الحدث- علاء صبيحات
"أصبيع البوبّو يا خيار" هكذا يصيح بائع متجول في الشارع اشترى الخضار من حسبة ليمررها إلى الزبون، وتعلّم في السوق فنون البيع بكلماته فصار يصيح بما يرغب الزبائن من حوله بسماعه، فيقنعهم بأن الخضار الغضّة صغيرة الحجم هي ما تحتاجه موائدهم.
يبدو أن تلك المائدة تحتاج لما هو طريٌّ وطازج وصغير العمر كما صار متعارف عليه بين المواطنين، فأصبحوا يتزاحمون على الأماكن التي تبيع الخضار صغيرة الحجم ويُهملون الخضار كبيرة الحجم.
المهندس الزراعي أحمد عايد قال، إن الخضار بأنواعها صارت تملأ كل أيّام السنة وتُزرع خارج أيّام موسمها في الوقت الذي كانت لها أيام محددة من السنة، لا تُزع إلا بها.
من أمثلة ذلك كما أوضح عايد لـ"الحدث"، أن الخيار الربيعي يُفترض أن يُزرع في شهر نيسان، ويُنتج في شهر أيار، ولمدة 40 يوماً ليس أكثر، كما أن زراعة الخيار خارج أيام الموسم يمكن أن تكون في شهر تشرين تجاوزا وهو ما يُسمّى بـ "التشريني".
وأضاف، أنه بعدما صارت الزراعة في داخل البيوت البلاستيكية ممكنة فإن الخضار أصبحت متوفرة على مدار العام، وبالتالي فإن الانتقائية جعلت المستهلك يبحث عن الخضار صغيرة الحجم لإنها أفضل، وهذا اعتقاد خاطئ شائع في مجتمعات قليلة، وليست موجودة في كل المجتمعات.
وتابع، أن فلسطيني الداخل مثلا لا يشترون الخضار الصغيرة، وفي جنوب الضفة أيضًا لا يحبذون استخدامها، وحتى في المجتمعات الغربية لا طلب عليها لذا لا تجدها في الأسواق.
وحول الأسباب التي تعيب الخضار صغيرة الحجم كما يصف عايد، فإنها تكون غير ناضجة ولم تستوف الفترة الطبيعية لتكوين العناصر الغذائية الكاملة المفيدة للمستهلك، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، قال الدكتور في الزراعة العضوية ليث صبيحات، إن الكيمياء الداخلية للنبتة تتكون من سلاسل كربونية طويلة تتكسر لتصبح سلاسل قصيرة كل واحدة من هذه السلاسل لها غاية من تكسّرها إذ تعطي الطعم والرائحة واللون والفائدة وتَكسّر هذه السلاسل هي ذاتها عملية النضوج.
في اليابان مثلاً، هناك نوع من الدرّاق لا يؤكل إلا عندما ينضج، إذ أنه قبل نضوجه يكون ساما، وبسبب هذه التكسّرات التي تؤدي للنضوج يصبح هذا الدرّاق صالح للأكل بعد النضوج وساما قبله، كما أوضح صبيحات في حوار مع مراسل "الحدث".
أثر المبيدات الحشرية على الخضار الصغيرة
وبالعودة إلى المهندس الزراعي أحمد عايد، فهو يرى منطقياً أن الخضار صغيرة الحجم والعمر كالخيار والكوسى والباذنجان مثلا تكون قد مرّ عليها فترة قصيرة منذ أن تم رشّها بالمبيدات الحشرية، لذلك فنسبة السموم التي تشرّبتها تكون أعلى من تلك صاحبة العمر والحجم الأكبر.
لذلك يؤكد عايد، ان الخضار الكبيرة تكون قد تشرّبت السموم وأخرجت بعضها على عكس صغيرة الحجم.
في المقابل ينفي الدكتور صبيحات ذلك قطعا، ويشرح أن هناك فترة بين رش المواد الكيميائيّة، وقطاف الثمر تُسمى فترة الفُطام، والتي لا يُقطع خلالها الثمر لأنه يكون مسموما، وبعد الأسبوع يقطع المزارع محصوله، ومن ثم يرش المواد الكيماويّة لمدة أسبوع آخر، وهذا ما جعل المستهلك يظن خطأً أن الثمر الصغير فيه سموم أكثر من الكبير لأنه صغير العمر نسبيا.
وأكد صبيحات أن هذا الاعتقاد خاطئ إذ أن الثمر لا يقطف إلا بعد أسبوع من الرش، وهي الفترة الآمنة لنقاء المنتوج الزراعي من السموم.