الجمعة  04 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

خاص "الحدث"| عن مقتل نفين العواودة.. رواية الأجهزة الأمنية لم تقنع أحداً والأدلة ماذا تقول؟ (صور)

2017-09-06 03:10:21 PM
خاص
نفين العواودة (صورة مركبة: الحدث)

 

خاص الحدث

 

ما إن انتهى الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء عدنان الضميري من عرض تفاصيل جريمة قتل المواطنة نفين العواودة وفك لغزها معلناً بذلك القبض على المجرم (أ م ح) وإسدال الستار رسمياً عن الجريمة، حتى عادت القضية وانتشرت مجدداً كالنار في الهشيم.

 

جريمة القتل التي شغلت الرأي العام طوال الشهرين الماضيين، بسبب نداءات الاستغاثة المتكررة التي كانت تطلقها الفتاة عبر صفتحها على الفيس بوك قبل وفاتها، وأنها تتعرض لتهديدات بالقتل من قبل جهات مسؤولة بسبب قضايا فساد هي على علم بها، يبدو أنها لم تنهه بعد.

 

من الناحية الأولى بسبب عدم ارتباط جريمة قتلها المعلنة بالتهديدات التي كانت تتعرض لها، ومن الناحية الثانية بسبب علامات الاستفهام وتناقض الحقائق مع الرواية الرسمية.

 

الرواية الرسمية

لنبدأ باختصار من الرواية الرسمية التي عرضها الضميري خلال مؤتمر صحفي تابعته "الحدث"، ثم نحاول بعد ذلك مقارنة الرواية مع الأدلة على أرض الواقع.

 

الرواية الرسمية تقول إن سائق عمومي يعمل على خط بيرزيت- رام الله أوصل الفتاة إلى سكنها غير المأهول في بلدة بيرزيت، وعرض عليها المساعدة بسبب ثقل حمولة أغراضها، ثم عاد إليها (لا ندري متى) وأقنعها بالخروج معه للتنزه، وقرب بلدة المزرعة الغربية حاول التقرب منها إلا أنها صدته، ورفضت ذلك، وخرجت من السيارة، فقام بالاستدارة ودهس الفتاة وذلك بتاريخ 8/7/2017.

 

وتكمل الرواية الرسمية بأن السائق قام وهو من منطقة رام الله بأخذ الفتاة إلى سكنها في بلدة بيرزيت، ثم حملها على كتفه إلى الطابق السادس مشياً على الدرج، لأن المصعد غير مجهز بعد، وحاول إنعاشها داخل السكن، وبعدما فشل بذلك خرج من السكن ووضع المفتاح في الباب من الداخل، وأغلقه من الخارج بواسطة مفك وملقط للحواجب أخذه من حقيبتها.

 

المتحدث الرسمي قال، إن المجرم عاد بعد يومين يتفقد الفتاة إن كانت على قيد الحياة أم أنها توفيت، واشتم رائحة كريهة من خارج الباب مما يعني أن الفتاة ميتة، فدخل إلى السكن وحملها بعدما نزل الدرج مشياً إلى الخارج، وألقى بها تحت العمارة مقابل نافذتها، ووضع عليها بعض مواد البناء من أجل الإيحاء أنها سقطت من فوق.

 

يكمل الضميري، عثر حارس العمارة على الجثة وأبلغ الشرطة بتاريخ 16/7/2017، وبدأت التحقيقات المكثفة من قبل الأجهزة الأمنية، حتى وصل جهاز المخابرات للجاني بسبب ملاحظات على تغير سلوكه من قبل أحد رجال الأمن، وإصلاح مقدمة السيارة التي صدم بها الفتاة.

 

هنا تنتهي الرواية الرسمية بحسب ما اعترف المتهم وروى جريمته الضميري، وعليها ما عليها من علامات الاستفهام، حيث لم يتعرض الضميري للحديث عن التهديدات التي كانت تتعرض لها الفتاة وفقط نفى ارتباط الجريمة بها، مؤكداً أن القاتل نفذ جريمته بدوافع شخصية.

وأيضاً بين توصيل السائق للفتاة إلى السكن، وإقناعها بالخروج معه خيوط منفصلة لم تتضح بعد!!

وهنا نتسائل: هل يعقل لفتاة تتعرض لتهديات بالقتل وخوفها الشديد الذي بدا واضحاً في الفترة الأخيرة، أن توافق وتخرج مع سائق عمومي إلى منطقة نائية؟

 

الأدلة الميدانية تعارض الرواية الرسمية

نزل مراسل "الحدث" إلى بلدة بيرزيت وبعد الاستفسار وصل لموقع السكن، الذي يقع على الشارع الرئيسي الحيوي وتقابله مجموعة من المنشآت التجارية أهمها محطة وقود تعمل على مدار الساعة، ثم تفقد موقع إلقاء الجثة حيث يقع قرب الشارع الرئيسي.

 

 

دخل العمارة وفعلاً المصعد حديث التركيب ولا يعمل كما قال الضميري، ولكن العمارة كانت مأهولة بالطالبات، ثم صعد إلى الطابق السادس حيث كانت تسكن نفين، وتبين أن باب "المالتي لوك" كغيره من أبواب العمارة من ناحية الشكل وعمر التركيب، ولا تظهر عليه علامات من أي نوع كان.

 

 

بعدما نزل مراسلنا من الطابق السادس كان مجموعة من العاملين في المنطقة بانتظاره في الأسفل متسائلين كيف تصعد لسكن طالبات؟.

 

جيران العمارة، أحدهم أبدى تخوفه ولم يرضى بالحديث أبداً، أما الاخر فأكد لنا أنه لا يوجد حارس للعمارة منذ أن تواجد في المنطقة قبل أكثر من شهرين!، وشرح لنا كيف جاءت المخابرات وأعادة تمثيل الحادثة مع المجرم قبل أيام دون وجود الشرطة، وأكد أنه اشتم رائحة الجثمان قبل يومين من العثور عليه أي بتاريخ 14/7/2017 وليس قبل ذلك بأيام، ولم يخطر بباله أن هذه الرائحة ستكون للمغدورة نفين العواودة.

 

بين رواية الأجهزة الأمنية وما شاهده مراسل "الحدث" على أرض الواقع توجد هذه التناقضات، أولها العمارة نفسها حيث بنيت قبل نحو عامين وتقع في منطقة حيوية والجثة ألقيت في حفرة التسوية جنب الشارع ولا يوجد حارس للعمارة.

 

 

إذاً كيف للمتهم أن يتواجد بالعمارة المأهولة عدة مرات، والواقعة قرب عدة منشآت منها محطة وقود تعمل على مادر الساعة، ويحمل جثتها للطابق السادس، ثم يعود بعد يومين لينزل بها إلى جانب الشارع الرئيسي ويلقي بها في الأسفل قرب الشارع دون أن يلحظه أحد؟، وأي مجرم غبي يقدم على كل هذه المغامرات بكل هذه البساطة في منطقة حيوية كهذه؟.

 

ثم كيف له أن يأخذ كامل وقته في تنظيف الشقة والدرج من الطابق صفر وحتى السادس من الدماء، ويعود بعد يومين ويحملها للأسفل، ويكرر فعلته، دون أن يلحظه أحد.

 

 

أما الأمر الثاني، وهو باب السكن الذي لا يوجد عليه أي خدوش أو علامات خلع وفتح، على العكس مما ذكر المتحدث الرسمي نقلاً عن المتهم، الذي أكد أنه وضع المفتاح من الداخل، وإغلقه من الخارج بعد التفكيك بواسطة مفك وملقط حواجب، ثم عاد بعد يومين وفتحه بنفس الأدوان دون مفتاح بكل بساطة وون وجود أي علامات على الباب، علماً أنه باب "مانتولوك" صلب محكم، ويستحيل فتحه أوإغلاقه حتى بالمفتاح الأصلي من الخارج عندما يكون مفتاح من الداخل.

 

 

لماذا لم يسأل أحد سائق العمومي المتهم بالقتل الذي صعد ونزل عدة مرات للبناية ماذا يفعل داخل سكن طالبات؟، في حين مراسل "الحدث" لم يتواجد بها سوى دقائق وتعرض للمساءلة من الجيران؟.

 

والد نفين لم يقتنع برواية الأمن

والد المهندسة نفين السيد ياسر العواودة، أكد في تصريح صحفي أمس الثلاثاء "أن رواية الأجهزة الامنية حول مقتل ابنته "غير مقنعة وغير مترابطة".

 

وأوضح العواودة في تصريحه الذي نقلته "الحدث" حرفياً: "كنت أعلم بما سيقوله المتحدث باسم الاجهزة الامنية في المؤتمر الصحفي، لأنني كنت في مكتب النائب العام صباح اليوم، والذي أبلغني بدوره بالبيان قبل نشره بساعة ونصف".

 

ثم قال "تقديري للرواية التي قالها الضميري أنها غير مقنعة لأسباب كثيرة، التفاصيل غير مقنعة ولم تصف الحدث نفسه، وفي نفس الوقت أقول إن الأجهزة قامت بدور تشكر عليه ولهم كل الاحترام".

 

وأضاف "أسلوب الرواية التي قيلت اليوم على لسان اللواء الضميري، أعتقد أنه أسلوب تحقيق مخابراتي يندرج ضمن عمل الأجهزة الامنية الذي لا نتدخل فيه، لأن التحقيق استمر لخمسة عشر يوماً كما أخبروني، وقد يتم تمديده لنفس الفترة، فالملف لم يسلم حتى الان إلى النائب العام الذي يعد صاحب الحق في نشر ما يراه مناسبا من التحقيق".

 

إذا والد نيفين الذي تواجد في مقر النيابة العامة من أجل الاطلاع على بيان المؤتمر الصحفي قبل انعقاده، أكد أن الملف لم يسلم بعد للنيابة العامة بحسب ما علم من النيابة، فكيف نشر اللواء الضميري تفاصيل الحادثة ولم تصل بعد للنيابة؟، مع العلم أن الضميري تحدث عن مشاركة النيابة خلال إعادة تمثيل الجريمة، وأكد وصول الملف للنيابة، وأن ما يقوم بنشره ما سمح به القضاء.

 

الخبير القانوني د. محمد شلالدة، يؤكد لـ"الحدث" أن النشر يجب أن يتم بأمر قضائي، وأن القضاء يطلع على ملف القضية من خلال النيابة العامة.

 

العواودة والد الفتاة برر عدم قناعته برواية الأجهزة الأمنية بالتالي: "أنا افترض أن يكون أسلوب الرواية هو أسلوب أمني احترازي استخباراتي، لأن الرواية غير مترابطة أبداً، لا أتهم ولا اقلل من الدور والانجاز الذي قامت به الاجهزة الامنية، لكنني اختلف معهم في الرواية ومن حقهم الاحتفاظ بأسرارهم، أو اتخاذ اجراءات بالطريقة التي يرونها مناسبة... أمل أن تكون تكتيكية واستخباراتية وأمنية فقط".

 

تقرير الطب العدلي يعارض رواية الدهس

نتابع هنا تصريح والد المغدورة حول ملاحظاته على الرواية "حين قيل بالرواية الرسمية إنه تم إعادة الجثة إلى الشقة وهي على قيد الحياة، والتقرير الطبي (التشريح) يقول إن العامود الفقري للرقبة مكسور وداخل في الرأس، وأن  نحو 20 سم من الجهة اليمنى من الرأس مضروب والمخ ظاهر، وأن العامود الفقري في الظهر  مكسور والحوض مكسور بالكامل وخارج من مكانه، والرجلان مكسوراتان من الأسفل فهل يعقل أن يكون إنسان بهذه الحالة والاصابات على قيد الحياة؟. هذه تفاصيل الإصابة والاضرار في الجثة، هل يعقل ان يكون صاحبها ظل حياً لأيام؟".

 

وأضاف "عبارة أخرى وردت في الرواية، تقول إنه تم ضرب نيفين في الموقع بسرعة بين 40 - 50، وبتقرير آخر بسرعة 70، على طريق ترابية، وأن السائق اتصل بسائقين آخرين للمساعدة بحجة أن الاحتلال اعتدى عليها حسب الرواية، وأنه بعد أن أوصلها للشقة ذهب للبحث عن طبيب، وكأن الرواية تريد أن تظهر أن المتهم حاول مساعدة الضحية وإبداء ندمه، وأنه حين قام بذلك كان بغير عقله، أي أنها رواية تخفيفية لها أول وليس لها نهاية، البيان الرسمي كان شبه محام عن المتهم".

 

وختم العواودة حديثه قائلاً "مع تقديري لجهود الاجهزة الامنية، لكن هذا لا يمنع ان يكون لدي ملاحظات، أنا لا اشكك ولا اتهم، انا اقول انني اختلف مع الرواية، لانه يجب ان تكون هناك رواية واضحة وشفافة تفسر كل التساؤلات حتى اقتنع واسلم بها".

 

هل نصدق إذاً ما قيل على الفيس بوك؟.. لا ندري!

منذ الكشف عن مقتل نفين العواودة قبل شهرين وجهت أصابع الاتهام من قبل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى وجود شخصيات رسمية في الأجهزة الأمنية (دون ذكر أسماء) هي من تلاحق نفين وتسببت بمقتلها حتى لا تنشر ما لديها من قضايا فساد في إحدى الوزارات الرسمية.

 

وبعد إعلان الضمري، أمس الثلاثاء، عن تفاصيل جريمة القتل، زاد الطين بلة لدى النشطاء، فلم يجد مراسل "الحدث" خلال بحثه أي تعليق أو تدوينة تصدق رواية الأجهزة الأمنية ما عدا القليل، فالكل شكك بها، البعض وصفها بالتلفيق أو بالصفقة أبو بالفيلم أو بالقاتل المأجور وما إلى ذلك.

 

وهنا نورد هذه التدوينه اللافته للانتباه من صفحة محاضرة الاعلام في جامعة بيرزيت د. وداد البرغوثي "في اليوم الأول لجريمة مقتل نيفين قال أحدهم في نقاش: بعد فترة ممكن يدورولهم على واحد مسخم ويلبسوه اياها بعد ما يزبطوا عليه سيناريو فيلم هندي... حصل ما توقعته يا أحدهم، يعني للضميري ومن لف لفه نقول: الناس عارفينكم، عاجنينكم، وخابزينكم، الناس مش أغبياء، الناس فاهمينكم، متى ستفهمون وتقولون للناس: لقد فهمتكم".

 

من جهة ثانية، هناك أيضاً من يطالب من قبل المؤسسات الحقوقية والمدنية بالاستماع إلى المتهم، وطرح بعض الأسئلة عليه، نتيجة عدم القناعة بالرواية الرسمية.