القرار الأمريكي هو بمثابة الإعلان عن انتهاء الحلف السعودي الأمريكي الذي أبرم رسميا عام ١٩٤٥ عندما التقى الملك عبد العزيز آلِ سعود الرئيس الامريكي روزفلت على ظهر السفينة الحريية في قناة السويس، واتفق بموجبه على "تأمين أمن المملكة، ودعم حكم آلِ سعود" مقابل حصول الأمريكين على "تدفق آمن للنفط" .

 

 من المعروف أن العصر الحجري لم ينتهي عند انتهاء الحجارة من العالم، بل انتهى بسبب التطور في استعمال المعادن بدل الحجارة. كذلك الحال مع النفط، إذ سينتهي عصره مع تطور تكنولوجيا الطاقه البديلة، والتي لا تضر بالبيئة ولا تسبب الاحتباس الحراري. الانخفاض الكبير في كلفة الطاقة المنتجة من الرياح والشمس والمياه والتطور التكنلوجي الذي سمح للولايات المتحدة الاستفادة من نفطها الصخري دفعت باتجاه الاستغناء عن حلفاء الأمس.

 

لقد صمت الغرب لعقود وتغاضى عن أفعال الوهابيين والجهاديين ومن يدور في فلكهم، بل ذهب البعض إلى أن الغرب شجع وسلّح ومكن هذا التيار، ما دامت ضحايا الاقتتال المذهبي والتكفير والقتل والسبي والتطهير العرقي بعيده عنهم، وما دام المدمر مناطق وحضارات وشعوب وثقافات الشرق "المتخلف". أما التمادي والهجوم على عقر دار الغرب وضرب نيويورك وواشنطن وباريس ولندن فهو خارج عن الحد ويقتضي الرد.

 

لقد أطلقت الولايات المتحدة رصاصة الرحمة على حليف الأمس، الذي شجع على العمل "خارج النص"، ومن ثم تمت شيطنته بكافة السبل والأشكال. لم ينفع السعودية كل الخدمات التي قدمتها عبر العقود الماضية للغرب. وبالتالي لن تنفع السعودية الهرولة صوب إسرائيل من خلال التصريحات وزيارات "الجنرال" أنور عشقي إلى "الصديق" دور جولد، ولن ينفعها اللهث وراء إرضاء اليهود من خلال إصدار فتاوى كتلك التي أطلقها الشيخ صالح المغامسي، والتي يدعي فيها أن الله "في القرآن"  أعطاهم  بل "أورثهم" أرض الشام وفلسطين ؟؟!!.

 

ما الذي يدفع يهود العالم وإسرائيل أن يدافعوا عن كيان يترنح وعلى شفا الإفلاس والتمزق؟؟ إن تداعيات إفلاس وتدمير السعودية على الشرق الأوسط كبيرة جدا، بدأ من تسريح ملايين العاملين وصولا إلى تغيرات محتملة في الخرائط تعيد رسم العديد من الحدود.

 

إن إعاده تأهيل إيران وقبولها كلاعب إقليمي بعد الاتفاق النووي معها، ورفض إيران للمقترح السعودي الأخير المتعلق بإنتاج النفط وأسعاره، والتدخل الروسي في سوريا وعاصفة السوخوي التي بدأت منذ سنة بالتحديد، يشير إلى خارطة التحالفات المُحتملة المقبلة.