الثلاثاء  30 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الرهان الأخير/ بقلم: نبيل عمرو

2017-05-25 10:15:14 AM
الرهان الأخير/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

هل سيمضي الرئيس عباس قدماً في التعامل مع ترمب، حتى لو قدم مقترحات من النوع الذي رُفض من قبل؟

 

أقول.. نعم، فالوضع الفلسطيني ليس مستريحاً إلى درجة انتقاء الحلول بمنطق ما الأفضل وما الأكثر جودة.

 

فالواقع يقول أن المعادلة صارت خياراً بين الأسوأ والأقل سوءاً.

 

ورغم كل الكلام الإنشائي الذي يقال في الخطب والمناسبات، إلا أن رهاناً وحيداً بقي على الطاولة، وهو احتمال أن يقدم ترمب مبادرة وأن يقنع الإسرائيليين بقبولها، وأن يؤمّن دعماً مصرياً وسعودياً وأردنياً لها، إمّا تحت مسمى الحل الإقليمي، أو تحت عنوان الإقليم يدعم ويشارك.

 

ماذا سيطرح ترمب؟ حتى الآن لا أحد يعرف وربما هو لا يعرف، غير أن ما ينبغي أن يدرس بعناية، ماذا لو غضب ترمب وأدار ظهره للعملية، وأجّل الحل التاريخي الذي بشر به إلى وقت آخر.

 

في هذه الحالة كيف سيكون وضع الرهان على التسوية، وهل سيبقى مجال أو مساحة منطقية للحديث عن إنقاذ عملية السلام، وإيجاد موقع للفلسطينيين فيها؟

لقد جربنا الجفاء الأمريكي لعملية السلام، وكيف كان يجر جفاءً دولياً وحتى إقليميا، كانوا إذا ما المحو بالابتعاد ولو قليلاً، نقاتل بشدة من اجل أن يعودوا، ذلك أن الأمريكيين يشكلون حالة غريبة بالنسبة للفلسطينيين، وهي أنهم إذا حضروا ففي الأمر بعض مصيبة وإن ابتعدوا فالمصيبة أفدح، وبين هذين الحدين المأساويين عاشت السياسة الفلسطينية وترعرعت، وانتكست.

 

 وفي مسألة السلام مع إسرائيل والدور الأمريكي فيه، فإن الفلسطينيين أكثر دراية من غيرهم في القدرات الأمريكية وكيفية طرح المبادرات المذهلة والتراجع عنها إما في اول الطريق وإمّا في منتصفه.

 

الرهان الفلسطيني الأن مشدود إلى عاملين، الأول.. التجربة، وهذا يسجل مزايا متواضعة كالتمويل المحدود، وإظهار بعض المواقف الإيجابية مثل القبول بحل الدولتين والتنديد بالاستيطان، أما العامل الثاني.. فهو توقع ضغط من ترمب على إسرائيل كي تقدم له أكثر مما قدمت لأسلافه، وهذا ما يزال رهاناً غير مؤكد التحقق بل ولا مقدمات قوية تشير إليه.

 

الفلسطينيون الذين شارك رئيسهم في القمة الإسلامية الأمريكية، ونطق الرئيس ترمب باسمه إلى جانب اسم نتنياهو واعتبر ذلك لفتة تستحق البناء عليها، يتبنون الآن رهاناً موازياً وهو التعلق بأهداب الاستثمار السعودي السخي مع أمريكا، وكذلك على الهامش الذي يظهر حل القضية الفلسطينية كشرط أساسي لنجاح الحرب على الإرهاب، ولنجاح الأعداد التحالفي الواسع لهذه الحرب، وربما يكون هذا هو الرهان الجديد الذي يضع القضية الفلسطينية على طاولة مساومات الأغنياء والكبار، وهذا ما لا يمكن الجزم بخلاصاته مسبقاً، فليس نحن والسعودية ومصر والأردن وحدنا مع أمريكا في الملعب، فهنالك إسرائيل.

 

كتب هذا المقال والسيد ترمب في ربوعنا، ويتصادف حضوره مع مرور خمسين سنة على هزيمة حزيران، التي ما زالت تداعياتها قائمة كما لو أن الحرب على جبهتها الفلسطينية بدأت بالأمس، ومنذ ذلك التاريخ وبيننا وبينه زمن سحيق تم ترويض القضية الفلسطينية في قفص التجارب والإدارة، وهذه رغبة إسرائيلية صرفة نجحت في جذب الأمريكيين لها، وحين أعلنت عن رزمة تسهيلات سنكتشف في اليوم التالي على تطبيقها أن طبقت، بأنها لا تسمن ولا تغني من جوع، وفي سياق دروس التجربة فسوف تكون إمعاناً في إدارة الأزمة وليس مقدمة لحلها، ولكي لا نستبق الأمور فالأيام ستكشف لنا ما اذا كان ترمب سيتمرد على صيغة إدارة الأزمة لمصلحة حلها أم أنه سيحذو حذو أسلافه مكتفياً بالقول... "لقد حاولت".