الإثنين  09 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ع90| "أمي توفيت على حاجز زعيم والسبب تأخر في العلاج" .. ضواحي القدس بدون مستشفى !

" والدي يُهرب ليحصل على العلاج ..هو مرفوض أمنيًّا"

2017-08-10 10:24:21 AM
ع90|
إجراءات إسرائيلية على حاجز قلنديا العسكري (الحدث: أرشيفية)

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

أمعن بصورة والدته، وقال: "أمي ماتت قبل شهرين عند حاجز زعيم، والسبب تأخر في العلاج".

 

3/6/2017 توقف نبضها (67) عامًا، ولم تجتزْ حاجز "الزعيم" العسكري والواقع شرق مدينة القدس المحتلة، إلا بعد أن وافتها المنية عند ذلك الحاجز، والسبب تقصير فلسطيني في التنسيق مع الجانب الإسرائيلي لتلقي العلاج داخل مستشفى جمعية المقاصد الخيرية في القدس المحتلة.

 

لم تكن المضايقات الإسرائيلية هي وحدها من أفقدها ما تبقى لها من العمر بمنعها من الدخول واجتياز الحاجز، فهي لم تحصل على الحقنة التي تساعد في طرد الماء من جسدها وإبقائه حيًّا، ومن أراد الحصول عليها عليه أن يأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يطالب بحقه في العلاج والحصول على موافقة تتضمن التحويلة الطبية لتلقي العلاج داخل مسشتفيات القدس المحتلة.

 

عادة ما يبحث المريض الفلسطيني في دائرة الحصول على تحويلة طبية لتلقي العلاج في الداخل المحتل، وتجوب به الأيام والساعات أملاً في انتهاء تلك المماطلات الإسرائيلية في الحصول على تحويلة طبية، وأحيانًا كثيرة لا يحصل عليها بحجة "الرفض الأمني". فكيف يعالج إذا في ظلّ توفّر مراكز وطوارئ لتقديم الخدمات وللحالات الطارئة فقط؟ وماذا لو كان هذا المريض، أو ذاك المصاب يسكن في إحدى بلدات ضواحي القدس؟

 

مكان الوفاة: حاجز عسكري  

قال زهير عريقات لـ"الحدث"، وهو من سكان بلدة أبو ديس الواقعة شرق القدس: "منذ عام 2000 وأمي تعاني من مشكلة في القلب بجانب صعود الماء إلى رئتيها، وعادة ما تتم معالجتها في الأردن وأمريكا، وحينها تحصل على الحقنة التي تطرد الماء من جسدها، وهي من تبقيها على قيد الحياة".

 

وأَضاف: "قبل شهرين شعرت والدتي بالتعب الشديد، وتدفقت المياه إلى رئتيها، حينها توجهنا إلى المركز الصحي في أبو ديس؛ لعلنا نجد الحقنة المخصصة لعلاجها، وتم استبدالها بـدواء قد أثَّر سلبًا على صحتها؛ ما أدّى إلى انتفاخ بطنها، وامتلأ بالماء".

 

وكان رد الطبيب العامل في المركز الصحي أبو ديس، حسب ما ذكر عريقات: "لا يتوفر لدينا جهاز لمراقبة نبضات القلب، ولذا لا نستطيع إعطاء والدتك الحقنة، وهي ستجد الحقنة اللازمة لعلاجها فقط في مستشفيات القدس المحتلة وليس هنا".

 

واستكمل حديثه: "الدكتور أبلغنا بأنه تم أخذ الموافقة لنقل والدتي إلى مستشفى المقاصد. ولكن بعد نصف ساعة أبلغنا بذلك بعد مماطلات طويلة، وبعد نصف ساعة أخرى تبيّن أنه لا يوجد أي تنسيق بالدخول، وقد تركت والدتي حينها دون أيّ علاج ،وبدأت صحتها تزداد سوءًا".

 

أَضاف: "بعد ذلك، تم نقلها إلى الجمعية العربية في بيت جالا. وبعد محاولات تم إسعافها من خلال إرسال سيارة إسعاف من بلدة العيزرية أملاً بإدخالها عبر محسوم زعيم إلى داخل القدس المحتلة".

 

وقال غاضبًا: "وحتى سيارة الإسعاف تأخّرت ربع ساعة عن أمي، فقد سرقوا هذا العمر".

 

 وعند حاجز زعيم، ماذا حدث؟ "توفيت أمي عند الحاجز، وعندما علم جنود الاحتلال الإسرائيلي بوفاتها حينها سمحوا لها بالدخول بعد مشادات كلاميّة دامت لـربع ساعة".

 

قال: "سبب وفاة أمي هو تأخرنا على المستشفى، ولو أنها حصلت على الإبرة في موعدها ودون تأخير لما ماتت".

 

وأضاف: "المراكز الصحية في ضواحي القدس هي تشبه خزانة تحتوي على إسعافات أولية فقط لمعلاجة الإصابات البسيطة، وهم بدورهم يرفعون الهاتف ويطلبون التنسيق مع المستشفيات الداخلية، وهم بطبيعة الحال لا يفعلون شيئًا .. ويأتي الرد بعد ساعات مرفوض".

 

وبالحديث عن محاولة معالجة الأم في مستشفى رام الله الحكومي، قال عريقات: "قال لي أحد الأطباء في المستشفى إن أمي تموت، ولن يستطيع فعل أي شيء لها ... هل هذا مستشفى لمعالجة المرضى؟"

 

 

"والدي يُهرَّب ليحصل على العلاج"

قال أحدهم وهو من سكان بلدة أبو ديس ورفض ذكر اسمه لـ"الحدث": "والدي مرفوض أمنيًّا وبحسب الحجة الإسرائيلية، ولذا ولمعالجته نقوم بتهريبه عبر الحاجز ليصل إلى مستشفى المقاصد، وحاولنا إخراجه بشكل قانوني، ولكنه رفض أمنيًّا.. ماذا نفعل؟ لا وسيلة أخرى أمامنا والمركز الصحي في أبو ديس لا يقدم العلاج اللازم له وهو بحاجة لعملية فورية".

 

أضاف: "المركز الصحي قالوا لي بالحرف الواحد (دبروه برا المركز ...هون مش حيستفيد)".

 

" والدي مريض بالكبد ..ومرفوض أمنيًّا"

قال محمد أبو هلال لـ"الحدث": "والدي يعاني من مشكلة في الكبد، وقد تبين قبل 4 شهور، ووفق الفحوصات بأنه قد تعرض لجلطة في الدماغ، وعليه تم نقله إلى مستشفى الجمعية العربية في بيت جالا، وقد كلفه هذا العلاج قرابة 5000 شيقل مقابل جلوسه 3 أيام في المستشفى".

 

وجانب تكلفة العلاح هذه، أكد أبو هلال مطالبته وزارة الصحة مرات عدة بمنح والده الدواء الخاص به، والذي لا تزيد تكلفة العلبة الواحد  منه على 40 شيقلاً، ولكن وزارة الصحة ترفض إعطاءه هذا الدواء، حتى لو بموافقة وزير الصحة.

 

وأضاف: "والدي مرفوض أمنيًّا، ومن الصعب تحويله إلى المستشفيات الحكومية في الداخل المحتل، رغم أنه مسجل في التأمين الخاص بي، ولذا فقد حاولنا مرات عدة معالجته في مستشفى رام الله الحكومي، وفي الجمعية العربية في بيت جالا، لا سيما أن علاجه غير متوفر في المركز الصحي أبو ديس، وهو بحاجة للعلاج في مستشفى المقاصد، ولكن يمنع عليه الدخول".

 

وأشار أبو هلال خلال حديثه إلى أن والده المهندس، والبالغ من (64)عامًا، قد منع أمنيًّا بعد أن اعتقلته قوات الاحتلال عام 1998 خلال سفره عبر معبر الكرامة مرورًا بالمعبر الإسرائيلي، وقد نجح محامي الدفاع عنه عام 2016 برفع المنع، ولكن في ذات العام قامت قوات الاحتلال باعتقال الأب بدل الابن وسجن لمدة 3 أيام، ليعاود الرفض الأمني الالتصاق به حتى اللحظة.

 

في ذات السياق، وفي حادثة أخرى، قال أبو هلال: "قبل أيام عدة توجهنا إلى المركز الصحي أبو ديس وأجرينا لوالدي صورة للأشعة، وقد تبين أنّ الشريان الرئيسي للكبد مغلق، غير أن الأدوية والمميعات هي من تسرع في علاجه".

 

وعليه، وبحسب أقوال أبو هلال، فإنّ المركز الصحي أبو ديس رفض إعطاء (المميع) لـوالده، ولن يقدم له إلا بموافقة المستشفى .. وهنا تساءل أبو هلال (طيب ما بدك تعطيني الدوا حولني على مستشفى)؟

 

استكمل حديثه: "محاولات المركز الصحي بتحويل والدي لتلقي العلاج داخل المقاصد قد باءت بالفشل، غير أنّ أحد الأطباء في المقاصد قد أبلغ المركز بأن مستشفى رام الله الحكومي مستعد لاستقبال والدي".

 

وبعد ذلك، ماذا حدث؟ "لم يبلغ مستشفى رام الله بقدوم أي مريض، ولم يتوفر سرير واحد ليجلس عليه والدي، وهذا الأمر تكرر كثيرًا، لماذا الوعود طالما لا تنفذ، وتم وضع والدي في الطوارئ، ولم يحصل على العلاج".

 

" المريض يُنقل من مستشفى أريحا إلى رام الله!"

وهنا نستذكر حادثة الشهيد يوسف كاشور (24) عامًا من بلدة العيزرية، حيث نقل بعد مكوثه ساعة ونصف الساعة في مستشفى أريحا الحكومي إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، وذلك بعد أن ساء وضعه الصحي، ما أثّر هذا التنقل على وضعه الصحي واستشهد.

 

وقال مسؤول قسم الصحة في بلدية أبو ديس عبد السلام، وهو كان موجودًا في سيارة الإسعاف التي قامت بنقل كاشور، وهو مصاب من مكان الحدث: "تم نقل يوسف كاشور إلى مستشفى أريحا بناءً على تعليمات عيادة المقاصد في أبو ديس، لا سيما أن نقله إلى مسشتفى المقاصد يشكّل خطورة على حياته بقيام جنود الاحتلال باقتحام المستشفى واختطافه".

 

واستكمل حديثه: "كاشور لمدة ساعة ونصف الساعة في الطوارئ، ولم يقدم له العلاج، وقد أكد المستشفى بأنه ليس مجهزًا لعلاج الجريح، وطلب نقله إلى المجمع الطبي في رام الله، وقبل وصوله توفي قرب حزما".

 

وهنا يتساءل عبد السلام، لماذا هذا الإجراء الجديد؟ لماذا يتم نقل المريض أو المصاب إلى مستشفى أريحا الحكومي طالما يفتقر للجاهزية؟ لماذا لا يتم نقلهم مباشرة إلى مستشفى رام الله الحكومي؟

 

وقال: "هنا تفاجأنا بهذا الإجراء الجديد، وقد بدأ تنفيذه في الشهر الماضي، ففي السابق كان ينقل المريض إلى مستشفى الجمعية العربية في بيت جالا، أو مستشفى المقاصد. ولكن في الحالتين هناك ثقل في عملية نقل المريض، حيث ينتظر المريض قرابة الساعتين في قسم الطوارئ حتى تصله سيارة الإسعاف، غير أن الوصول إلى مستشفى الجمعية العربية يحتاج إلى 40 دقيقة وهذه المدة طويلة".

 

وبالحديث عن الخدمات التي تقدمها المراكز والعيادات الصحية في ضواحي القدس، قال عياد: "يتواجد في جنوب شرق القدس حوالي 80 ألف نسمة، وهذه الزيادة السكانية لا تتناسب مع وجود العيادات والمراكز لا سيما وأن سكان هذه المناطق يعتمدون بالدرحة الأولى على تلقي العلاج في مستشفى المقاصد".

 

وأشار حلال حديثه إلى أنّ عيادة المقاصد في أبو ديس هي بطبيعة الحال مجهزة لمعالجة الحالات البسيطة كـ (الكدمات، والرشح)، وهي لا تحتوي على غرفة ولادة، أو حتى عناية مكثفة وكثير من النساء قد وضعوا أطفالهم على الحواجز.

 

مدير مركز الطوارئ في أبو ديس علي الحسيني أكد في حديثه لـ"الحدث" أنّ المركز مجهز بإمكانياته الجيدة لإسعاف المرضى وتقديم الخدمة الأولية لهم، سواء كانوا جرحى أو في حالة ولادة، ونحن نعمل على مدار 24 ساعة".

 

قال: "الطبيب المناوب في مركز الطوارئ يقوم بتقييم حالة الجريح أو المريض، ويجري له الإسعافات الأولية، وهي محاولة للإبقاء على قيد الحياة، ودائمًا نطمح لتوسيع إمكانيات المركز، ولكن الإمكانيات غير متوفرة".

 

وأضاف: "وفيما يتعلق بتحويل المرضى إلى مستشفى المقاصد، فإنّ المستشفى يواجه ضغطًا كبيرًا لاستقبال الجرحى والمرضى، وأحيانًا لا تتوفر الأسرة، وهناك نواجه مشكلة كبيرة في مسألة التنسيق لدخول المريض وتوفير مكان له".

 

أما المدير الطبي لمركز المقاصد الطبي في بلدة أبو ديس عبد الله أبو هلال فأكد لـ"الحدث" أن مركز الطوارئ في أبو ديس، قد وجد بمساهمة سكان أبو ديس وبعض المتبرعين من سكان المنطقة، غير أن موظفي الطوارئ يتقاضون رواتبهم من الأموال العائدة من العمل في الطوارئ، غير أن وزارة الصحة لا تقدم شيئًا لهؤلاء.

 

"قابلة للتوليد ولها راتب شهري"

إذًا لا تتوفر غرف للتوليد في المركز الطبي في بلدة أو بديس، ولكن ما يتوفر الـ (قابلة)، حيث تقوم بتوليد النساء، ويخصص لها راتب شهري من قبل المركز، حسب ما ذكر الدكتور عبد الله أبو هلال.

 

قال: "تعدُّ هذه القابلة موظفة في جمعية المقاصد، ويصرف لها راتب شهري، حيث تقوم بتوليد النساء أما في الحالات التي تحتاج إلى مستشفى، فيتم تحويل المرأة إلى مستشفى المقاصد، وذلك لتسجيل المولود وفقًا للإجراءات بولادته داخل مستشفى، وهذا الأمر لا يقع على عاتقنا نحن".

 

"موظفو الإسعاف متطوعون!"

" معظم العاملين على سيارات الإسعاف هم متطوعون". هذا ما أكده الدكتور عبد الله أبو هلال.

 

أضاف: "قبل الحديث عن توفير مستشفى، علينا توفير سيارات إسعاف، وهنا أتحدث عن السيارات التابعة للهلال الأحمر، ونحن نواجه مشكلة كبيرة في عدم توفيرها".

 

واستكمل حديثه: "لقد تم استئجار مقرّ للهلال الأحمر في بلدة أبو ديس، وبدعم من أحد سكانها، ولمدة 5 سنوات، وتم تشيغل متطوعين لقيادة سيارات الإسعاف ولمدة 6 سنوات، وما سيحدث حاليًّا أنّه سيتم إغلاق المركز إذا لم يحصل هؤلاء المتطوعون على تثبت وظيفي في الهلال، غير أنّ الهلال الأحمر يرفض تحقيق مطلبهم".

 

"وزارة الصحة تدعم المستشفى وهي مديونة له!"

"عدم إنشاء مستشفيات في ضواحي القدس سببه مخطط يهدف إلى استقطاب سكان الضواحي وتلقيهم العلاج داخل مستشفيات القدس المحتلة فقط، وليس أمامهم خيار آخر"، هذا ما أكده لـ"الحدث" رئيس الهيئة الإدارية لمستشفى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في القدس عبد الله صبري.

 

وتأكيدًا لما جاء على لسان صبري، أبدى المدير الطبي لمركز المقاصد الطبي في بلدة أبو ديس عبد الله أبو هلال  استهجانًا من قيام وزارة الصحة الفلسطينية بدعم ثبات مستشفى المقاصد، وهي في الوقت ذاته تدين له بمبلغ يصل إلى 250 مليون شيقل، وقد جاء هذا في بيان صادر العام الماضي عن مستشفيي المقاصد الخيرية الإسلامية والمطلع وبوقف تقديم الخدمات في حال لم يتم تسديد المبلغ.

 

قال أبو هلال: "منطقة ضواحي القدس المحتلة بحاجة ماسة إلى توفير مستشفى، وفي ذات الوقت فإن وزارة الصحة ترفض البناء بحجة سياسية غير أن إنشاء مستشفى جديد قد يؤثر سلبًا على مستشفى المقاصد والمطلع، وقد تجد دولة الاحتلال حجة أمامها لإغلاق هذه المستشفيات أمام المرضى".

 

إذًا بلدات ضواحي القدس المحتلة، وحسب ما وصفها الدكتور عبد الله أبو هلال، هي "منكوبة صحيًّا"، لا سميا أن هذه المناطق تفتقر للخدمات الصحية، غير أن مركز الطوارئ أبو ديس تستقبل يوميًّا حوالي 40 حالة مرضية، ومنهم من يتم تحويلهم إلى المستشفيات في القدس المحتلة، حيث يتمّ يوميًّا تحويل (5-8) حالات مرضية.

 

ما هو المطلوب؟

قال دكتور عبد الله أبو هلال: "أقل ما يمكن تقديمه هو تطوير مركز الطوارئ أبو ديس التابع لمستشفى المقاصد، حيث يتم توفير المختصين، وعلى مدار 24 ساعة لمعالجة المرضى، وتحديدًا الأطفال، وتوفير قسم للولادة".

 

وأَضاف: "وبجانب ذلك، طالبنا وزراة الصحة الفلسطينية مرات عدة بتغطية رواتب الأطباء حتى تقل التكاليف على المرضى أنفسهم، حيث يتكلف المريض حوالي 300 شيقل للعلاج، وهذا الأمر مكلف".

 

وأنهى حديثه بقوله: "سكان ضواحي القدس يمتلكون التأمين الصحي كغيرهم، ولكن المواطن في الضفة الغربية يحصل على العلاج حتى لو لم يملك النقود، أما المواطن الذي يقطن في بلدات الضواحي عليه أن يدفع ثمن علاجه وهنا يكمن الفارق".