الحدث- محاسن أُصرف
على مدار ساعتين من الحادية عشر صباحًا حتى وقت إعداد هذا التقرير، علّت حناجر الموطنين في قطاع غزة من شمالها إلى جنوبها مُنددة بالحصار وسياسات التضييق التي يُمارسها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2007 ويُسانده فيها الرئيس " محمود عبّاس" عبر سلسلة قرارات وجد فيها أهالي القطاع مساسًا بحياتهم الإنسانية في وقتٍ تحملوا فيه ثلاث حروب عسكرية ضحوا فيها بالغالي والنفيس من أجل الوطن.
وكانت هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار قد دعت الجماهير الفلسطينية في كل محافظات القطاع إلى النفير في سلسلة بشرية أطلقت عليها "نذير الغضب" تمتد على طول شارع صلاح الدين من بيت حانون شمالًا إلى رفح جنوبًا، للمطالبة برفع الحصار حيث اكتظت شوارع المحافظات الفلسطينية في رفح وخان يونس والنصيرات ودير البلح وغزة وجباليا بآلاف المواطنين الغاضبين من سياسات التضييق والحصار الخانق الذي يُعانوه منذ عشرة أعوام سابقة بسبب "سياسي أجوف يُدعى الانقسام لم يكونوا طرفًا فيه بل ضحية" – كما يقولون-
غزة بكفيها اللي فيها
وأمام مفترق دوار بني سهيلا في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة رفع المواطنون العديد من اللافتات التي تُندد بسياسة الخناق التي يتعرضوا لها، وأكدوا في سياق أحاديث منفصلة مع "الحدث" أن سياسة الحصار والتضييق لن تُركعهم ولن تحرفهم عن بوصلة الثورة والنضال والتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية الأصيلة، وقال أحدهم وهو يرفع لافتة كُتب عليها "من لم يكسره المدفع لن تكسره الأزمات #بكفي_حصار": "نحن تعرضنا لحروب طاحنة وبقينا متمسكين بالمقاومة وعليها الآن أن تُسدد فاتورة الصبر بأن تحفظ كرامتنا"، وتابع الشاب الذي بدا غاضبًا من تكثيف سياسة الحصار مؤخرًا عبر سلسلة قرارات من الرئيس "محمود عبّاس" أمسّت بحياتهم الإنسانية: أن المطلب الأساسي من الشعب للرئيس عبّاس أن يرفع الحصار عن غزة وأن يسعى إلى تحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية لشعبه هنا الذي التزم الشرعية الفلسطينية – على حد تعبيره-.
وبالوصول إلى المحافظة الوسطى وفي مقر التحام الجماهير أمام البنك الإسلامي على مدخل النصيرات وسط قطاع غزة، رفعت الجماهير هناك ذات اللافتات التي تُعبر عن لفظها للرئيس محمود عبّاس كممثل شرعي للشعب الفلسطيني باعتبار تخليه عن قطاع غزة ومساندته الاحتلال في التضييق عليه بأساليب مختلفة كاستقطاع رواتب الموظفين والتخلي عن دفع مستحقات فاتورة الكهرباء ناهيك عن رفضه للمصالحة التي من شأنها لئم جرح الوطن الفلسطيني الغائر منذ 11 عامًا.
كما وشهدت مدينة غزة العديد من التجمعات الغاضبة في منطقة السنافور ومنطقة الشجاعية وحي الزيتون المُطلين جميعهم على شارع صلاح الدين على امتداد القطاع، وفي منطقة السنافور التقينا ببعض المواطنين الذين أكدوا على ضرورة مواجهة الحصار والعمل على التئام الوطن الفلسطيني في إطار المصالحة الوطنية الشاملة التي تُنهى حالة المعاناة التي يتكبدها المواطن الفلسطيني منذ عام 2007 ويدفع ثمنها منفردًا مع المقاومة الفلسطينية من كافة الفصائل والتي ترتأي أن الحصار وما عقبه من ممارسات تعسفية وإنهاك للحالة الفلسطينية في غزة هدفها الأساس إنهاء المشروع الوطني وتصفية القضية الفلسطينية، وقال المواطن موسى ويعمل مدرسًا :" إن ما يجري تصفية للقضية وجعل الشعب يلهث وراء لقمة خبزه فقط" وتابع الرجل أنّه يرفض أن يكون أداة لتصفية المشروع الوطني وأن خروجه اليوم في المسيرات الغاضبة من أجل التأكيد على الثوابت الفلسطينية ولدعم الأسرى الذين يواجهون الموت بأمعائهم الخاوية في زنازين الاحتلال- وفق قوله-.
مشاركة نسوية كبيرة
فيما وقفت بعض النسوة صفًا واحدًا في مختلف المسيرات بمحافظات القطاع، وبدت علامات الاستياء واضحة على وجوههن ممّا وصل إليه حال الرئيس محمود عباس من إذلال لأبناء شعبه في غزة بدعوى الانقسام السياسي.
وأكدت إحداهنّ أنّ الرئيس "عباس" من سمح به وهو وحدة إضافة إلى "حماس" يتحملون المسئولية عن تدهور الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والمعيشية في قطاع غزة، وقالت بغضب: إذا كان عبّاس سيُحاربنا بالكهرباء والحصار والتجويع فإننا لن نركع ولن نُسقط المقاومة من حساباتنا وسيكون الانفجار القادم في وجه الاحتلال.
وأشارت مواطنة أخرى التقت معها "الحدث" وكانت قد شاركت في السلسلة البشرية في منطقة دوار حمودة شمال قطاع غزة، إلى أنها ترفض إجراءات الرئيس محمود عبّاس بحق قطاع غزة ودعته إلى مساندة شعبه في الحصول على حقه بالتحرر من الاحتلال الذي يجثم على أرضه منذ 69 عامًا، وقالت :" جئت لأقول لا للحصار ولا للاحتلال" وأكدت أن الحال سيكون أكثر قسوًة إذا استمر التعنت بشأن قطاع غزة وبيّنت أن القطاع الآن بمثابة قنبلة موقوتة فإما رفع الحصار ومنح ا لشعب حقه الكريم بالحياة وإلا سيكون الانفجار في وجه الاحتلال وكل المتآمرين معه.
فيما اكتفت سيدة أخرى في مدينة خان يونس جنوب القطاع بتوجيه رسالة للرئيس محمود عبّاس قائلة: " إن من يخسر شعبه لن يكسب العالم أبدًا" داعية إياه إلى عدم تقديم المزيد من التنازلات التي تضر بالقضية الفلسطينية وفق الهوى الأمريكي والإسرائيلي والإقليمي العربي.
مشاركة واسعة من الفصائل
بدورها لبّت الفصائل الفلسطينية من حركة الأحرار والجبهة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس، النداء ولوحظ وجود عدد من القيادات منها أعضاء المجلس التشريعي ورئيس حركة حماس في قطاع غزة "يحيى السنوار" وكذلك نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس "إسماعيل هنية" في تظاهرات اليوم التي فاقت الـ 50 تظاهرة في مختلف أرجاء القطاع من جنوبه إلى شماله.
وقال هاني الحلبي الناطق باسم الحراك الوطني لرفع الحصار عن غزة إن المسيرات شهدت تواجدًا كثيفًا من القيادات الوطنية في مختلف الفصائل الفلسطينية" مؤكدًا أن الجميع تخلى عن رايات حزبه لصالح رفع راية العلم الفلسطيني.
وأكد "رامي الفرا" الناطق باسم حركة الأحرار في مدينة خان يونس أن هذه الكثافة الشعبية والفصائلية في مسيرات اليوم من شأنها أن تُغير موازين المُعادلة وتُنهي الحصار، لكنها بحاجة إلى قرار سياسي صائب من الرئيس "محمود عبّاس"، وتابع موجهًا حديثه للرئيس بألا يُقدم المزيد من التنازلات لإرضاء الرئيس الأمريكي ترامب الذي سيلتقيه غدًا وإلا فإن الشعب الفلسطيني سيرفع له شعار "ارحل يا عبّاس" كما حدث في دول الجوار العربي.
وبدوره قال أبو البراء الممثل عن حركة الجهاد الإسلامي في المنطقة الوسطى: " يجب على الرئيس محمود عبّاس أن يُنهي الحصار الظالم عن قطاع غزة وشعبه المناضل" ودعاه إلى العمل الفوري على تطبيق المصالح والاجتماع بالفصائل الفلسطينية على أساس الوحدة والتقاء المصالح الوطنية وحذر في حديثه لنا من تقديم المزيد من التنازلات على أعتاب البيت الأبيض المقرر أن يزوره غدًا ويلتقي بالرئيس الأمريكي رونالد ترامب.