غزة- محاسن أُصرف
حالة من الذهول والصدمة سيطرت على غالبية موظفي السلطة الفلسطينية في قطاع غزة (العسكريين والمدنيين) بعدما استملوا رواتبهم منقوصة، بعضهم وصل العجز فيه إلى النصف، ما أثار سخطهم مطالبين تحييدهم الأزمات المالية التي تُعانيها السلطة.
فيما بررت السلطة الفلسطينية أن الخصومات طالت فقط العلاوات وجزء من علاوة طبيعة العمل دون المساس بالراتب الأساسي بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها، وبحسب بيان صادر عن الناطق باسم حكومة الوفاق "يوسف المحمود" فإن:"الخصم مؤقت ولن يطال تحويلات الشئون الاجتماعية والمعونات الإنسانية".
يذكر أن حكومة الوفاق الوطني أقرت في أجندة السياسات الوطنية الخطوة وذلك بهدف معالجة الصعوبات المالية التي تواجهها سواء بفعل سياسات المانحين وعدم إيفاءهم بالتعهدات المالية المترتبة عليهم، أو بفعل استمرار الانقسام وسياسة حركة حماس في قطاع غزة التي بتفعيل اللجنة الإدارية التي تعمل كحكومة موازية هناك في جباية الإيرادات والاستيلاء عليها وعدم إعادتها إلى الخزينة العامة- وفق البيان-
لسنا سبب الانقسام
ويبدو أن المبرر الذي ساقته السلطة بالانقسام وتبعاته المالية على ميزانية حكومة الوفاق بعد استئثار حكومة "حماس" في غزة بالإيرادات وعائدات الضرائب، لم تنطلِّ على الموظفين إذ عبروا عن سخطهم من أمام الصراف الآلي لبنك فلسطين وسط مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة: "لسنا سبب الانقسام"، وأكد الموظف م.خ 43 عامًا أن قرار استنكافهم عن العمل عام 2007 صدر من رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" ورئيس الحكومة آنذاك "د. سلام فيّاض" قائلًا :"إنه من الظلم محاسبتنا على خطأ لم نرتكبه" وشدد الخضري على حقه في استعادة قيمة (900) شيكل تم خصمها من راتبه البالغ (3500) شيكل.
فيما اتهم الموظف أبو المجد 45 عامًا، رفض التصريح باسمه خشية الحجز على ما تبقى من راتبه، السلطة الفلسطينية بقطع أرزاق المواطنين في غزة ومعاملتهم وفق سياسة الانقسام والتمييز بينهم وبين موظفي الضفة المحتلة، قائلًا: إذا كانت التبرير الذي ساقته صحيحًا لماذا لم تساوي موظفي الضفة بالخصم" وأضاف: بأي حق يُهدر قرابة 700 شيكل من راتبي الذي لم يتعدَّ الـ 2000 شيكل؟، وتابع بسخطٍ كبير ما تبقى لي 1100 شيكل فقط بعد خصم فاتورة الكهرباء بقيمة (200) شيكل.
يؤكد الرجل أنّه مُطالب شهريًا بمبلغ (400) شيكل مقابل إيجار منزله، وقيمة 300 شيكل مقابل دروس خصوصية لابنه البكر في الثانوية العامة، ناهيك عن نفقات المنزل من طعام وشراب التي غالبًا ما يستدينها من صاحب البقالة، والمقدرة بـ500 شيكل شهريًا تشمل المواد التموينية بالإضافة إلى أنبوبة غاز بقيمة 60 شيكل وفاتورة مياه في أفضل الأحوال تكون قيمتها 70 شيكل، يقول لـ"الحدث" بألم: "أريد عاقلًا يُقنعني بأن 1100 شيكل ستكفي".
إجراء قمعي
ووصف غالبية الموظفين الذين التقهم "الحدث" الإجراء الذي اتخذته السلطة الفلسطينية بحقهم بـ"الإجراء القمعي" مُطالبين بالتراجع عنه مراعاة لظروفهم الاقتصادية المأساوية في قطاع غزة، حيث يُعانون من معدلات فقر وبطالة فائقة ناهيك عن تكفل كثيرٌ من موظفي السلطة بالإنفاق على أسر أشقاء لهم.
فيما الموظف "أبو محمد" 39 عامًا من خان يونس يخشى أن يُصرح باسمه، يؤكد أنّه صُدم بنسبة الخصم التي جاوزت الـ 1000 شيكل) من راتبه، مؤكدًا أنه كان يُعيل أسرتين من ذلك الراتب أسرته المكونة من 4 أفراد هو وزوجته وطفلين بالإضافة إلى أسرة شقيقه المتوفى والمكونة من أربعة أطفال إضافة إلى زوجة شقيقه، يقول بغضب شديد: نحن لم نكن طرفًا في الانقسام.. القيادات في غزة والضفة هي من أضرت بنا هم لا يُعانون مثلنا، وأضاف متسائلًا وهو يُحاول أن يُسيطر على أعصابه: كيف سنؤدي احتياجاتنا؟ حسبي الله ونعم الوكيل في الحكومتين هم يقتاتون على دمنا ويُتاجرون بمعاناتنا، يقول الرجل: لا يمر يوم إلا وندفع ضرائب سواء للسلطة أو للحكومة في غزة ولا نجد منهما شيئًا غير الخصم، وتابع في تساؤلاته: أين تذهب أموالنا؟"