الجمعة  02 أيار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خصم مخصصات عائلات الشهداء والأسرى لن يمر بسهولة/ بقلم: عصمت منصور

قراءة تحليلة في قرار الاحتلال الخصم من أموال المقاصة

2017-06-12 02:55:57 PM
خصم مخصصات عائلات الشهداء والأسرى لن يمر بسهولة/ بقلم: عصمت منصور
الخبير في الشأن الإسرائيلي/ عصمت منصور
 

بقلم/عصمت منصو

 

اقرت اللجنة الوزارية الاسرائيلية الخاصة بالتشريع مساء الاحد الماضي مشروع قانون يقضي باقتطاع المخصصات التي تصرفها السلطة الفلسطينية للشهداء والاسرى من قيمة الجمارك والمقاصة التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة وهي الصيغة التي أقرّها اتفاق باريس الاقتصادي.

 

سبق هذا الإقرار نقاش وبحث في مراكز أبحاث ووسائل الإعلام في إسرائيل لينتقل بعدها إلى لجنة الخارجية والأمن في الكنيست وهي جهات أجمعت على ضرورة اقرار مثل هذا التشريع كما أنها حملت التوصيات التي خرجت بها الى البيت الأبيض واللوبي الإسرائيلي وفي الإعلام ودوائر القرار في الولايات المتحدة.

 

مع ذلك لا نتوقع أن يمر هذا التشريع بسهولة خصوصا بعد أن حاول حزب الليكود تأجيله لأسابيع بغية استنفاذ التحضيرات القانونية التي قد تعيق إقراره بشكل نهائي من قبل الكنيست والتأكد أن الإتفاقيات الموقعة مع السلطة والإلتزامات الدولية التي تعهدت بها اسرائيل لا تتعارض مع روح ونص هذا القانون.

 

عقبة أخرى تقف في وجه هذا القانون وهي أجهزة الأمن الإسرائيلية التي لم تقدم توصيه واضحة تدعم فيها إقراره وما هو معروف عنها أنها تتحفظ بشكل تقليدي على أي خطوة قد تضعف السلطة و تزعزع مكانتها في الشارع الفلسطيني لإدراكها أن الشعارات التي تحمل طابع المزايدة بين الأحزاب الاسرائيلية والتسابق على كسب ود اليمين شيء (حزب يش عتيد التابع ليائير لبيد هو الذي تقدم بالمشروع لإحراج الليكود)  وما يحدث على ارض الواقع شيء آخر مختلف تماما.

 

الأجهزة الأمنية في إسرائيل تدرك أكثر من غيرها العلاقة المركبة مع السلطة وطبيعة تركيبة المجتمع الفلسطيني ومدى الضرر الذي يمكن أن يلحق بالسلطة إذا ما دخلت في مواجهة مع أهالي الشهداء والاسرى.

 

نتنياهو أيضا كان يرغب هو الآخر في تأجيل وتنويم المشروع وإبقاءه ورقة للابتزاز السياسي ومناكفة السلطة وإحراجها أمام الإدارة الأمريكية الجديدة من خلال إظهارها كدولة داعمة للتحريض الذي تحول إلى حجر الزاوية في سياسته الجديدة تجاه أبو مازن بعد أن عجز في إقناع ترامب وإثبات أي دور له في دعم الإرهاب ونجاح الرئيس في إقناع الامريكان أنه والسلطة من خلفه جادون في الحفاظ على الأمن وبذلوا جهودا كبيرة في منع العنف حتى في أحلك الظروف التي دارت فيها مواجهات مع اسرائيل.

 

الآن وبعد أن وجهت اكثر من 180 عائلة لقتلى إسرائيليين رسالة إلى نتنياهو ووزيرة القضاء شاكيد لم يجد نتنياهو بد من المضي في التشريع وعلى الأقل في مراحلة الاولية محاولا إمساك العصى من الوسط وكسب جميع الأطراف، فهو بهذا التأييد للقانون رغم ما ينطوي عليه من مخاطر وعدم التأكد من القدرة على تنفيذه يقطع الطريق على أي مزايدة داخليه من قبل الأحزاب الأخرى وأيضا من داخل حزب الليكود نفسه من جهة وأيضا يلوح به أمام الادارة الامريكية التي لن تجد مبررا لمحاربته لكونها تبنت أطروحات نتنياهو عن التحريض وحولتها لشرط مسبق لأي تقدم في استئناف المفاوضات.

 

هذا القانون خطير ويضع السلطة الفلسطينية أمام تحدي صعب.

 

إن السلطة التي لم تتصدى بحزم منذ البداية لهذا الربط بين الاسرى والتحريض والإرهاب وميّعت مفهوم المقاومة وسلّمت بالمعايير الاسرائيلية الأمريكية ستجد نفسها عرضة للابتزاز كل مرة من جديد وبعناوين لا نهائية ستختلقها إسرائيل لإظهارها بمظهر المعطل للسلام.

 

إذا ما أرادت أن تتجنب أي صدام مع قطاع واسع وحساس ويحظى بقدسية وهالة نضالية في أوساط شعبها (الأسرى والشهداء) فإن المناورة ومهادنة إسرائيل  لن تجدي نفعا ولا مناص أمامها من مواجهة هذا القانون وبأكثر السبل جذرية وإبداعية وإلا فإن روايتنا التاريخية التي يستند عليها حقنا وموقفنا التفاوضي ستصبح في مهب الريح ناهيك عن الآثار الاقتصادية والمعنوية السلبية لهذا القانون.