الأحد  13 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قانون لمنع لم شمل العائلات الفلسطينية

2017-02-28 06:33:09 AM
قانون لمنع لم شمل العائلات الفلسطينية
تعبيرية (تصوير:الحدث 2016)

 

الحدث الاسرائيلي

 

نشرت صحيفة هأرتس مقال الرأي التالي للكاتب نير حسون.

 

وفيما يلي ترجمة المقال:

 

ابن تيسير الأسمر الذي يبلغ عاما واحدا من عمره، من سكان البلدة القديمة في القدس ولد مع مشكلة شديدة في دماغه. وهو يعالج ومربوط بماكينة التنفس في مستشفى هيرتسوغ في الطرف الثاني من المدينة. ولكن يحظر على الأسمر القيادة إلى هناك من أجل زيارة ابنه. وعمليا لا يستطيع الأب أن يصدر رخصة سياقة، وكل محاولة من قبله للوصول إلى المستشفى في المواصلات العامة تنتهي باعاقته من قبل الشرطة. هذه فقط هي حالة واحدة من بين 12 ألف حالة لأشخاص يعيشون في خوف وعدم يقين وضائقة بسبب القانون الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية. بعد شهر سيكون مر 15 سنة على قرار الحكومة (الذي استبدل فيما بعد بأوامر الساعة، وهو القانون الذي يتم تجديده كل سنة)، الذي قضى بإقامة جدار بيروقراطي لا يمكن اجتيازه تقريبا بين الفلسطينيين في شرقي القدس والبلاد بشكل عام، وبين الفلسطينيين في الضفة الغربية والفلسطينيين في قطاع غزة. وقد تم تبرير القانون من ناحية قانونية لاعتبارات أمنية. ولكن من ناحية عامة تم الحديث ايضا عن الأهداف الديمغرافية – تقليص السكان العرب في إسرائيل.


عندما طلب الكنيست التحقق من المبرر الأمني منحها جهاز الامن معطيات غامضة تقول إن نسبة ضئيلة تبلغ 0.1 في المئة من الازواج الذين ينتظرون المكانة "لهم صلة بالإرهاب". آلاف الأشخاص يعيشون تحت تأثير القانون، سكان المناطق الذين تزوجوا من مواطنين إسرائيليين، أزواجهم وأبناؤهم الذين تعرضوا للصعوبات البيروقراطية التي لا يمكن تحملها، أصبحت حياتهم بائسة وبدون وجود أي تغيير في الأفق.


في الاسبوع الماضي أجرى الكنيست ومحكمة العدل العليا نقاشات حول القانون. وكالعادة بقي على حاله. وسيناقش الكنيست القانون بعد نصف سنة. وقد ألمحت رئيسة المحكمة مريام ناؤور لمقدمي الدعاوى أن يقوموا بسحب دعاويهم.
من بين 12500 شخص لهم ملفات للم الشمل، 10 آلاف منهم ليس لهم أي مكانة وهم يتجولون وفي جيوبهم تصريح إقامة عسكري. هناك معان كثيرة للحياة بدون مكانة. ويشمل ذلك أنه لا يمكنهم إصدار رخصة سياقة أو التعلم أو الحصول على العمل. وقبل بضع سنوات لم يكن باستطاعتهم الحصول على التأمين الصحي. وهذا الأمر ممكن الآن ولكن بتكلفة باهظة. وهم لا يحصلون على الحقوق الاجتماعية، وتستطيع الشرطة اعتقالهم أو تعويقهم لفترة طويلة.


للجزء الأكبر منهم تصريح مؤقت من الإدارة المدنية، مثل العمال الذين يأتون من المناطق. وتجديد التصريح كل سنة أو سنتين هو إجراء معقد يتطلب جمع وثائق كثيرة (فواتير للكهرباء والمياه وقسائم رواتب وشهادات مدرسية وغيرها) وإجراء مقابلة وتصريحات أمنية وما أشبه. بشكل عام، هم يتحدثون عن ضائقة وعدم ثقة بالمستقبل.


بين الفينة والأخرى، بفضل تدخل محكمة العدل العليا، يتم تقليص مساحة القانون لأسباب إنسانية. مثلا سكان المناطق الذين لا يوجد منع أمني بخصوصهم، وأعمارهم تزيد على الـ25 سنة للنساء، أو 35 سنة للرجال، والذين تزوجوا من إسرائيليين، يمكنهم الحصول على تصريح إقامة مؤقت مثل التصريح الذي يحصل عليه العمال القادمون من المناطق.


التصريح هو ورقة يعطيها الجيش الإسرائيلي، وهي لا تمنح الحقوق والأمان. الحصول على مكانة اكثر استقرارا على شكل بطاقة هوية هو تقريبا أمر مستحيل. اضافة إلى الاضرار الشديدة لآلاف العائلات، أثر القانون ايضا على المجتمع في شرقي القدس، وصلته مع الضفة الغربية، وفي داخل المدينة نفسها ايضا. فالقانون ساعد على خلق الأحياء الفقيرة وراء جدار الفصل، حيث تحولت إلى ملجأ لآلاف الأزواج المختلطين، سكان إسرائيل وسكان المناطق.
"العبء الديمغرافي"


أوامر الساعة التي تمنع لم شمل الفلسطينيين ولدت من قبل وزير الداخلية ايلي يشاي في نهاية آذار 2002. وقد كان ذلك هو الشهر الاصعب في الانتفاضة الثانية، بعد وقوع عمليات قتل فيها إسرائيليون، فقد أمر يشاي جميع مديري مكاتب السكان في البلاد بوقف إجراءات لم الشمل، تلك الإجراءات التي مكنت سكان المناطق الذين تزوجوا من إسرائيليين من الحصول على مكانة قانونية في إسرائيل. وكان المبرر هو أن المقاتل الذي نفذ عملية في حيفا، شادي الطوباسي، كان يعيش في جنين ولديه بطاقة هوية إسرائيلية لأن أمه كانت مواطنة إسرائيلية.


وعلى الرغم أنه بشكل رسمي كان الادعاء الامني هو الادعاء الوحيد، لكن بين السطور ظهرت ادعاءات أخرى – ديمغرافية. فقد كشف مركز الدفاع عن الفرد أنه اثناء نقاش الاقتراح في الحكومة قبل 15 سنة تم التحدث عن هذه الاعتبارات. "موجات الهجرة هذه تحمل في ثناياها خطرا على الأمن القومي لدولة إسرائيل – خطر أمني، جنائي وسياسي. العبء الاقتصادي والديمغرافي على مستقبل دولة إسرائيل".


في العام 2012 تم إنهاء نقاش في محكمة العدل العليا في عدد من الدعاوى ضد القانون. وفي قرار مطول يتكون من 232 صفحة قرر القضاة رفض الدعاوى بفارق صوت واحد. وقد قال خمسة قضاة من محكمة العدل العليا إنه يجب إلغاء هذا القانون، وقال ستة قضاة إنه يجب الابقاء عليه. رئيس المحكمة السابق آشر غرونيس، الذي أيد رأي الاغلبية، كتب في قرار الحكم: "حقوق الإنسان ليست وصفة للانتحار القومي". القضاة في هذه الدعاوى وغيرها أكدوا أن القانون هو من "أوامر الساعة" المؤقتة والتي تحتاج إلى مصادقة سنوية من الكنيست. "لقد تم سن القانون كأمر ساعة يتحدث عن زمن الحرب.

 

وهو لا يسعى إلى فرض سياسة ديمغرافية على المدى البعيد"، كتب في رد الدولة على المحكمة. الكنيست من ناحيته يصادق عليه بشكل روتيني منذ 15 سنة. وقضاة العليا أمروا الدولة مرة تلو الأخرى بدراسة الاعتبارات الأمنية لاستمرار أمر الساعة. القاضي الياكيم روبنشتاين قال إنه يجب على الدولة أن تكون "مع اصبع على النبض"، "في حالات كثيرة تعتقد الاجهزة الامنية أنه ليس هناك بديل للأداة الامنية. وبنظرة ثانية، بعد تفكير كثير، يتم ايجاد بديل مناسب"، قال. القاضي نيل هندل أمر الكنيست بأن يكون "متيقظا للواقع المتغير، لإعادة النظر في ما اذا كان الضرر ما زال مبررا".


رغم أمر محكمة العدل العليا، صادق الكنيست على مدى السنين على القانون بشكل اوتوماتيكي تقريبا دون نقاش المعطيات. قبل حوالي نصف سنة جرى نقاش أول بعد عقد من الزمن في لجنة مشتركة تتكون من لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ولجنة الداخلية. وأثناء النقاش أعرب ممثل الشاباك عن تأييده لتمديد القانون: "موقف الشباك الدائم كان أن هناك فرصة لوجود تهديد من جزء من هؤلاء السكان"، قال. ولكنه لم يقدم معطيات مقنعة حول التهديد الذي يمثله سكان المناطق الذين وصلوا إلى إسرائيل في إطار لم الشمل.


في البداية تحدث عن 104 مشبوهين بأعمال إرهابية من بين "الحاصلين على لم الشمل في إسرائيل". هذا الرقم يشمل جميع المشبوهين منذ العام 2002 وحتى 2016. إلا أنه تبين خلال النقاش أن أغلبية المشبوهين ليسوا من سكان المناطق الذين دخلوا إلى إسرائيل في اطار لم الشمل، بل أبناء عائلاتهم، وعلى الأغلب أبناؤهم. وعمليا فقط 17 من بين 104 اشخاص "مشاركون في الإرهاب".


وحسب أقواله فقد حصلوا على المواطنة في إسرائيل بسبب زواجهم من إسرائيليين، استمرارا لفترة السنوات الـ14. "هذا تقريبا 0.1 في المئة، وعلى ذلك يعاقبون جميع السكان"، قال المحامي بنيامين احستريفه من مركز الدفاع عن الفرد. "القانون يتحدث عن الأزواج الذين ليست لهم أي مشكلة. لكنه لا يتحدث عن الأبناء الذين ولدوا في إسرائيل بعد لم شمل عائلاتهم".


القانون يسري على الازواج والاولاد فوق عمر 14 سنة، الذين ولدوا لزوجين مختلطين (اذا لم يتم تقديم طلب لم الشمل قبل أن يبلغوا 14 سنة لأي سبب). ولكن تم الطلب من ممثل الشباك أن يفسر لماذا من ضمن قائمة المشبوهين هناك أولاد ولدوا في إسرائيل لا يسري عليهم القانون. "القانون مرتبط بهم كونهم أبناء لمن حصلوا على لم الشمل. لهذا فان صلتهم مع الضفة الغربية وقطاع غزة تشكل مصدر جذب للتنظيمات الارهابية". وقد قال عضو الكنيست احمد الطيبي في النقاش إن بناته هن ضمن هذا الاطار لأن زوجته في الاصل هي من طولكرم.


في نهاية الجلسة في حزيران، اقترح رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، آفي ديختر، إجراء نقاش آخر بعد نصف سنة. وقد أجري هذا النقاش في هذا الأسبوع. الشاباك والشرطة لم يأتيا مع معطيات جديدة. "يتبين من النقاش السابق أنه ليس هناك مشكلة أمنية في هذه المعطيات. والسؤال هو لماذا لا يتم تقليص الضرر إذا كان الأمر ممكنا"، سأل المحامي أحتسريفا، المستشار القانوني للشاباك. وأجاب المستشار أن التحقق يتم حسب مجموعات العمر، "لم يتبلور بعد موقفنا، وسنقوم ببلورته وإبلاغكم".


قبل سن القانون لم تكن تقريبا عائلة في شرقي القدس بدون زواج مختلط مع المناطق. وسبب ذلك هو أن سكان شرقي القدس يعتبرون أنفسهم جزءًا من الفلسطينيين في المناطق. ومنذ أمر الساعة هناك تراجع كبير في نسبة الزواج من اشخاص من المناطق، لأن زواج كهذا يعني الحياة في ظل الحياة البيروقراطية. وبدل ذلك ازدادت حالات الزواج داخل العائلات المقدسية وبينها وبين العائلات من عرب إسرائيل.


"هذه الضائقة الآن هي الضائقة الاكبر بالنسبة لمكانة سكان شرقي القدس"، قال د.امنون رامون من معهد القدس لبحوث إسرائيل، الذي يبحث في مكانة سكان شرقي القدس. وحسب اقواله فإن الازواج المختلطة التي تزوجت رغم ذلك، يجدون الكثير من الترتيبات. وأحد هذه الترتيبات هو الانتقال إلى منطقة من المنطقتين بين جدار الفصل وحدود البلدية – مخيم اللاجئين شعفاط وكفر عقب. في هذه المناطق يعيش حوالي 100 ألف شخص ممن بقوا في المنطقة المتروكة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ومبدئيا هم مقيمون داخل القدس، ولكن نظرا لأن السلطات، ومنها الشرطة، لا تدخل بشكل كبير إلى هناك، فإن الأزواج المختلطة يشعرون هناك بالأمن نسبيا.
"أنا إنسان ولست هوية"


تيسير الأسمر (36 سنة) من مواليد القدس، والده ولد في نفس البيت الذي ولد فيه في البلدة القديمة، عاش وتعلم في المدينة طوال حياته. ولكن رغم ذلك لم يحصل على مكانة قانونية في إسرائيل. والسبب هو أنه في العام 1967، بعد حرب الأيام الستة، انتشرت في القدس إشاعة تقول إن الجيش الإسرائيلي سيسيطر على الأماكن الفارغة في المناطق. وقد كان لجده بيت قيد البناء في منطقة العيزرية، فقام بنقل أبنائه الثلاثة الصغار إلى هناك ومن ضمنهم والدة تيسير. وعندما تم الإحصاء الأول تم تسجيلهم في العيزرية لا في القدس.


ورغم أنهم عادوا بعد فترة قصيرة وعاشوا طوال حياتهم في القدس، تم اعتبارهم سكان المناطق بسبب أمر الساعة. وحقيقة أن جميع الإخوة تزوجوا من مقدسيات لم تجد. ومنذ إقامة جدار الفصل تحولوا إلى متواجدين غير قانونيين في منازلهم. بعض الأخوة تمكنوا من الحصول على تصاريح من الإدارة المدنية، مثل العمال من الضفة الغربية. "أريد آخذ أولادي كي يشاهدوا البحر، لكني لا أستطيع"، قال تيسير، "لكن الأمر الأسوأ هو أنني لا استطيع رؤية ابني". ابنه الذي يعالج في مستشفى هيرتسوغ. "من أجل الوصول إلى هناك في المواصلات العامة أحتاج اربع ساعات. أنا أحب ابني وأريد أن أراه، لكني لا أستطيع".


محمد محاميد (80 سنة) هو مواطن إسرائيلي من قرية زلفة في الشمال. زوجته سهام محاميد (53 سنة) من المناطق، وابناهما مواطنون إسرائيليون. لقد تزوجا في العام 1995 وطوال الـ27 سنة بقيت سهام بمكانة مؤقتة، وهي بحاجة إلى تجديد الإقامة كل سنة بإجراءات معقدة.