الثلاثاء  08 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| أهالي القدس.. وحيدون في مواجهة غطرسة الاحتلال الإسرائيلي

2017-07-18 12:59:08 PM
خاص
الاحتلال يستولي على منازل في البلدة القديمة بالقدس المحتلة (أرشيف الحدث: محمد غفري)

 

الحدث- محاسن أُصرف                

بين تعبيرٍ عن قلق مما يجري، وإدانة لفظية تراوحت المواقف الرسمية حول أحداث القدس منذ الجمعة الماضي وحتى اليوم، فلم يُحرك إغلاق المسجد الأقصى لثلاثة أيام متتالية ولا تركيب البوابات الإلكترونية ساكنًا، فقط بقيَّ وحدهم أهالي القدس والبلدة القديمة يذودون الأذى بأجسادهم الضعيفة أمام بطش الاحتلال وبدموعهم السخية حسرًة على ما يجري رافضين الانصياع ومؤكدين على الحق بالقدس والأقصى أرضًا وسماءً ومقدسات في وقتٍ خذلتهم أيضًا الدول العربية والإسلامية فلم يرتقوا بردود أفعالهم ولا تفاعلهم مع أحداث الأقصى إلى المستوى المطلوب حتى الأردن التي من المفترض تملك حق الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالمدينة منذ عام 1924.

 

ويرى مراقبون أن دورها الأخير شكلي لا يترتب عليه أي إجراء فعلي لمنع الاحتلال من التواجد في القدس رغم أنها تمتلك الوصاية.

 

موقف عربي هش

ما فعلته الحكومة الأردنية فقط أنها عبّرت عن رفضها التام لأي اعتداء إسرائيلي على حق المسلمين في أداء شعائرهم الدينية في المسجد الأقصى، وطالبت بفتح تحقيق فوري في عملية اشتباك الأقصى التي وقعت الجمعة الماضية واستشهد على إثرها ثلاثة شبان من عائلة جبارين في أم الفحم بأراضي الـ48 وقتل جُنديين إسرائيليين، كما دعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى عدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تُغيير وضع القدس والمسجد الأقصى القائم، وذلك وفق بيان اطلعت عليه "الحدث" صادر عن "محمد المومني" الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية.

 

وإن كانت الحكومة الأردنية أصدرت بيانًا بحكم الوصاية على المُقدسات الإسلامية في القدس، فالعرب لم يفعلوا ذلك وعمدوا إلى سياسة التجاهل إلا من بعض تنديدات "خجولة"، وفي تفسير حالة الهوان تلك، يُؤكد "وليد المدلل" المختص في الشأن الدولي أنها عائدة إلى الأزمات  الداخلية المتلاحقة التي تُكابدها الدول العربية وارتباطها بعلاقات تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ما يجعل موقفها الرسمي عاجزًا عن الفعل، وقال: "إن ما يجري في بعض الدول فقط تحركات شعبية غير مدعومة بمواقف رسمية مما يجعلها أقل تأثيرًا في الضغط على الاحتلال لإنهاء ممارساته الأخيرة بحق القدس والمسجد الأقصى".

 

وحيدون في المواجهة

 

 ومنذ 14 تموز/ يوليو الماضي بقيّ المقدسيون وحدهم يُكابدون ممارسات المنع والإغلاق الإسرائيلي للمسجد الأقصى، يومها أدوا صلواتهم على الأسفلت في أقرب نقطة سُمح لهم بالتواجد فيها حول الأقصى، وبالأمس سُمح فقط لأهالي البلدة القديمة ممن يحملون هوية القدس بالدخول والصلاة في المسجد الأقصى لكن كان الشرط مؤلمًا المرور عبر البوابات الإلكترونية فأبوا أن يُنفذوه واستمروا في الصلاة في محيط الأقصى.

 

المقدسي "محمد خلف" أكد لنا أنه لن يمر إلى الأقصى عبر البوابات الإلكترونية وأنّه مُصر على حقه التاريخي والديني في الوصول إلى الأقصى بحرية، قال: "لن يفلح الاحتلال بإبعادنا عن الأقصى ولن ندعه يفرض سيطرته عليه ولو استُشهدنا على أبوابه".

 

يرى "خلف" أن وحدة الموقف الشعبي الفلسطيني وخاصة المقدسي من شأنها أن تُشكل عامل ضغط على الاحتلال حتى وإن لم تكن مدعومة بموقف رسمي، ويُشير أن تسول الصلاة في الأقصى من الاحتلال يضر المسجد ويُحقق الحلم الإسرائيلي بالسيطرة عليه ومن ثمّ التصرف في باحاته وأركانه كيف تشاء، لافتًا أن الرفض والبقاء خارج أسوار القدس والمسجد الأقصى من شأنه أن يُعطي صورة للعالم برفض الفلسطينيين لسيادة الاحتلال على الأقصى ويُحركهم من أجل اتخاذ مواقف مؤيدة للحق الفلسطيني وضاغطة على الاحتلال الإسرائيلي.

 

بدوره اعتبر الناشط المقدسي "خالد عودة" أن البوابات الالكترونية أداة تحكم للاحتلال بحركة الناس اليومية في القدس من شأنها أن تُعيد توجيههم خارج المسجد الأقصى ما يؤدي إلى عزله عن محيطه المباشر، وقال: "إن المرور إلى المسجد الأقصى عبر البوابات الإلكترونية يمنحهم السيطرة المباشرة ويُنهي الوجود الفلسطيني والإسلامي فيه".

 

ومنذ الأول من أمس يُحاول الاحتلال الإسرائيلي إخضاع المقدسين لقبول البوابات الإلكترونية التي نصبها على بوابات الأقصى والمرور عبرها، ما دعا المرجعيات الإسلامية في القدس إلى دعوة أهل القدس وفلسطين إلى عدم التعامل مع البوابات الإلكترونية والمرور عبرها إلى المسجد الأقصى باعتبارها إجراء فعلي لتغيير واقعه تاريخيًا، كما دعتهم إلى شد الرحال والرباط في أقرب نقاط واصلة للمسجد الأقصى لحين يتراجع الاحتلال عن إجراءاته الأخيرة.

 

ومازال المقدسيون يرفضون المرور للأقصى عبر البوابات الإلكترونية ويؤدون صلواتهم في الطرقات المؤدية إليه على مرأى ومسمع الشرطة الإسرائيلية وتحت سياط بطشهم.

 

انتهاك للقانون الدولي

وعلى صعيدٍ متصل رأى "د. حنا عيسى" أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لحماية المقدسات في القدس، أن إجراءات الاحتلال بتركيب البوابات الإلكترونية تأتي لفرض واقع جديد على المسجد الأقصى بالسيطرة التامة عليه وبقبول فلسطيني خاصة إذا ما خضعوا للمرور إليه عبرها، لافتًا أن ذلك انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي الذي يُؤيد حرية العبادة والحرية الدينية.

 

وتأتي هذه الإجراءات في إطار الحلم الإسرائيلي العظيم بالوصول إلى أقلية فلسطينية إسلامية في المدينة المقدسة بحلول العام 2020 لا تتجاوز الـ 20% فقط فيما الأغلبية العظمى للاحتلال الإسرائيلي، وهو ما كشفه "عيسى" في تصريح مُقتضب لنا حيث أكد أن القدس والمسجد الأقصى مُسيطر عليها بالأنفاق في باطن الأرض والتي وصلت إلى 28 نفقًا في محيط المسجد الأقصى من شأنها أن تبتلعه في أي لحظة فيما ستُبرر وقتها "إسرائيل" بحدوث زلزال أو هزة أرضية، وتابع أن المُخطط الإسرائيلي القادم سيرتز على هدم الكنائس والمساجد المؤدية للمسجد الأقصى والعمل على فرض سيادتها فعليًا وصولًا إلى نقل العاصمة من تل أبيب إلى القدس.

 

فيما شدد "إسماعيل نواهضة" خطيب المسجد الأقصى أن الاحتلال يعمد حاليًا إلى تكريس واقع التقسيم المكاني للمسجد الأقصى تمامًا كما فعل مع الحرم الإبراهيمي في الخليل، وقال في تصريح مقتضب لـ "الحدث": "إن الاحتلال الإسرائيلي يستغل كل فرصة لتنفيذ مخطط التقسيم المكاني خاصة بعد فرضه التقسيم الزماني بالاقتحامات اليومية للمستوطنين والطوائف اليهودية المتطرفة"، داعيًا المقدسيون إلى الصمود والعالم العربي والإسلامي إلى التحرك الفعلي والجاد من أجل إنقاذ أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين.