الثلاثاء  30 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وطنية فتح بين الماضي والحاضر/ بقلم: تيسير الزّبري

صريح العبارة

2016-11-22 09:32:32 AM
وطنية فتح بين الماضي والحاضر/ بقلم: تيسير الزّبري
تيسير الزبري

 

على أبواب المؤتمر السابع لحركة "فتح"، ولأنها العمود الفقري في الحركة الوطنية الفلسطية، ولأن ما يصيبها من شر يصيبنا جميعاً، وما تحققه من انتصار وطني فإنما يصب خيراً لنا جميعاً؛ لأنها كذلك فالجميع ممن هم خارج " فتح"، أو من هم على أطرافها يكتبون عن هذا الحدث والذي – شئنا أم أبينا– سوف ينعكس على الحالة العامة الفلسطينة خيراً أم شراً .

 

أنا لم أختر أسلوب الناصح للذاهبين إلى المؤتمر، وبالتأكيد لن أكون من الشامتين بالحركة إذا ما أصابها مكروه، وخاصة إذا كان مصدر الأذى من أبنائها قبل أعدائها. أتابع ما يكتب وليس من حقي أن أدخل في نقاش أبناء الحركة، ولكنني عدت إلى محطات تاريخية كان لها الأثر الأكبر في حياتي الشخصية، وفي تربيتي الوطنية وتبلور البنيان السياسي الفلسطيني.

 

بعد عامين من بدايات انتمائي الحزبي إلى إحدى الحركات القومية الناصرية تعرفت في أول تجربة لي في أحد السجون العربية على بعض أبناء فتح؛ من الذين شقوا الطريق نحو الحرية بأجسادهم وأظافرهم، وهم أول من سيّروا الدوريات القتالية إلى فلسطين المحتلة، وحينها بدأت أقارن بين ما سمعناه من تحريض على حركة "فتح" باعتبارها (حركة تريد التوريط واستباق المعركة القادمة من الجيوش العربية ...!! ) وبين هؤلاء الرجال المخلصين. كنا فتية في السجن وتحت رعاية من رجال أقوياء ( فدائيين )؛ كان ذلك في مثل هذه الأيام وقبل خمسين عاما، وما زالت صورة أبو الساطي وحمدان تمر كما هو الشأن مع زيدان اللالا من " فتح"، ومحمد عبد المنان من أبطال العودة كلما يمر الشريط السينمائي أمام ناظري. أقمنا نحن الفتية المقبلين على الحياة أشهراً بجانب الأبطال وتعلمنا منهم معنى التضحية والصمود، وباختصار تعلمنا منهم الوطنية بالملموس وليس بشيئ آخر. ذهب الغباش عن عيوننا وبدأنا التعرف على " فتح" الحقيقية!

 

المحطة الثانية من سيرتنا معا تمتد من حزيران العام 1967، وهي معارك الدفاع عن الثورة، وبالرغم من عودتنا إلى صفوف الجامعة فإن علاقتنا مع أبناء فتح في الجامعة وامتداداً إلى الأغوار وإلى أحراش عجلون وجرش لم تنقطع؛ بل ازدادت متانة، وفي هذا فإنني لن أنسى أجمل سنوات عمري عندما أتذكر زملاء الدراسة في الجامعة الشهداء: أنيس قورو، وسمير درويش من "فتح"، وخالد نزال، وسامي أبو غوش وأمل الكرمي من الجبهة الديمقراطية، وفي أحراش جرش ومخيم سوف الشهيد ممدوح صيدم (أبو صبري)، والحاج محمد العزة  وغيرهم العشرات من الذين قاتلوا معا  في خندق واحد دون تعصب تنظيمي، ودون تفريق ودون أنانية، وقد حملت تلك المشاعر فيما بعد إلى ذات السجون، التقاسم مع أبناء فتح وبقية القوى العذاب وقساوة السجن، وكنا نواجه كل ذلك بقلب واحد وإرادة واحدة، ونتقاسم معا لقمة العيش والسيجارة الواحدة. كنا رجالاً مصبوبين في قالب واحد وعلى قلب رجل واحد!

 

وطنية فتح لم نقرأ عنها في الكتب، ولم نعرفها من الأغاني (على أهمية ذلك)، ولكننا عرفناها بلمس اليد وصادق الوطنية، ولذلك من حق من خاض هذه التجربة –عبر خمسة عقود –أن يقارن بين ما كان وبين ما أمسى، بين أخلاق الثورة والثوار، وبين أخلاق المنتفعين بعطايا الحكم والسلطة، بين أبو الساطي وحمدان وأنيس وسمير وأبو صبري، وبين غيرهم ممن يتقاتلون على تفاهات الحياة في ظل احتلال غاشم وعنصرية بغيضة تمارس ضد شعبنا في الداخل وداخل الداخل....

 

يا أبناء "فتح" عامود الثورة، ويا من فجرتم الثورة الفلسطينية الحديثة، ويا شبيبة وشابات "فتح "، إقرأوا تاريخ حركتكم وثورتكم، واستذكروا تاريخ شهدائكم، ولا تلتفتوا إلى منافع ومكاسب ووظائف ما بعد السلطة، تذكروا –وأنتم على أبواب مؤتمركم السابع- أن من بنى حركتكم الوطنية ووضعها على مصاف حركات التحرر العالمية هم من تعالوا عن مكاسب الحياة ومظاهرها الزائفة، أمثال الشهيد الخالد ياسر عرفات، والشهداء أبو جهاد، وأبو إياد، والحكيم، وأبوعلي مصطفى، وفتحي الشقاقي، وعمر القاسم، والرنتيسى، والقائمة تطول... وإياكم أن تنسوهم ...

 

لقد أحزنني ما شاهدته وأنا أكتب مقالي هذا في تحقيق صحفي أجرته مراسلة إحدى القنوات التلفزيونية المحلية؛ عندما حملت صورة الشهيد خليل الوزير ( أبو جهاد ) تسأل المارة عن صاحب الصورة؛ لتسمع أغلب الإجابات التي لم تتعرف على صاحب الصورة، صاحب أول الرصاص وأول الحجارة!!