الإثنين  29 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ترامب والسلام/ بقلم: سامي سرحان

2017-05-10 10:27:36 AM
ترامب والسلام/ بقلم: سامي سرحان
سامي سرحان

 

تباينت آراء المحللين حول نتائج الاجتماع الأول بين الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب والرئيس محمود عباس"أبو مازن" في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، وتراوحت هذه الآراء بين أن اللقاء كان شكلياً وأن كلام الرئيس ترامب كان على قدر كبير من البروتوكولية والتمني، وبين من أكد أن الرئيس الأمريكي أظهر التزاماً بالتوسط لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وأنه سوف يجد حلاً للنزاع الذي يلقي بظلاله على منطقة الشرق الأوسط منذ قرن من الزمان. واستوقف المحللون ما جاء على لسان الرئيس ترامب أنه سيكون وسيطاً وحكماً، وهو ما لم يقله رئيس أمريكي قبله، فكل ما عهدناه في السياسة الأمريكية أنها تسخّر وساطتها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الضفة على الجانب الفلسطيني لتقديم المزيد من التنازلات عن حقوقه الوطنية المشروعة، حتى بات لا يستطيع التنازل عن متر واحد في الأرض أو في البحر أو في السماء.

 

ويبدو أن حكومة نيتنياهو اليمينية والدوائر اليهودية والصهيونية المؤيدة لها في حيرة من أمرها، وكيف ستتعامل مع الرئيس ترامب إذا ما قرر فعلاً الانخراط في عملية سياسية في الشرق الأوسط لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي حلاً منصفاً للاستمرار ونصب نفسه حاكماً ووسيطا نزيها.

 

لقد واجه نتنياهو بحدة توجهات الرئيس الأمريكي السابق براك أوباما وسعيه لإيجاد حل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وبرز الاختلاف واضحاً بين الإدارة الأمريكية السابقة وحكومة نيتنياهو إلى درجة التشهير بين الطرفين وكسر قواعد البروتوكول في التعامل بين حكومات إسرائيل والبيت الأبيض والنتيجة كانت أن انكفأ الرئيس أوباما عن تدخله المباشر في العملية السياسية التي أراد لها أن تنهي الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وأوكلها في وزير الخارجية جون كيري الذي بذل جهداً لافتاً دون أن يتمخض عن نتيجة، غير أن إدارة أوباما حملت نيتنياهو وحكومته مسؤولية فشل الجهود الأمريكية للتوصل إلى تسوية سياسية، ولكن ظل مبدأ حل الدولتين الذي ورثه الرئيس أوباما عن سلفه الرئيس جورج بوش الابن هو الحل الذي استمر عليه المجتمع الدولي، وبات لازمة تتكرر في كل مناسبة ومحفل وقرار يتعلق بتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

 

وهنا توقف المراقبون عند خلو تصريحات الرئيس ترامب أثناء لقائه أبو مازن من ذكر حل الدولتين الذي يعتبر الخيار الاستراتيجي الوحيد للرئيس أبو مازن.

 

ترامب لم يستبعد حل الدولتين أو أياً من قضايا الوضع النهائي، وما أعلن عنه أنه يريد أن يبدأ عملية تؤدي إلى سلام حقيقي. ولم يتوقف عند هذا الحد بل أكد أن لديه القدرة على ذلك ولعل هذا التصميم وهذه الكلمات المحددة المعنى هو ما أربك حكومة نيتنياهو ودفعها إلى التريث في الرد حتى يجتمع ترامب في الثالث والعشرين من الشهر الجاري لدى زيارته للمنطقة ومن ضمنها إسرائيل لتقف فيه على خطط العملية وما ينوي القيام به.

 

التقديرات الإسرائيلية من غير الحكومة واليمين تقول إن ترامب فتح طاقة صغيرة في جدار الصراع ولكن هامة، وعلى حكومة نيتنياهو أن ترد عليها بالإيجاب وأن ترحب بها لأنهم يعرفون كيف ستكون عملية ردود فعل ترامب وإدارته الجديدة إذا ما تعاملت حكومة نيتنياهو معه كما تعاملت مع إدارة أوباما السابقة.

 

لا شك أن زيارة الرئيس ترامب إلى المنطقة كأول زيارة له بعد توليه الرئاسة واختياره المملكة العربية السعودية لتكون محطته الأولى واجتماعه فيها بزعماء دول الخليج العربي ودول إسلامية أخرى يؤشر على أهمية استقرار هذه المنطقة ومركزيتها في السياسة الأمريكية في عهد ترامب التي وضعها الرئيس السابق أوباما جانباً وتركها نهباً للفوضى والإرهاب الذي امتد ليشمل كثيراً من دول العالم.

 

ترامب سيزور إسرائيل وسيجد فيها ترحيباً ومجاملات كثيرة وأشياء رمزية، وقد بدأ نيتنياهو هذه المجاملات من اليوم حول الصديق العظيم الذي تربط به علاقات قديمة وتربطه بإسرائيل ما لا يعرفه أحد.

 

وما يهمنا أن تشمل زيارة ترامب للمنطقة وإسرائيل زيارة للأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية والاجتماع بالرئيس عباس في رام الله أو بيت لحم، ويقف على جزء من معاناة الشعب الفلسطيني في السجون والحواجز والطرقات حتى يكون منصفاً وحكماً نزيهاً في عملية التفاوض، ويبرهن أنه قادر على البدء بعملية تؤدي إلى صفقة تاريخية وسلام حقيقي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.