الحدث- محمد غفري
شقراء، أما عيونها فزرقاء، هي طفلة بعمر الزهور، فيها من الجمال ما يكفي لينصبها أميرة لو كانت في دولة تقدر مناضليها وتسدهم دين ما دفعوه فداء للوطن.
بعيداً عن المعتصمين بأمتار قليلة، كانت تلعب الطفلة شام التي لم تتجاوز بعد سنوات عمرها الخمس، وبعدما سألتها عن والدها أين هو، فقط أجابت بـ "راح".
يبدو أن شام بكل ما تحمل من براءة الأطفال لا تدري أن والدها معتقل في سجون الاحتلال، ولا تدري أنها تشارك في اعتصام أمام مقر هيئة شؤون الأسرى والمحررين مع والدتها، رفضاً لقرار السلطة الفلسطينية بقطع رواتب عدد من الأسرى، وفقط تريد شام أن تلعب، فمن يضمن لها استمرار اللعب في حال واصلت السلطة الفلسطينية قطع راتب والدها خلال الأشهر القادمة.
واعتصم عدد من الأسرى المحررين في صفقة شاليط (وفاء الأحرار) وعدد من عائلات الأسرى المعاد اعتقالهم، اليوم الأحد، أمام مقر هيئة شؤون الأسرى والمحررين، في مدينة البيرة، رفضاً لقرار السلطة الفلسطينية بقطع رواتب أكثر من 270 أسيراً فلسطينياً، غالبيتهم من حركة حماس.
السيدة رشا أبو الرب تقول إنها ذهبت لاستلام راتب زوجها الأسير عندما صرفت الحكومة رواتب الأسرى بداية هذا الشهر، وبعد أن تسلمت راتبه قامت بإيداعه في حسابها الخاص.
بعد ذلك بخمسة أيام، ورد إلى السيدة أبو الرب اتصال من البنك يبغلها بضرورة إرجاع راتب زوجها إلى حسابه الخاص، وبالفعل عادت إلى البنك ووضعت الراتب في حساب زوجها، ثم سحب الراتب، دون أن تدري ما هو السبب، كما ذكرت لـ"الحدث".
زوجة الأسير الفلسطيني أشرف أبو الرب أحد محرري صفقة شاليط من الذين أعيد اعقتالهم وسجنهم بالحكم السابق، تؤكد أن راتب زوجها هو المعيل الأساسي للعائلة، فهي أم لطفلتين ولا تعمل، لأنها متفرغة لتربية أطفالها في ظل غياب زوجها الأسير.
وفي حالة أخرى، تقول زوجة الأسير إبراهيم عبد العزيز شلش إنهم بدأوا قبل سنوات ببناء منزلهم دون إكماله بسبب قلة راتب زوجها، إلا أن خروجه من الأسر في صفقة شاليط ساهم في إكمال المنزل، بعدما كتب على نفسه شيكات، وتعهد بالتزامات مالية للتجار والمتعهدين.
وأضافت السيدة شلش لـ"الحدث"، أن الاحتلال الإسرائيلي أعاد اعتقال زوجها وأعيد له حكمه السابق بالمؤبد وأمضى في سجون الاحتلال نحو 22 عاماً، وبعدما قطعت السلطة الفلسطينية راتب زوجها هذا الشهر، لم تعد تستطيع سداد ديون المنزل من شيكات ودفعالت مالية، حتى أن اتصالا هاتفيا ورد إليها خلال الاعتصام من صاحب محل لمواد البناء يطالبها بسداد الديون.
وأكدت شلش أن قطع الراتب أثر على الحياة المعيشية للأسرة، وجاء في ظل شهر رمضان، وقبل فترة الأعياد، وما يترتب على ذلك من مصروفات للمنزل، كما وأوقف قطع الراتب قرار ابنها بإكمال نصف دينه بالخطوبة، مضيفة "لا يوجد لنا معيل حالياً إلا الله عز وجل".
الجدير بالذكر أن كافة المصادر الرسمية لم تفسر حتى اللحظة أساب قطع رواتب الأسرى، فهل يأتي هذا القرار إلى جانب قرارات الرئيس الفلسطيني العقابية ضد حماس وقطاع غزة؟، أم استجابة لدعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقطع رواتب عائلات الشهداء والأسرى في حال أراد السلام؟
شاهد أيضاً: الأسير المحرر جهاد بني جامع لا يقوى على الحركة والكلام، وهو من الأسرى المقطوعة رواتبهم.