الحدث- محاسن أُصرف
على غير عادتها قررت الحكومة الفلسطينية في رام الله مساء الخميس الماضي تخفيض سعر السولار الإسرائيلي المورد إلى قطاع غزة من 5.36 شيكل إلى 4.36 شيكلًا بدءً من يوم غدًا الأحد 13 أغسطس 2017.
وقال "خليل" شقفة مدير عام الهيئة العامة للبترول في بيان وصل "الحدث" نسخة عنّه: "إن القرار صائبًا ويصب في المصلحة العامة للمواطن" لافتًا إلى أنّه سيخدم قطاعات اقتصادية مهمة وسيُسهم في تنمية العجلة الاقتصادية بغزة، لكن في المقابل أحدث هذا القرار حالة من البلبلة في الأوساط الفلسطينية بغزة فبينما رآه المواطن المنهك اقتصاديًا قرارًا جيدًا يُجنبه الآثار السلبية لاستخدم الوقود المصري المنخفض الثمن، رآه آخرون نوع من المقامرة السياسية والمضاربة من أجل الفوز بعائدات الضرائب المالية التي تُجبى من الوقود الداخل لغزة.
وبحسب القرار فإن سعر الوقود الإسرائيلي الداخل إلى قطاع غزة سيكون أقل بأغورة واحدة من السولار المصري الذي يبلغ 4.37 شيكل للتر الواحد وفق التسعيرة الأخيرة التي أقرتها اللجنة الإدارية الحكومية الشهر الماضي.
يقول المواطن "أبو أحمد الدالي" 40 عامًا والذي يملك سيارة حديثة من نوع نيسان:"إن قرار هيئة البترول والسلطة في رام الله بخفض سعر لتر السولار الإسرائيلي من 5.36 شيكل إلى 4.36 شيكل جيد جدًا ويصب في مصلحة المواطن"
ويعزو الرجل ارتياحه من القرار إلى المعاناة التي كان يتكبدها جراء تشغيل مركبته بالسولار المصري الذي يُحدث فيها أعطالًا متتالية كونه ثقيل ويصعب حرقه في المحركات الحديثة بالإضافة إلى أن نسبة الزيت فيه عالية، وأضاف: نتمنى أن يستمر القرار ولا يكون فقط في إطار المناكفة السياسية على جباية ضرائب الوقود الذي يدخل إلى القطاع.
وبيّن الرجل أنّه إذا استمر سعر الوقود الإسرائيلي منخفضًا فإنّه لا محالة وغالبية أصحاب السيارات الحديثة سيتوجهون إلى شرائه ليُوفر عليهم دفع مئات الشواكل في إصلاح الأعطال التي يُحدثها الوقود المصري.
الضغط على حكومة غزة
المواطن "ماهر" 35 عامًا من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ضاق ذرعًا بحالة الغلاء التي تعتري كل سلعة في الأسواق الفلسطينية أكد لـ "الحدث" أن القرار لن يستفيد منّه إلا الحكومة الفلسطينية في رام الله بدعم خزينتها بقيمة الضرائب التي ستجبيها لقاء شراء غزة للوقود الإسرائيلي بدلًا من المصري الذي كان يدعم خزينة الحكومة في غزة وقال:" إن السلطة تهدف إلى حرمان حكومة غزة من أي عوائد مالية يُمكنها أن تُساعدها على الاستمرار بإدارة القطاع بعيدًا عن مقصلتها".
وطالب الحكومة في غزة إبقاء السولار الإسرائيلي على تسعيرته السابقة والتي تفوق سعر المصري بحوالي شيكلًا واحدًا وبيَّن أنها تستطيع ذلك ما دام السولار المصري يدخل إلى القطاع بشكل دوري وما دامت التفاهمات مع الجانب المصري تسير على أكمل وجه، وعقبَّ بالقول: ذلك حق لها مادامت السلطة الفلسطينية وحكومتها في رام الله تتخلى عن مسئولياتها تجاه القطاع"
لتعويض تراجع إيراداتها
فيما كشف "عاطف عدوان" النائب في المجلس التشريعي عن كتلة حماس البرلمانية أن قرار هيئة البترول العامة في رام الله بتخفيض أسعار السولار الإسرائيلي الذي يدخل إلى القطاع ابتداءً من الغد الأحد 13 أغسطس، يأتي في إطار تعويض الخسائر الت تكبدتها خزينة السلطة الشهر الماضي نتيجة تراجع مدخولاتها من ضريبة السولار الوارد من إسرائيل إلى قطاع غزة بسبب كفاية الوقود المصري لحاجة القطاع بعد السماح بإدخاله وفق التفاهمات الأخيرة بين حماس ودحلان برعاية مصرية.
وبحسب "عدوان" بلغت قيمة الخسائر على خزينة السلطة حوالي 45 مليون دولار خلال الشهر الماضي، بعد أن انخفضت واردات قطاع غزة من المحروقات بنسبة 70% عبر معبر كرم أبو سالم.
وهو ما أقره اقتصاديون لـ"الحدث" بأن خفض واردات قطاع غزة من المحروقات أثر سلبًا على إيرادات السلطة، وأكد "ماهر الطبّاع" مسئول العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة، أن الخطوة الأخيرة من الهيئة العامة للبترول تهدف إلى زيادة نسبة الواردات إلى قطاع غزة عبر المعبر.
وبحسب "الطبّاع" فإن إدخال الوقود المصري إلى القطاع خلال الشهر الماضي خفض نسبة الواردات من المحروقات من 2 مليون لتر إلى 150-200 ألف لتر تقريبًا.
تأثير محدود
وعلى الرغم من التأثير الإيجابي لهذا الانخفاض في سعر لتر الوقود والذي بلغ شيكلًا واحدًا في كل لتر، على السائقين إلا أن بعضهم أكد لـ "الحدث" أن الفائدة ستكون محدودة بزيادة ساعات العمل فقط بعيدًا عن جني أرباح مُضاعفة والسبب وفق ما أخبر به السائق "محمد أبو صلاح" من النصيرات وسط قطاع غزة أن قلة الركاب في الشوارع لن تسمح بتعاظم التأثير الإيجابي على خزينة السائق وقال: "سعر الوقود سيُخفض لكن لن يتبعه تخفيض في قيّم التراخيص التي تفرضها وزارة النقل والمواصلات بغزة، لذلك فالتأثير الإيجابي محدود"، وطالب بضرورة أن يتوافق أي انخفاض في أسعار الوقود مع انخفاض في أسعار التراخيص وكذلك يتوافق مع حالة السوق والحالة الاقتصادية والمعيشية للمواطن.