الأربعاء  09 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

القصة الكاملة لوفاة الطفل كنان أبو زر من سلفيت اثر اهمال طبي

والد الطفل كنان : "سأرفع قضية ضد وزارة الصحة"

2017-09-12 02:19:53 PM
القصة الكاملة لوفاة الطفل كنان أبو زر من سلفيت اثر اهمال طبي
الطفل المتوفى كنان أبو زر

 

الحدث- ريم أبو لبن

 

"قريباً سأرفع قضية ضد وزارة الصحة فهي المسؤولة الأولى والاخيرة عما حدث لأبني... رحل جزء من قلبي بسبب اهمال طبي". هكذا عبر والد الطفل المتوفى يوسف أبو زر عن غضبه تجاه ما وصفه بـ " الاهمال" الطبي أثناء انقاذ ابنه ، حيث كان هناك محاولة طبية لإدخال ( البربيج) إلى حلقه بعد أن ثقبه أحد الأطباء أو الممرضين،  إذ لم يتمكن الوالد حينها من معرفة الوصف المهني للشاب وهل هو طبيب أم ممرض غير أنه كان يرتدي اللباس المدني على حد وصف الوالد.

 

هل الطفل كنان يوسف أبو زر البالغ من العمر 5 سنوات ونصف هو الوحيد الذي التقط أنفاسه الأخيرة وأمام أعين والده؟ وهل هو الوحيد الذي فارق الحياة بعد البحث لساعات طويلة عن مركز طوارئ حكومي لمعالجته؟ لماذا لا يتوفر مركز حكومي في قرية الزاوية التابعة لمحافظة سلفيت والقرى المجاورة؟

 

يقال بأن تاريخ مولدك قد يعبر عن حالتك الشخصية والنفسية، فهل يمكنه أن يعبر عن حالتك المرضية أيضا؟ قد نترك هذا الأمر لمن يختص بعلم الفلك والأرقام، ولكن في واقع الأمر فإن المرض قد لا يحتاج إلى حسابات رقمية لاثبات حدوثه، فقد يقع فجأة بلا أي سابق انذار وقد يحصل نتيجة خطأ أو اهمال طبي  كما في حالة الطفل كنان على حد وصف والده.

 

 (12-2-2012) هو تاريخ ميلاد المتوفى الطفل كنان أبو زر في قرية الزاوية، حتى أنه توفي بأقل من ساعتين بعد محاولات كثيرة  قامت بها عائلته في البحث عن  مركز طبي لانقاذ حياته اثر تعرضه للتشنج الساعة 12:30 مساءً، ليسجل فيما بعد في سجل الوفيات : ( توفي بتاريخ 9-9-2017م) . إذا في النهاية أيضا يراهن كنان على تكرار الأرقام ولم يدرك بأنها النهاية الأبدية، ولا تكرار بعدها ..

 

" من التهاب اللوزتين إلى ثلاجة الموت"

قال يوسف والد الطفل لـ"الحدث" : كان يعاني طفلي كنان من التهابات في حلقه (اللوزتين) وتم معالجة الأمر بمنحه الدواء وعلى مدار 4 أيام بعد أن شخص حالته طبيب عام من قرية الزاوية. ولكنه شعر في منتصف الليل أي ما يقارب الساعة  12:25  بتشنجات قوية قد أصابت جسده، وإذا بنا نسرع بنقله عبر سيارتنا الخاصة وصولاً إلى عيادة الزاوية الطبية، ولم نجد أحدا لاستقبال حالة ابني الصعبة، غير أن لافتة العيادة كتب عليها بالخط العريض ( نستقبلكم على مدار الساعة أي خدمة 24 ساعة)".

 

استكمل حديثه: " بعد ذلك حاولت الاتصال بمركز بديا الطبي فهو الأقرب لنا حيث يبعد مسافة 4 كيلو متر عن الزاوية، وطلبت من الهلال الأحمر أن يرسل لنا سيارة اسعاف لنقل الطفل وكان رد المسعف لنا : (لا يمكننا ذلك إلا بالتنسيق من مركز بديا الطبي توجه إلى المركز وهو يتحدثون إلينا)".

 

وقد أِشار والد الطفل في حديثه بأن المسعف قد أًصر على موقفه بعدم تحريك سيارة الإسعاف من منطقة سلفيت إلا بتعليمات من مركز بديا الطبي رغم المحاولات المتكررة التي قام بها الوالد لاقناع المسعف بأن ابنه كنان في حالة خطرة ويحتاج إلى انقاذه بسرعه وقبل فوات الآوان.

 

في ذات السياق، قال لـ"الحدث" مستكملاً سرد تفاصيل الواقعة :"  توجهت إلى مركز بديا وهناك تمت المحاولات لارسال سيارة الاسعاف وقد وصلت بعد مدة زمنية تقارب 45 دقيقة، وكنت اصرخ بجنون حينها ( انقذوا ابني ..ابني بموت). وجاء شاب يتراوح عمره ما بين (22-24)عاماً ولم أعرف صفته هل هو ممرض أم طبيب فقد كان يرتدي اللباس المدني وباشر في اسعاف ابني .. وصرخت حينها خوفاً ( الولد .. الولد يا  ) وقال من تواجد في الغرفة ( لا تخف فهذا هو الطبيب وسيقوم بمعالجته)."

 

وبعد ذلك بدأت موجة الاتصالات المتتالية على حد وصف الوالد، حيث قام الشاب المعالج بإجراء اتصالات "مربكة" وهو يردد قائلا : ( يلا الحق يا دكتور)، ( وينك انت شد حيلك.. حالة طارئة) . وبعد نصف ساعة حضر الطبيب الآخر.

 

قال : " لقد قام الشاب وقبل مجيء الطبيب بثقب حلق الطفل حتى يتمكن من ادخال (البربيج) ولم يفلح في ذلك، حتى أن الطبيب الآخر قد حاول بجانبه ادخال ذات (البربيج) ومحاولاته باءت بالفشل، غير أن الطبيب وقبل ذلك عمل على حق الطفل بالحقنة اللازمة وفحص سلامة القلب من خلال جهاز فحص النبضات، وهذا الأمر لم يحدث إلا بوجود الطبيب".

 

وهل توقف قلب كنان؟

قال الوالد: " توفي الطفل أثناء محاولة الطبيب والشاب من ادخال (البربيج) في فمه، حيث لم يحصل على العلاج اللازم بسرعة، وقد تأخر الاسعاف 45 دقيقة عن ابني رغم حالته الخطرة،غير المسافة للوصول من سلفيت إلى مركز بديا لا تستغرق أكثر من 10 دقائق . فلماذا استغرق المسعف 45 دقيقة للوصول؟

 

وأَضاف : "10 أفراد من الضباط والشرطة الفلسطينية كانوا متواجدين في المركز قبل قدوم سيارة الهلال الأحمر، ولم يكن كنان قد توفي بعد، ولكن فيما بعد اعلن عن وفاته وقال أحدهم ( الله بعوضك ..اتوفى)".

 

قال الوالد :"اسئلة كتيرة تحتاج الاجابة"

قال الوالد غاضباً : " من حقي كأب موجوع أن أطرح العديد من الأسئلة بعد وفاة ابني و التي تحتاج إلى اجابات وافية. أين الضمير والإنسانية في حالة ابني؟ المسعف يقول بأن لا صلاحيات لديه لنقل ابني، ويتحدث عن القانون ... أين القانون من قضية ابني كنان؟ أين القانون بوجود الشرطة والضباط وهم لم يحركوا ساكناً؟".

 

ذاك الوجع قد أثقل كاهل الوالد، ليقف على ناصية قبر ابنه كنان ويردد أسئلة متتالية وينتظر الإجابة : " وزارة الصحة هي المسؤول المباشر عن عيادة الزاوية الطبية والعيادات الاخرى، لذا فلماذا تمنح الترخيص لعيادة قد تدعي العمل على مدار 24 ساعة وهي ليست كذلك؟".

 

في ذات السياق، قال والد : " بعد الاستفسار عن دوام أطباء وممرضي عيادة الزاوية الطبية، تم الإشارة في حديث مع العيادة بأن لا امكانيات متوفرة لديها لدوام كامل . إذا لماذا كتب على اللافتة نستقبلكم على مدار 24 ساعة؟ وبعد واقعة وفاة ابني تم اخفاء الجملة باللاصق الأبيض.

    

 

ولم تنتهي جولة الأسئلة بعد والتي تخفي بين سطورها وجعاً لا يدركه سوى الوالد، وأكمل قائلا: "كيف يتواجد ممرض في العيادة ولا يتواجد الطبيب والعكس صحيح؟ وبحسب ادعاء البعض فقد قيل لي بأن الشاب الذي باشر في معالجة ابني هو طبيب وبلباس مدني. وإذا كانت ادعاءاتهم صحيحة فلماذا لم يقم بما قامه الطبيب الاخر بحقن ابني ووضع جهاز لفحص القلب؟ ... هناك ألف علامة استفهام".

 

الصحة ماذا قالت؟

أكد والد الطفل لـ"الحدث" بأن تقارير الطبية الصادرة من مركز بديا الطبي والتي تصف حالة الطفل كنان قد أظهرت بأن الطفل قد وصل المركز وهو متوفى وهذا غير صحيح، وكان على قيد الحياة".

 

أَضاف : " المتحدث باسم وزارة الصحة أسامة النجار قال بأن طفلي مريض بمرض سابق وأننا غير دقيقين في تشخيص حالته".

 

وللحديث أكثر عن حالة الطفل الصحية، حاولت مراسلة "الحدث" عدة مرات التواصل مع المتحدث باسم وزارة الصحة أسامة النجار، ولكن مسؤول العلاقات العامة والاعلام في مكتب وزير الصحة قد أبلغ المراسلة بتواجده خارج البلاد.

 

وكان المتحدث باسم وزارة الصحة أسامة النجار قد صرح لـ اذاعة شبكة راية الإعلامية بأن رواية الأهل غير دقيقة لاسميا وأن الطفل يعاني من متلازمة روبين والتي تجلعه يعاني من حالات التشنج المتكررة ومنذ ولادته.

 

وأوضح النجار بأن عملية اسعاف الطفل كنان في مركز بديا الطبي تمت بشكل صحيح، مشيراً بقوله بان الطفل وصل المركز وهو متوفى.

 

من جهته قال الوالد: " مرض ابني السابق سيعتبرونه شماعة يعلقون عليها اهمالهم الطبي الحاصل ..وانا أرفض ذلك كلياً".

 

في ذات السياق وبالعودة إلى بدايات المرض أي عام 2012، قال الوالد لـ"الحدث": " كان يعاني ابني في الفترة الزمنية ما بين العامين (2012-2014) من وجود لحمية في مجرى التنفس لديه، وتم معالجته بالليزر وبشكل كامل بعد حصوله على 3 جلسات في مستشفى المقاصد، ومنذ ذلك الوقت تم شفاءه بالكامل ولم يحصل على حبة دواء واحدة".

 

وفي نقاش دار ما بين الوالد و الطبيب الشرعي أثناء وضع الطفل بالثلاجة ، تبين بأن الطفل قد وصل للمركز وهو على قيد الحياة ولم يكن متوفى بحسب ادعاء التقارير الطبية والتي وصلت وزارة الصحة بحسب أقوال الوالد.

 

قال: " في البداية قال لي الطبيب الشرعي بأن الطفل قد وصل مركز بديا وهو متوفى. وعند استكمال الحديث معه وجه اخي سؤالاً له : طالما بأنه جثة كما تقول، هل يعقل أن يتم ثقب حلق الجثة واعطائها الإبرة؟  صمت قليلاً ثم أجاب وهو يهز رأسه : ( كان ابنك على قيد الحياة)".

 

إذا رواية الصحة لا تتفق مع رواية الأهل ... فماذا عن مدير المركز؟ وماذا قاله شهود العيان؟

 

مدير المركز : "الطفل وصل المركز ميتاً"

أكد مدير مركز بديا الطبي غازي عثمان لـ"الحدث" بأنه وفق الفحص الطبي والشرعي للطفل وبحسب تقارير الصادرة عن الشرطة الفلسطينية فقد تبين بأن الطفل قد وصل مركز بديا وهو متوفى وقلبه لا ينبض ولا يقوى على التنفس.

 

قال عثمان: " الساعة الواحدة صباحاً من يوم السبت، قام الطبيب المتواجد بمحاولة انقاذ حياة الطفل واجراء عملية انعاش له بعد أن توقف قلبه عن العمل، وفتح مجرى التنفس لديه قام الطبيب بعمل ثقب في القصبة الهوائية لتسهيل عليه عملية التنفس مع الضغط على القلب".

 

وأَضاف موضح سبب ثقب القصبة الهوائية للطفل: " الطفل كان قبل سنوات قد اجرى عمليات بسبب وجود ضيق في حنجرته، ولتسهيل عمليه التنفس لديه تم ثقب قصبته الهوائية لادخال أنبوب من خلالها".

 

وعند سؤاله عن الصفة المهنية للشاب الذي أنعش الطفل حينها وثقب قصبته، أجاب : " هو طبيب وهو مزاول للمهنة ومتميز كذلك رغم صغر سنه، وليس ممرض كما قيل".

 

واستكمل حديثه: "  بعد ذلك قام الطبيب باجراء اتصال مع الممرض لكي يحضر ويبدي مساعدته في انعاش الطفل ".

 

إذا وحسب ما ذكر مدير المركز فإن الطفل قد وصل إلى المركز وهو متوفى، وقد حاول الطبيب انعاشه ومن ثم جاء الممرض الاخر ...وماذا فعل؟

 

قال عثمان لـ"الحدث": " تم حقنه بالابرة. وهذا الابرة تعطى للشخص المتوفى حتى تنعش قلبه".

 

وماذا عن وضع جهاز لفحص نبضات القلب؟ قال عثمان : " بالفعل تم وضع جهاز له وهذا أمر طبيعي".

 

شهود العيان : " الطفل كان يتنفس"

قال شاهد العيان نضال صرصور والذي يقطن في منزل قرب مركز بديا الطبي لـ"الحدث" : "الطفل عندما وصل مركز بديا الطبي كان على قيد الحياة، ودقات قلبه ظهرت على الجهاز حتى أن جسده كان يرتجف".

 

أَضاف: " بعد 5 دقائق من وفاته جاءت الشرطة وأبلغت العائلة بوفاة الطفل. ولكن السؤال إن كان وحسب ادعاء المركز بأن الطفل قد صول المركز وهو متوفى لماذا قام الطبيب بثقب حلقه ؟ حيث سال دم الطفل على السرير".

 

واستكمل حديثه : " بعد (45-50) دقيقة وصلت سيارة الاسعاف، والمسافة الحقيقة ما بين سلفيت وبلدة بديا هي 10 دقائق فقط".

 

بحسب شهود العيان فإن الطفل كنان ليس هو الوحيد الذي توفي نتيجة تأخر وصول الاسعاف وانقاذه، غير أن حادثة سابقة قد وقعت في قرية سرطة الواقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة نابلس، حيث توفي الطفل في حضن والده بعد أن طرق أبواب العيادات ولم يجد أحداً.

 

شاهد العيان الآخر جهاد مرجان أكد على أقوال الشاهد صرصور وقال :" الطفل وصل المركز وهويتنفس ولكن بصعوبة، وكان يحتضر حينها ...ولم يصل ميتاً كما يقولون".

 

أَضاف : " الساعة الواحدة صباحاً دق الأب باب مركز بديا الطبي طالباً النجدة، وخرج إليه شاب يرتدي اللباس المدني وليس الطبي وهو من قام بمحاولة اسعاف الطفل ولم يعرف هل هو طبيب أم ممرض، لاسيما وأنه حاول عدة مرات الاتصال بأحد الأطباء لكن دون اجابة، غير أن أحد الممرضين قدم بعد نصف ساعة".

 

"فقدنا الولد ..وأسعفنا الأم"

لأم الطفل كنان حكاية اخرى رافقت تفاصيلها حادثة وفاة طفلها،غير أن الأب يوسف كان يصارع الوقت لإنقاذ ابنه وهو في حالة يصفها بـ"الهستريا".

 

قال والد الطفل: " زوجتي حامل وبالشهر التاسع أي في أيامها الاخيرة ولديها ظروف صحية خاصة لاسميا وأنها تتصعب من حملها، ومما زاد الأمر سوءاً تأثرها لوفاة ابنها حيث شعرت بالإغماء حينها ورفض المسعف نقلها إلى مستشفى رفيديا في نابلس وبوجود الشرطة والضباط وشهود العيان".

 

وجاء رد المسعف: "لا لا لا ليس لدي أي صلاحيات بنقلها إلى مستشفى رفيديا وسأنقلها إلى مستشفى سلفيت الحكومي ". وألح بالرفض رغم محاولة العائلة توضيح الحالة الصحية الصعبة للأم ولكن دون فائدة حسب ما ذكر الوالد يوسف أبو زر لـ"الحدث".

 

واستكمل حديثه : " انزلت زوجتي من سيارة الاسعاف بعد ان رفض المسعف بنقلها، ونقلتها إلى مستشفى رفيديا عبر سيارتي الخاصة وأمام أعين الشرطة والمتوجدين هناك".

 

في ذات السياق، قال شاهد العيان نضال صرصور: " المسعف وضع زوجة الوالد وهي مغمى عليها داخل الاسعاف وقد رفض نقلها إلى مستشفى رفيديا رغم الحاح الزوج، وقال لهم (نزلوا مرتي). ورغم الظروف النفسية القاسية التي يشعر بها الوالد نقل زوجته وعبر سيارته الخاصة دون تدخل إحد إلى نابلس بعد أن قطع الساعة الثانية صباحاً مسافة 40 كيلو متراً لكي يسعف زوجته رغم وجعه".

 

قال الوالد غاضباً :" في منطقتنا سبع قرى تقع غرب محافظة سلفيت ( الزاوية، دير بلوط، رافات، مسحة، بديا، سرطة، قراوة بني حسان، وفيها قرابة 60 ألف نسمة . ألا يحق لهؤلاء أن يتوفر لهم سيارة اسعاف؟ ألا يحق لهم توفير مركز خدمات طبي حكومي يعمل على مدار 24 ساعة أو حتى مستشفى؟

 

قد لا تنتهي تفاصيل الحكاية هنا، وقد لا يكتفي والد المتوفى كنان بتكرار ذات الأسئلة. فهل يحصل على اجابات لها؟ وهل سيحاسب من أهمل العلاج؟ وكيف سيتم التعامل مع هذه القضية؟