الجمعة  26 نيسان 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع 90 | حلّ المجلس التشريعي وصفقة دحلان

2017-08-08 10:51:41 AM
ع 90 | حلّ المجلس التشريعي وصفقة دحلان
المجلس التشريعي

 

الحدث- علاء صبيحات

 

ما إنْ أطلق القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان لسانه في جلسة المجلس التشريعي المنعقدة في غزة عبر البث المباشر مخاطبًا نواب التشريعي هناك، إلا وبدأت الأقاويل التي تتكلم عن توجه الرئيس الفلسطيني إلى حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني.

 

وقال النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة: إنّ ما يخرج من تسريبات وأنباء عن فكرة حلّ المجلس التشريعي ليست من فراغ؛ إذْ أنَّ هناك من هو معني بإطلاق بالون تجريبي لكشف ردود الأفعال إذا ما تمَّ طرح فكرة حلِّ المجلس التشريعي على الطاولة بحسب اعتقاده.

 

وأضاف خريشة أنّ مَن يَطرح هذه الفكرة فإنَّه يتآمر على الرئيس الفلسطيني ويخدعه بأفكار للمواربة والالتفاف على القانون؛ ليحقق أجندة خاصّة.

 

ويقول خريشة إنَّ مَن اقترحوا على الرئيس هذه الفكرة يحاولون خداع الرئيس بخصوص ما حدث في غزة من جلسة للمجلس التشريعي التي شارك فيها القيادي المفصول محمد دحلان، وبعض أعضاء المجلس التشريعي من حركة فتح، إذ حاولوا إيهام الرئيس أنَّ هذه الجلسة التي كانت جلسة طارئة، ستتحول عاجلاً أو آجلاً بعد تحقيق النصاب القانوني ليمرروا خططهم.

 

ونفى خريشة جميع المعلومات التي يحاولون إيصالها للرئيس، وعدَّها معلومات مضللة وغير قابلة للصحة.

 

وأكّد خريشة أنَّ هناك مؤامرة كبيرة على الرئيس لخداعه وجعله يعتقد بأنّ النصاب القانوني يمكن أن يتمَّ، وهو ما لا يمكن حدوثه في جلسة غزة فقط.

 

وأوضح خريشة أنَّ الرئيس الفلسطيني يمتلك من الحنكة السياسية ما لا يوقعه في مثل هذه الخدع، والمتاهات التي تهدف لتحقيق مصالح خاصّة.

 

وأوضح خريشة أنّه لا توجد بالقانون أيُّ مادة تعطي الحق لأيِّ منصب بحلّ المجلس التشريعي، بل إنَّ المادة المكررة رقم (47) نصَّت على أنّه تنتهي مدة ولاية المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب.

 

وأضاف خريشة إنَّ حلَّ المجلس التشريعي يعني -بلا أدنى شكّ- انتهاء مدة الرئاسة.

 

وأوضح خريشة أنَّ الحلّ يكمن في طلب الرئيس عقد جلسة للمجلس التشريعي، وبهذه الخطوة يمكن للرئيس توجيه رسائل عديدة للاحتلال من ناحية، ولحماس من ناحية أخرى، يعلن فيها عقده العزم على المصالحة الحقيقية.

 

والأولى -كما قال خريشة- مِن حلِّ المجلس التشريعي أنْ يتمَّ توجيه الأمور نحو معركة القدس التي بدأت ولم تنتهِ.

إذْ أنَّ حلَّ المجلس التشريعي -كما قال خريشة- سيؤدي إلى معركة سياسية، وكتلة حماس البرلمانية التي تصل لأكثر من 70 نائبًا من حماس، بالإضافة لأكثر من 16 نائبًا من حركة فتح التابعين لتيار دحلان لن تقف مكتوفة الأيدي في وجه القرار.

 

الرأي القانوني

فيما قال رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق د. عصام عابدين: إنّه في حالة أصدر الرئيس الفلسطيني قرارًا بصيغة قانون يقضي بحلِّ المجلس التشريعي، فإنّه سيكون انتهاك للقانون، إذ إنَّ مثل هذا القرار يخالف أحكام القانون الأساسي الفلسطيني؛ لأنّ القانون الأساسي لا يعطي الرئيس الفلسطيني صلاحية حلِّ المجلس التشريعي، حتى لو كان في حالة الطوارئ.

 

وعدَّ عابدين أنَّ مثل هذه القرارات هي انتهاك وتجاوز واضح لمبدأ سيادة القانون، ومبدأ الفصل بين السلطات، إذْ إنَّ القانون الأساسي، وبخاصة بعد تعديلات العام 2003، فإنَّ الصلاحيات التي منحها القانون الأساسي للرئيس محصورة، فالمادة (38) من القانون الأساسي تقول: إنّ رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية يمارس سلطاته وصلاحياته على الوجه المبين في القانون الأساسي.

 

ويضيف عابدين أنّه ليس من صلاحيات الرئيس -وفقًا للقانون الأساسي- صلاحيات إجراء استفتاء لحلِّ المجلس التشريعي، أو حتى حلّ المجلس التشريعي نفسه.

 

وقضية الاستفتاء -كما يقول عابدين- هي ليست المرة الأولى إذْ إنّه وفي تاريخ 25/5/2006، أعلن الرئيس الفلسطيني نيته إجراء استفتاء على حلِّ المجلس التشريعي، إذا لم يتمّ التوصل لاتفاق خلال مؤتمر الحوار الوطني (وثيقة الأسرى).

 

وأكّد عابدين أنّ الحديث عن الاستفتاء توقف في ذلك الوقت؛ لأنّ نظامنا الدستوري لا يسمح بحلّ المجلس التشريعي، أو بإجراء استفتاء لحلِّه من قبل أيِّ منصب، إذْ إنَّ النظام الدستوري المعمول به في أراضي السلطة الفلسطينية هو نظام التفويض، إذ ينتخب به الناس مجلسهم التشريعي ويفوضونه للحكم لمدة 4 سنوات، ثمَّ تجري انتخابات ثانية، ولا يجوز وفقًا لهذا النظام طرح استفتاء لحلِّ المجلس التشريعي.

 

وبحالة طرح فكرة الاستفتاء، أو حتى حلّ المجلس التشريعي، فإنَّه يستلزم تغيير القانون الأساسي، وهو ما يتطلب موافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الذين هم 132 عضوًا، والأغلبية تكون بواقع 88 صوتًا.

 

وأكّد عابدين ثلاث نقاط مهمة، أولاً: أنّ النظام السياسي لا يسمح بأيِّ شكل من الأشكال بحلِّ المجلس التشريعي، وثانيًا: لم يمنح الرئيس أيّ صلاحيات تسمح بحلِّ المجلس التشريعي، أو حتى صلاحية الاستفتاء لحلِّ المجلس التشريعي، وثالثًا: أنَّ القانون الأساسي لا يسمح بحلِّ المجلس التشريعي حتى في حالات الطوارئ.

 

فالمادة (113) من القانون الأساسي التي وردت تحت الباب السابع، تحت عنوان (أحكام حالة الطوارئ) لا تجيز لرئيس السلطة الفلسطينية حلّ المجلس التشريعي حتى في حالات الطوارئ، كما يقول عابدين.

 

لكن -وبحسب عابدين- قد تأخذ المسألة أبعادًا مختلفة، بمعنى أنّه قد يُسار إلى طلب تفسير ما من المحكمة الدستورية العليا، بما يجيز للرئيس حلّ المجلس التشريعي.

 

وأضاف عابدين أنَّ تعيين المحكمة الدستورية وقضاتها، لا يزال مخالفًا للقوانين الأساسية، بالإضافة لمخالفته لقانون تشكيل المحكمة الدستورية العليا.

 

وبالتالي، فكما يرى عابدين، فإنّ هذا يعني تعقيد الأمور؛ لأن موقف المجتمع المدني واضح من المحكمة الدستورية، فهو مخالف للقانون ولا تزال هناك تساؤلات من قبل المجتمع المدني على المحكمة ذاتها.

 

ويجب ألا يتمَّ تناسي أنَّ المجلس التشريعي معطّل منذ أكثر من 10 سنوات، وحلّه لن يخرجنا من عنق الزجاجة -كما يقول عابدين- الذي يرى أنّ الحلّ الوحيد للخروج من عنق الزجاجة، هو إجراء انتخابات لتجديد الشرعية وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني احترامًا لمبادئ الدستور.

 

خدعة أم حقيقة؟

 

أمّا المحلل السياسي جهاد حرب، فقال لـ" الحدث": إنّ فكرة حلّ المجلس التشريعي ليست أكثر من مجرّد إشاعة، إذ إنه لا يوجد في القانون أيُّ صلاحيات للرئيس بحلِّ المجلس التشريعي.

 

وبحسب حرب، فإنَّ الانتخابات مرتبطة بشكل وثيق وفقًا لاتفاقية أوسلو بين المجلس التشريعي ومنصب الرئيس، فحلّ المجلس التشريعي يعني حلّ منصب الرئاسة؛ لأنَّ ولاية الرئيس تنتهي بنهاية المجلس التشريعي.

 

وأوضح حرب أنَّ قرار حلَّ المجلس التشريعي -بناء على ما سبق- سيكون غير قانوني وغير دستوري، وإذا ما صدر أمر من الرئيس بذلك، فإنّه سؤدّي إلى معركة سياسية في حالة لم يوافق النوّاب على قرار الرئيس، وبالتالي سيعني ذلك معركة سياسية، حماس لن يثنيها شيء عن خوضها، والرئيس بغنى عن خوضها.

 

ما يعني -كما أضاف حرب- أنّ حلَّ المجلس التشريعي سيؤدي إلى مزيد من الانقسام، ولن يحلَّ أيّ شيء من المشاكل العالقة، ولن يشكِّل أيّ ضغط على حماس في غزة، بل على العكس فالمجلس التشريعي في غزة سيظل منعقدًا هناك.

 

أما حلُّه في الضفة -كما قال حرب- فيعني إنهاء وجود الكتل البرلمانية في الضفة فقط؛ لأنّ حماس تعقد جلساتها في غزة، وبالتالي ليس لقرارات الرئيس سلطة في غزة، وكلّ قرارات الرئيس التي صدرت منذ الانقسام غير نافذة هناك.

 

وأكّد حرب أنَّ قوّة المجلس التشريعي تكون في الجلسة العامة، فهذه الجلسة هي صاحبة القرارات، لكن المجلس التشريعي لم يعقد الجلسة العامة منذ 10 سنوات.

 

وكلُّ ما سبق -كما يقول حرب- يعني أنَّ حلَّ المجلس التشريعي ليس أكثر من إشاعة، فليس من مصلحة الرئيس الدخول في معركة سياسية مع حماس التي ترغب وبشدة في خوضها.

 

صفقة دحلان وإضعاف حماس

أكّد حرب أنَّ صفقة دحلان صفقة رابحة للطرفين، حماس ودحلان، حتى لو تمَّ حّلُّ المجلس التشريعي، فالصفقة جاءت؛ لأنَّ حماس تحتاج للوصول إلى مصر والخروج من مأزقها في قطاع غزة.

 

فإذا ما تمَّ تنفيذ جميع الإجراءات التي يتحدث عنها الرئيس، فإنَّ حماس عليها أن تتولى شؤون الحكم في قطاع غزة كافة، فحماس بحسب حرب تحكم ولا تُنفق.

 

أما دحلان فمصلحته في الدخول إلى غزة، هي إيجاد موطئ قدم له، نظرًا للصراع السياسي مع الرئيس، ومن المعروف أنَّ دحلان له تأييد كبير في قطاع غزة، وله عدد كبير من الكوادر، فالاستفتاءات التي حصلت تفيد بعدد كبير من المؤيدين لدحلان في القطاع؛ ما يعني أنّ ثقل دحلان في غزة يجعل له موطئ قدم واسعة لدحلان.

 

من المستفيد من الصفقة على المدى البعيد؟

يؤكّد حرب على المدى البعيد، أنَّ كافة الأمور محكومة بتغير موازين القوى والصراعات والتحالفات الإقليمية، والطرف الفلسطيني بقواه كافة غير قادر على التغيير.

 

والجانب الفلسطيني -كما أضاف حرب- خاضع للتطورات، وكلّ حزب يبني آماله وأحلامه على التحولات الإقليمية، وأبسط مثال هو حماس في العام 2012، عندما كان مرسي في سدّة الحكم كيف كانت قوية وقادرة على التفوق، في حين أنّه حالما انتهى حكم مرسي ضعفت وتراجعت قوتها.