الخميس  02 أيار 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع80| البرغوثي: المصارف الفلسطينية ما تزال تسير وفق منحنيات تصاعدية واضحة

أجمالي أصول المصارف نمى نسبة 11% لتصل إلى 13,2 مليار دولار

2017-02-21 04:35:26 PM
ع80| البرغوثي: المصارف الفلسطينية ما تزال تسير وفق منحنيات تصاعدية واضحة
البرغوثي

 

كشفت مقابلة ( الحدث) الصحفية مع رئيس جمعية البنوك في فلسطين، المدير الإقليمي لبنك الاسكان، أن المصداقية التي تتمتع بها المصارف العاملة في فلسطين ساعدت على ارتفاع أهم بنود الميزانية  العمومية التجميعية واستطاعت أن تنمي أرباحها حيث أظهرت النتائج المالية المجمعة حتى نهاية حزيران من العام 2016، أن المصارف الفلسطينية ما تزال تسير وفق منحنيات تصاعدية واضحة فيما يتعلق بمؤشرات الاستقرار والربحية وتوفير السيولة للسوق الفلسطيني، فنمى إجمالي أصول هذه المصارف بنسبة 11%لتصل 13,2  مليار دولار، كما بلغت نسبة التسهيلات المباشرة التي قدمها القطاع المصرفي 6,8  دولار بنسبة نمو تزيد قليلا  عن 20% مقارنة بالعام السابق، تطورت لتصل إلى 6,8 مليار مع نهاية الربع الثالث، وهي تمثل ما يزيد قليلا عن نسبة %60 من ودائع عملائه ، خصص معظمها لتمويل القطاع الخاص في موضوعي الغنشاءات والاستهلاك، كما وبلغت نسبة تمويلات كل من وزارات الحكومة ومؤسسات القطاع العام وموظفي القطاع العام قرابة 40% من إجمالي التسهيلات المباشرة.


فيما يلي نص المقابلة:

 

يقدم القطاع المصرفي مساهمات كبيرة في الاقتصاد الفلسطيني، ما حجم تلك المساهمات وما هي الفرص التي وصفتموها بالواعدة التي ستحمل معها رياح التغيير؟ وماذا تقصدون بالتغيير؟

بفعل الثقة والحرفية التي امتازت بها، لعبت المصارف الفلسطينية دور الوسيط ما بين الأفراد والجهات التي امتلكت فوائض مالية دون أن تمتلك الرغبة أو المعرفة والخبرة في توظيفها وبين الفئات والأفراد التي احتاجت رأس المال والسيولة اللازمة لإطلاق مشاريع الاستثمار وتمويل وتشييد البنى التحتية اللازمة لبناء أسس الاقتصاد الوطني وتحفيز الاستهلاك المحلي وبما يصب باتجاه تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية.

 

بالرجوع إلى البدايات الأولى لنشوء السلطة الوطنية الفلسطينية، وإيماناً منها بأهمية الدور الذي سيترتب على المصارف الوطنية باعتبارها أحدى ركائز الهوية الوطنية والاقتصاد الوطني المستقل الذي طالما سعت لبنائه، مهدت القرارات التي أصدرتها السلطة الوطنية الفلسطينية السبيل لأصحاب رؤوس الأموال وإدارات المصارف الإقليمية والدولية أن تخطو خطوات فعلية للمساهمة في إنشاء القطاع المصرفي الفلسطيني وفتح الفروع وتقديم الخدمات في مناطق تواجد المواطن الفلسطيني.

 

  واكب هذا القطاع الحديث نسبياً كافة المراحل التي خاضها الاقتصاد الفلسطيني، وشارك بفاعلية وبحرفية واهتمام في كافة الخطط التنموية التي رسمتها الوزارات المختصة، وقد أثبت فعلياً أنه أحد الداعمين الرئيسيين في بناء الوطن، الأمر الذي ساعد القطاعات الاقتصادية والمجتمع بشكل عام على تخطي الكثير من التحديات والصعوبات، كما وقد شارك بتحقيق الأهداف الكلية والاستراتيجية التي تصب بمجملها باتجاه دعم صمود المواطن وتعزيز مقومات بقائه على أرضه.

 

لم يقتصر دور المصارف على زيادة الوعي بأهمية الادخار وإعادة دمج فوائض التوفير في عجلة لاقتصاد من خلال إعادة ضخها على شكل مشاريع استثمارية وتحفيز الاستهلاك ومساعدة الأفراد على تحقيق حاجاتهم وتوفير متطلبات وجودهم، بل شمل دورها جوانب أخرى من أهمها مشاركة قطاعات الاقتصاد المختلفة في تحمل وإدارة المخاطر والتحديات التي تواجهها أثناء تنفيذ هذه المشاريع، وقدمت للمستثمر والمدخر الاستشارات الفنية والإدارية والمالية اللازمة، وساعدتهم على تنمية رؤوس أموالهم و تحقيق نسب الربحية المستهدفة.

 

ولا ننسى الدور المهم الذي ساهمت به المصارف في تنمية جانب المعلوماتية وأمن المعلومات والبنى التقنية والأساليب الإدارية بما فيها تطبيق معايير الحوكمة.

 

فمن خلال سعيها الدؤوب لمواكبة أحدث التقنيات والخدمات المصرفية، توجت المصارف بثقل نحو الاستثمار في أنظمة المعلومات وبناها التحتية، لما لذلك من أهمية في الحفاظ وتيرة نموها وصيانة سمعتها وبياناتها، وفي تعزيز ثقة العملاء وحماية مدخراتهم وإدارة التدفقات المالية والحصول على المعلومات اللازمة لتحقيق الإيرادات وإدارة المخاطر، وقد ترتب على ذلك نشوء العديد من الشركات التقنية الوطنية المحترفة التي وظفت خيرة الخريجين المتخصصين، وسعت بشكل دائم لتحديث خبراتها وبناها المعلوماتية لمواكبة التطورات التي تبرز بشكل دائم على قطاع المصارف.

 

ومن الناحية الإدارية، تبنت المصارف أساليب الإدارة الحديثة ومعايير الحوكمة، مما انعكس إيجاباً على متانة موقفها المالي واتساع قاعدة عملائها، وقد أدى ذلك إلى دفع العديد من الشركات والقطاعات لتبني هذه الوسائل، وهو ما انعكس إيجاباً على وضعها وسمعتها، ودفع نحو زيادة رغبة المستثمرين ومنهم الخارجيين للدخول معها في شراكات استراتيجية.

 

كما وتساهم المصارف بفاعلية في عمليات التبادل التجاري الداخلي والخارجي ومساعدة أرباب الصناعة والمستوردين في توفير السلع الأساسية والسلع الكمالية، ومد جسور التعاون وتسهيل عقد الصفقات ما بين أطراف العمليات التجارية وبغض النظر عن أماكن تواجدهم.

 

وأخيراً أختم بما تقوم به المصارف من مساهمات فعلية تحت مظلة المسؤولية الاجتماعية التي تقدمها للمجتمع والبيئة المحيطة، إما من خلال الهبات والرعايات، أو من خلال البنى التحتية التي تشيدها لتسهيل حياة الناس، وكما هو معروف وملموس، فإن الموازنات التي تخصصها المصارف تحت هذا البند ما تزال تتزايد سنة بعد أخرى.

بلغة الأرقام، وبالاستناد إلى البيانات المالية المجمعة حتى نهاية حزيران من العام 2016 ما تزال المصارف الفلسطينية تسير وفق منحنيات تصاعدية واضحة فيما يتعلق بمؤشرات الاستقرار والربحية وتوفير السيولة للسوق الفلسطيني، فقد نمى إجمالي أصول هذه المصارف بنسبة 11% لتصل إلى 13,2 مليار دولار، كما وبلغت نسبة التسهيلات المباشرة التي قدمها القطاع المصرفي 6.4 مليار دولار بنسبة نمو تزيد قليلاً عن 20% مقارنة بالعام السابق، تطورت لتصل إلى 6.8 مليار مع نهاية الربع الثالث، وهي تمثل ما يزيد قليلاً عن نسبة 60% من ودائع عملائه، خصص معظمها لتمويل القطاع الخاص في موضوعي الإنشاءات والاستهلاك، كما وبلغت نسبة تمويلات كل من وزارات الحكومة ومؤسسات القطاع العام وموظفي القطاع العام قرابة 40% من إجمالي التسهيلات المباشرة.

 

 وقد غطت هذه التسهيلات كافة قطاعات الاقتصاد ومن ضمنها قطاع التجارة العامة، العقارات والإنشاءات والأراضي، تمويل السلع الاستهلاكية، قطاع الصناعة والتعدين، وقطاع الخدمات وغيرها من القطاعات، وساهمت من خلال تقديم منتجات بنكية ملائمة وبأسعار فوائد مناسبة تراعي حاجات وخصوصية المقترضين في ضمان استقرارها ونموها.

 

أما فيما يخص الفرص الواعدة التي تحدثت عنها، وبالرجوع إلى كلمتي التي ألقيها أمام جموع المشاركين في المؤتمر، فقد كنت أعني بها الوعود الاقتصادية وبرامج التنمية الاجتماعية والفرص الاستثمارية التي قدمتها الأطراف المعنية في إطلاق عملية السلام، وواكبت بدايات عملية التفاوض ما بين ممثلي الشعب الفلسطيني وحكومة إسرائيل، والتي كان من الممكن البدء الفعلي بها واستكمالها لو قدر لهذه العملية أن تسير وفقاً للمسارات التي رسمتها الجهات الراعية عند إطلاق عملية السلام دون أن تتعثر.

 

ماهي أهم التحديات التي تواجه البنوك أثناء قيامها بمهامها في فلسطين؟

اعتباراً من منتصف تسعينيات القرن الماضي الذي شهد عملية الانطلاق الفعلي لقطاع المصارف في فلسطين وافتتاح الفروع والإدارات وخلال مراحل عملها، نجحت البنوك في تخطي العديد من التحديات والمصاعب، كما واستطاعت أن تصقل تجربتها بالعديد من الخبرات والممارسات التي ساعدت إلى حد كبير في صمود هذا القطاع وتطوره وتعزيز دوره الريادي، إلا أنها كانت وما زالت تواجه تحديات جمة، ولعل أهمها:

 

العراقيل التي فرضَها الاحتلال الاسرائيلي على الاقتصاد الفلسطيني بمجمله بفعل غياب الاستقرار السياسي وحالة عدم الوضوح التي أنتجتها ممارساته وقراراته ومن أهمها تقسيم الأراضي تقسيماتٍ أمنيةٍ حالت دونَ استغلالنا لجزءٍ كبيرٍ من أرضنا ضمن ما يعرف بمنطقة C، مما حالَ دونَ تحقيق العديد من الفرص التنموية في فلسطين، إضافة إلى فرض الاحتلال إجراءات عقابية يتخذها بصورة ممنهجة وانتقائية بين الحين والأخر، منها رفضه التعامل مع غرفة المقاصة الفلسطينية التي أسستها سلطة النقد، ووضع العراقيل الإدارية والبيروقراطية أثناء عمليات شحن الكميات الفائضة من الشيكل الإسرائيلي لدى البنوك الفلسطينية وسلطة النقد، فضلاً عن الحظر الذي اتخذه على تعاملات الفروع العاملة في قطاع غزة أو المحافظات الجنوبية.

 

وتمتد تاثيرات ذلك على الصعوبات الإدارية التي تواجهها المصارف في موضوع توثيق الرهونات العقارية في المناطق التي تقع في مناطق C، الأمر الذي حال دون القدرة على التوسع في المنح فيما يخص التسهيلات التي تهدف إلى النمو وتطوير هذه المناطق.

 

غياب العملة الوطنية واضطرار البنوك للتعامل ضمنَ نظام تعدد العملات Multi-Currency System، وهذا التحدي مرتبطٌ بالحالة السياسية التي تعيشها القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن يجد حلاً جذرياً بمعزل عن الحل السياسي للقضية الفلسطينية وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الكاملة بما فيها حقه في تقرير المصير.

 

فكما هو معلوم، تستخدم عملتا الدولار الأمريكي والدينار الأردني لغايات الادخار أو تداول السلع المعمرة والسلع التي يتم دفع اثمانها عبر فترات زمنية طويلة، نظراً لما تتسم به هذه العملات من استقرار على صعيد القيمة الشرائية، بينما يتم استخدام الشيكل في عمليات الشراء اليومية وشراء السلع الاستهلاكية والسلع غير المعمرة.

 

وقد نجحت المصارف نتيجةَ تطبيق التعليمات الرقابية والممارسات الفضلى المعمول بها دولياً في هذا المجال في التعامل مع هذا الواقع وما ينتج عنه من معطياتٍ وتعقيداتٍ ترتبط بتوفير السيولة الكافية لعملات الدينار والدولار والشيكل الإسرائيلي، وتنفيذ أفضل ما توصلت إليه المصارف العالمية لإدارة مخاطر السوق والسيولة.

 

أما التحدي الثالث الذي تواجهه المصارفُ الفلسطينيةُ فيتمثل في الحاجة الدائمة لتطوير البُنى التحتيةِ القانونيةِ والمعرفية اللازمة لاستكمالِ شروطِ العملِ المصرفي بفعل المتغيرات المتسارعة التي تؤثر على بيئة الأعمال وأنواع المنتجات والخدمات وبخاصة الخدمات الإلكترونية لا يمكن ضبطها ضمن الوسائل التقليدية المعروفة، وهذا يشمل العمل على إنشاء محاكم متخصصة تمتلك الصلاحية والآليات الحصيفة للبت في حالات التقاضي المتعلقة بالعمل والقانون المصرفي وما يتسم به من حاجات لها صفة الاستعجال.


ولا يفوتُني أنْ أشيرَ إلى جملةِ التغيراتِ المتسارعةِ التي شهدتها الصناعةُ المصرفيةُ على مستوى العالمِ نتيجةً للظروفِ السائدة، وما تمخض عنها من قوانينَ وممارساتٍ تجاوزَت الكثيرَ من الحدودِ والأعرافِ التي طالما ميزت العملَ البنكيِ، وأقصدُ بذلك قوانينَ مكافحةِ جرائمِ غسل الأموال وتمويلِ الإرهاب وقانونِ الامتثال الضريبي الأمريكي FATCA، وقد ترتب على ذلك جملة من التغيرات في طرق التعامل وتقديم الخدمة وفي إجراءات التعرف على العملاء، مما أثر بشكل أو باخر على مفهوم السريةِ المصرفيةِ التي طالما تفاخرتْ بها المصارف.


لا شك أن واقع القطاع المصرفي مرتبط ارتباطاً عضوياً بواقع الحالة الفلسطينية وما تشهده من تعقيدات، وتحديداً الحالة السياسية والمتغيرات التي تؤثر على مناخ الاستثمار، وما ذكرته آنفاً هو ملخص لأبرز التحديات التي يواجهها هذا القطاع، وإن كانت هناك تحديات أخرى لا يتسع المجال للخوض فيها.

 

كيف ترى واقع التسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك التي تستهدف التنمية الاقتصادية والمشاريع الإنتاجية وما هو حجمها؟

 

يمكن أن نعرض الصورة من الجانب الآخر، وأعني بذلك ما تمخضت عنه عمليات المنح وانعكاساتها على أرض الواقع.

 

ففيما يتعلق بالمحافظات الشمالية، ارتفعت مساحة العمرانية المشيدة بنسبة 13.5% خلال الربع الثالث من العام الماضي مقارنة مع نفس الفترة من العام 2015، بينما ارتفعت النسبة في قطاع غزة إلى 22.5%.

 

كما وزاد عدد الشركات المسجلة كشركات جديدة في الضفة الغربية خلال نفس الفترة بنسبة 22,7% عن تلك التي تم تسجيلها خلال الفترة التي انتهت في العام السابق، بينما ارتفعت في قطاع غزة بنسبة 13.3%.

 

كما وتشير الإحصاءات المتوفرة عن الربع الثالث من العام 2016 إلى أن قيمة التسهيلات المباشرة الممنوحة توزعت ضمن ثلاثة مضامير:

 

1. حسابات مكشوفة بالطلب بواقع 1244,9 مليار دولار وبنسبة 18.7%، وقروض وتسهيلات مباشرة بقيمة إجمالية 5385.5 مليار دولار وبنسبة 80.8% و36 مليون دولار وبنسبة ,5% على شكل إيجار تمويلي.

 

كما واستحوذت قروض الأفراد بما يشمل قروض موظفي الحكومة وتصنيفات القطاع الخاص الأخرى على ما نسبته 77.9% من إجمالي التسهيلات المباشرة، بينما حصل القطاع العام على 22.1% من التسهيلات المباشرة الممنوحة بقيمة إجمالية بلغت 1475,5 مليار دولار.

 

مما تقدم ذكره، أصبح من المُسَلَماتِ المتفق عليها على نطاق واسع حجم وطبيعة الدور الذي يضطلع به القطاع المصرفي في تحريك عجلة الاقتصاد وفي تحقيق المؤشرات الكلية والأهداف الاستراتيجية لأي دولة.

 

كما تعلمون، فإن عملية التمويل وتقديم التسهيلات تخضع لمعايير مختلفة تهدف بالدرجة الأولى لحماية أموال المودعين وسمعة البنك، وتأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الكلية والحاجات المجتمعية، فعملية المنح عملية منضبطة ومدروسة، ويتم توجيهها بعدة طرق نحو توفير سبل التنمية المستدامة والتقدم في الاقتصاد الكلي نحو مراتب ومتحققات جديدة.

 

من جهة أخرى، تساهم التمويلات التي تقدمها المصارف للقطاع الخاص في محاربة ظاهرة البطالة، وهي ظاهرة اجتماعية اقتصادية تسعى كافة الحكومات وأصحاب القرار في المجتمعات للحد من تأثيراتها السلبية ومن كلفها المادية والمعنوية المرتفعة، حيث بلغت نسبة البطالة مع نهاية الربع الثالث من العام الماضي 19,6 % من القوى العاملة في المحافظات الشمالية، بينما بلغت نسبة 41.7% من مجموع القوى العاملة في المحافظات الجنوبية – قطاع غزة.

 

فإذا ما أضفنا إلى ذلك ما كنا قد ذكرناه في موضع سابق من أن ما نسبته 40% من حجم التمويلات تم توجيهها على شكل تسهيلات ائتمانية لكل من الحكومة التي تعد جهة التوظيف الأولى للعمالة والقطاع العام وموظفي القطاع العام، فإن ذلك كله يصب باتجاه تحفيز الاستهلاك وزيادة الطلب على المنتجات ودفع أرباب الصناعة والمستثمرين نحو زيادة استثماراتهم وإنشاء مزيد من المصانع ومؤسسات الخدمات لتوفير متطلبات الأسواق المحلية بداية والأسواق الإقليمية والعالمية تالياً.

 

فالمراقب للقطاع المصرفي الفلسطيني يلاحظ أن مجموع صافي التسهيلات الائتمانية في ارتفاع متزايد على مدار السنوات السابقة، مما يدلل على الاتجاه التصاعدي في نسب وأرقام القطاعات الاقتصادية المختلفة، وعلى قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها المالية نحو المصارف، كما ويؤكد ما أشرنا إليه غير مرة بخصوص تحسين جود حياة الفرد وزيادة ثقته باقتصاده وانتمائه لوطنه.

 

ما هو تقييمك لمؤشرات الربحية للقطاع المصرفي الفلسطيني خلال عام 2016؟ وودائعها والتسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاعات الاقتصادية المختلفة؟

 

استطاع القطاع المصرفي الفلسطيني أن يتخطى سنة 2016 كسابقاتها بنجاح وأن يحقق أرباحاً تراكمية تصل إلى حوالي 149 مليون دولار بنسبة نمو 12% مقارنة بالعام السابق، وليظهر مؤشر الربحية العائد على الموجودات 1.1% ومؤشر العائد على حقوق الملكية 8.8%.

 

 كما استمر القطاع المصرفي الفلسطيني بتقديم منتجات وخدمات نوعية ومتطورة تضاهي في جودتها تلك التي تقدمها مصارف الدول المتقدمة، وتسهل على جمهور العملاء أداء أعمالهم، إضافة إلى سعيه لتوسيع قاعدة عملائه وتنويعها ولحشد المزيد من الودائع لتصل نهاية عام 2016 إلى 10.6 مليار دولار بنسبة نمو 10% مقارنة بالعام السابق، حيث يساهم القطاع الخاص بنسبة 94% من إجمالي قيمة ودائع العملاء، كما ونجح في تقديم تمويلات مصرفية تصل إلى 6.8 مليار دولار بنسبة نمو 19% مقارنة بالعام السابق، ويظهر من خلال النسب المجمعة أن القطاع المصرفي الفلسطيني يقوم بتوظيف 64% من ودائعه في تسهيلات يقدمها لمختلف القطاعات والأفراد، وإنه قطاع قوي ويمتلك السيولة الكافية التي تمكنه من مواكبة ودعم أي توجهات تنموية مستقبلية دون الحاجة إلى اللجوء إلى مصادر تمويل خارجية.

 

 كما ونجح قطاع المصارف في تعزيز علاقاته الدولية وتنويع شبكة البنوك المراسلة التي تدعم خدماته الخارجية، وفي تأكيد حضوره في المؤسسات الإقليمية والدولية لما يتمتع به من سمعة ومن قدرة على مواكبة التغيرات والمستجدات، كما ونجح في كسب ثقة الممولين الخارجيين حيث دخلت العديد من المصارف في اتفاقيات تمويل موجهة للأفراد والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو لقطاعات اقتصادية محددة بذاتها، كان الطرف الممول لها جهات دولية ذات سمعة عالمية مرموقة.

 

كيف ترى نتائج العام 2016، مقارنة مع العام الذي سبقه، وما هي توقعاتك للعام الحالي 2017؟

بحمد الله استطاع القطاع المصرفي الفلسطيني أن يحقق الكثير من النتائج الإيجابية على مدار السنوات السابقة، وأن يعزز مساهماته في تحقيق الأهداف التنموية.

 

وصلت موجودات القطاع المصرفي إلى حوالي 14 مليار دولار بنسبة نمو 13% مقارنة بالعام السابق، كما وقفزت نتائج أرباحه بنسب مجدية، الأمر الذي يدفعنا نحو التفاؤل بعام أفضل على كافة الصعد والأرقام والنسب المتعلقة ببنود ميزانيته العمومية وقائمة دخله ومؤشراته المصرفية، وبما يؤكد على متانة موقفه المالي وحصافة الطرق الإدارية المعمول بها.

 

فيما يتعلق بالانتشار الجغرافي وعدد الفروع، تظهر البيانات زيادة في هذا الجانب خلال العام 2016 بنسبة 13% مقارنة بالعام السابق لتصل عدد فروع ومكاتب المصارف العاملة إلى 309 فرعاً ومكتباً منتشرة في جميع أنحاء الوطن، ونأمل خلال العام الحالي أن تتمكن المصارف من توسيع نطاق انتشارها الجغرافي وأن تتمكن من تقديم خدماتها في الأرياف والقرى التي ما يزال قاطنوها بحاجة للتنقل وبذل الجهد للحصول على الخدمات والمنتجات المصرفية.

 

وهنا لا بد لي أن أعرج وأشير إلى الجهود التي تبذلها سلطة النقد بالتعاون مع القطاع المصرفي وبخاصة في ثلاثة مجالات مهمة: أولها سياسة الاشتمال المالي التي تهدف إلى انضمام قطاعات كبيرة من القطاعات الأقل حظاً في المجتمع الفلسطيني إلى قاعدة عملاء المصارف عن طريق تعريفهم بخدمات هذه المصارف وتقديم المنتجات التي تتناسب مع حاجاتهم ومتطلبات أعمالهم.

 

 والثاني يتمثل بالأنظمة المعلوماتية التي وفرتها سلطة النقد الفلسطينية لمساعدة القطاع المصرفي وتدعيم قراراته بمنظومة معلوماتية حصيفة واتخاذ القرارات الائتمانية بشكل أكثر كفاءة، وتجنب التعرض ائتمانياً لفئات مجتمعية ذات سجل ائتماني ضعيف إمَّا نتيجةً لضعفِ القدرة أو بسبب غياب الالتزام والمصداقية، مما قلل، إلى حد كبير، من عدد الشيكات المرتجعة ومن نسب التعثر التي سجلها القطاع المصرفي.

 

 وثالثها اكتمال مشروع نظام المفتاح الوطني الذي سيعمل بشكل كبير على تسريع دورة الاقتصاد.

 

 وإذا ما أضفنا لذلك تراكم الأرباح المجمعة وتعزيز نسب كفاية رأس المال، والتعليمات التي اعتمدتها سلطة النقد فيما يخص مقررات بازل II بشأن إدارة المخاطر، كل ذلك يدفعنا نحو الأمل بعام أكثر ازدهاراً ونماءً ونجاحاً على كافة الصعد.

 

 على العموم، نؤمن إيماناً جازماً مبنياً على مبررات موضوعية وذاتية بأن القادم سوف يكون أفضل، ولا أقل من نشير إلى نجاح القطاع المصرفي في تخطي الآثار الكارثية التي شهدها الاقتصاد العالمي والمصارف الكبيرة خلال العام 2008، وإلى ملاءمة هذه المصارف ومتانة هيكلياتها المالية، حيث تعدت قاعدة رأس المال حاجز المليار ونصف المليار دولار خلال العام 2015، كما وتزيد نسبة كفاية رأس المال عن 18%، وهي أعلى بكثير عن نسبة 8% التي حددتها بازل ضمن مقرراتها.