الإثنين  09 حزيران 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث" | أساطير الدفائن تنبعث من جديد لماذا؟

2017-08-23 08:42:09 AM
خاص
نفق بلعمة الأثري في مدينة جنين (تصوير: الحدث)

 

الحدث_ علاء صبيحات

 

تتزاحم المواقع الأثرية والتاريخية في شتّى المناطق الفلسطينية شأنها شأن الدول الملاصقة للبحر الأبيض المتوسط، ففلسطين كانت حقيبة لأمم وشعوب، عبرت واستقرت ثم رحلت تاركةً خلفها شواهد وآثار فوق الأرض وكنوزا ودفائن تحتها.

 

ولعل ما قاله درويش في هذا المقام "عالم الآثار مشغول بتحليل الحجارة"، يحاكي تلك الحقبة التاريخية التي أراد المستعمر سرقة الكنوز والآثار في فلسطين لطمس حقيقة الملكية التاريخية لهذه الأرض.

 

رأى مفتش الآثار في دائرة جنين محمد فتحي عطاري وفق ماقال لـ"الحدث" أن شهية المنقبين عن الدفائن والكنوز لم تنقطع، بل وعلى العكس تماما زادت وتيرتها في الأعوام القليلة الماضية.

 

وهذا ما أكّده الناطق الرسمي باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات لـ"الحدث"، خاصة أنه في العام الماضي 2016 فقط تم التبليغ عن 1364 قضية لها علاقة بالتنقيب والإتجار بالآثار بشكل غير قانوني.

 

وأضاف المقدّم لؤي ارزيقات أنه مقارنة في العام الحالي فهناك ارتفاع كبير في عدد القضايا، إذ انه في العام الحالي 2017 حتى مساء أمس كان هناك 2115، قضية لها علاقة في التنقيب والإتجار بالآثار منها 110 قضايا انتهى التحقيق فيها وثبتت فيها التُهم ، و13 جهاز كشف عن معادن.

 

وقالت الدكتورة في قسم الآثار في جامعة القدس المفتوحة آمنة أبو حطب إن هناك عصابات كثير لها ارباط وثيق مع الاحتلال ولذلك فإن أعداد المنقبين ازدادت بشكل واضح وستزداد أكثر طالما أن الهدف الأساسي هو الربح المادي.

 

وعزا عطاري ذلك لأسباب عدة، أهمها الوضع الإقتصادي الصعب وما يتخلله من ارتفاع حدة المعيشة في مناطق الضفة الغربية.

 

كذلك البطالة بين الشباب وانعدام الفرصة وقلة الحيلة في ايجاد عمل مناسب يحفظ ماء الوجه، مما أدى للهروب نحو واقع مستحدث ثالث يختلف عن الواقع الفعلي أو الواقع الإفتراضي وهو عالم الأوهام، هناك حيث يتم البحث عن كسب سريع وان كان وهما.

 

فيما أضافت الدكتورة أبو حطب أن سعي الاحتلال الدائم في طمس الهوية الحقيقية لفلسطين جعلت من تلك العصابات أكثر قوّة بفضل الحماية والغطاء الذي يوفره لهم.

 

 دور الصحافة في فتح شهية المنقبين

 

وقال عطاري أن الصحافة غير المسؤولة والصحافة الصفراء، تلعبان دورا هاما في تشتيت أذهان الناس من خلال بث الإشاعات، كما حدث منذ عام تقريبا عن قصة العثور على ذهب في أريحا خلال حفر أساسات منزل، والتي ما كانت إلا كذبا، لكن لوحظ بعد هذه الإشاعة ازدياد وتيرة التنقيب عن الأثار في كافة المحافظات وخاصة في جنين.

 

الدور الأكبر بحسب مفتش الآثار كان للإعلانات عن أدوات تكنلوجية للبحث عن الآثار والمعادن، مثل أجهزة التنقيب المعروفة وأجهزة أخرى أكثر تعقيدا والتي تمت مصادرة العديد منها في مناطق السلطة الفلسطينية ، حيث أن مثل هذه الأجهزة يمنع تداولها في مناطق السلطة الفلسطينية.

 

تلك الأجهزة التي أكّد ارزيقات أن عدد التي تم مصادرتها في العام 2016 فقط هو 25 جهاز، كلها أجهزة للتنقيب عن الآثار.

 

من هم المنقبون عن الآثار وما طبيعة هذه الآثار؟

 

أكّد عطاري أن هناك نوعان من لصوص الآثار الأول وهو المهووس وهو لا يحفر الا في أرضه نتيجة تأثير من الصحافة الصفراء مثلا وهو غير خبير غالبا.

 

أما النوع الآخر وهو الأخطر بحسب العطاري، وهم أناس يتم توجيههم من سماسرة الآثار و يقومون بهذا العمل كحرفة، ويستنتجون مواقع البحث بناءا على معرفتهم بالموقع تاريخا أو رواية دينية توراتية بصرف النظر عن صدق هذه الرواية كرواية "دوتان"، فيبحثون عن لقى أثرية يتم بيعها لتجار آثار إسرائيلي.

 

 كيف يتم الإتجار بالقطع رغم عدم قانونيته؟

 

هنا تتضح كل التفاصيل عندما أكّد العطاري أن القانون الإسرائيلي يسمح بالإتجار بالقطع واللقى الأثرية، بعد تسجيلها لدى سلطة الآثار الإسرائيلية، لما يسمى محلات "السيفونير" أو الأثريات مما يسمح للسياح بامتلاكها على أنها قطع إسرائيلية، في حين أن القانون الفلسطيني عكس ذلك تماما كما يوضح السيد محمد العطاري، بحيث يمنع الإتجار والبحث والتنقيب.

 

وهذا ما أكّدته أبو حطب إذ أن تهريب القطع لمحال السوفينير في الداخل المحتل يتم بعد تزوير شهادة القطعة الأثرية من قبل سلطات الاحتلال، كتزوير الموقع الذي عثر عليها فيه أو تزوير الشخص الذي عُثر عليها فيه.