الحدث- ريم أبو لبن
"لن نقف أمام التسمية بتعديل أو إلغاء قرار بقانون الجرائم الإلكترونية، وما نريده هو قرار بقانون ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وننتظر استجابة الحكومة لملاحظاتنا كمؤسسات مجتمع مدني". هذا ما أكده رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق د. عصام عابدين خلال ورشة عقدت بمدينة رام الله وعنوانها" قرار بقانون الجرائم الإلكترونية .. إلى أين".
انعقاد الورشة التي ضمت عدداً من مؤسسات المجتمع المدني والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية بجانب وزارة العدل، جاء بعد انقضاء المدة المحددة بـ ستين يوماً والتي انتهت بتاريخ 16/10/2017، وهذه المدة التي أمهلها المقرر الخاص في الأمم المتحدة للحكومة الفلسطينية من أجل الرد على الملاحظات التي قدمها بشأن قرار بقانون الجرائم الإلكترونية وانتهاكات حرية الرأي والتعبير.
وجاء ذلك في ظل إعلان مؤسسات المجتمع المدني الأعضاء في اللجنة المشتكرة مراجعة القرار مع الجهات الرسمية عن إنهاء عضويتها في اللجنة وفشل الحوار والمطالبة بإلغاء القرار بقانون.
وخلال الورشة أكد الحضور على ضرورة إلغاء قرار بقانون الجرائم الإلكترونية لاعتباره يمس بحرية الرأي والتعبير لدى المجتمع الفلسطيني، وبنوده لا تتوافق فعلياً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وهذا ما أكدته نائبة مدير منظمة العفو الدولية في الشرق الأوسط مجدلينا مغربي.
وبالحديث عن اللقاء الذي عقد البارحة ما بين مؤسسات المجتمع المدني والفريق الحكومي من أجل إجراء بعد التعديلات على نصوص قرار بقانون الجرائم الإلكترونية. أكد عابدين لـ"الحدث" قوله: "لقد تقدم لنا الفريق الحكومي بمسودة قرار معدل لقرار قانون الجرائم الإلكترونية، وهناك بعض الملاحظات التي وضعها المجتمع المدني وأخذت بعين الاعتبار، ومنها إلغاء بعض المواد التي تجرم بمصطلحات (فضفاضة)، وإلغاء مادة رقم 20 (سيئة السيط)، والتي تم على إثرها اعتقال العديد من الصحفيين".
واستكمل حديثه : "بجانب ذلك، تم إلغاء المادة التي تجرم من يمتنع في الإبلاغ عن وقوع جريمة الكترونية، وقد تم تخفيف العقوبات الواردة في القرار أيضاَ".
إذا فقد تم الأخذ بالملاحظات العقابية وقد تم حسمها مع الجانب الحكومي، وقد تركت الملاحظات التي تتسم بـ الخطورة بحسب تعبير عابدين، وهي تتمثل بالجوانب الإجرائية، والتي تعطي صلاحيات واسعة للأجهزة الأمنية بضبط الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، لاسيما وأن من وضع القرار بقانون هي النيابة العامة ذاتها.
في ذات السياق، قال عابدين :" لقد تم أيضاً مناقشة النصوص التي تمنح الصلاحيات الواسعة فيما يتعلق بحجب المواقع الإلكترونية، وإغلاق المؤسسات الاعلامية، والتفتيش ومراقبة الهواتف وأجهزة الحاسوب ويتم ذلك دون الاستناد إلى معايير دولية ودون محاكمة عادلة".
قال المستشار القانوني لمؤسسة الحق أشرف أبو الحية لـ"الحدث" القانون اذا لم يتم تعديله فإنه سيطال قرابة 90% من مواده، وعليه فإنه وفق الصياغة التشريعة من الأفضل إلغاء القانون، وبالمقابل إقرار قانون جديد يتضمن كافة الملاحظات والتعديلات التي جاءت بها مؤسسات المجتمع المدني بما يتناسب مع المعايير الدولية وحقوق الإنسان".
وأضاف: "يفضل أن يتم وضع قانون جديد يوضح كيفية التعامل مع أنواع الجرائم الإلكترونية المختلفة وأن يبتعد عن الحد من حرية الرأي والتعبير وكما هو حاصل حالياً".
وبالحديث عن الإشكاليات التي طالت قرار بقانون الجرائم الإلكترونية قال أو الحية: "القرار لم يتم وضعه بالتشاور مع مؤسسات المجتمع المدني وإنما تم وضعه في غرف مغلقة، وقد أصبح ساري منذ اليوم الأول من نشره في الجريدة الرسمية، وهو بذلك لم يعطي الأفراد مساحة كافية للتعرف عليه وعلى العقوبات التي والجرائم التي سيحاسب عليها الفرد في حال اقترافها، فهناك الأشغال الشاقة والمؤبد، بجانب دفع غرامات مالية مرتفعة".
"إذا عقوبة التعبير عن الرأي تعادل عقوبة القاتل في مجتمعنا ...أيعقل هذا ...مؤبد!". هكذا علق عضو الامانة العامة لنقابة الصحفيين عمر نزال على العقوبة المنصوصة عليها في القرار لمن يرتكب جريمة إلكترونية.
وأضاف: "الأخطر ما في القانون أنه يعزز الرقابة الذاتية لدى الصحفيين ويخلق رقيب قامع بداخل كل صحفي، وهم متخوفون بأن تكون مادة 20 من القرار بقانون هي سوف مسلط على رقابهم، ونتحدث عن تسجدي على ارض الواقع اعتقل 7 صحفيين خلال الاشهر القادمة ووجهت الهم اتهامات من خلال القانون وهو بذلك يضيق على العمل الصحفي".
الإشكاليات والملاحظات التي جاءت بها مؤسسات المجتمع المدني مجتمعة، كانت قد تطرقت إلى الضمانات الدستورية في مجال الحقوق والحريات العامة ومنها حرية الرأي والتعبير والحق في الخصوصية وحجب المواقع الإلكترونية. غير أن القرار بقانون قد حمل في طياته مسألة التجريم والعقاب بعقوبات عالية جداً في أطار ما يسمى الجرائم الإلكترونية.
غير أن القانونيين قد ركزوا بشكل واضح على مسألة تضمين سطور القانون بمصطلحات قد وصفت بـ"الفضفاضة"، وقد يصعب وضع معايير دقيقة لقضاي تتعلق بـ (القومي والاداب العامة )، وتحديد هذه المعايير سيترك بيد المحكمة لاحقاً.
وعن التصورات المستقبلية للتعامل مع القرار بقانون الجرائم الإلكترونية، قال عابدين لـ"الحدث": " الآن تجري المشاورات على التعديلات، والعبرة تكمن في النتائج وهل سيتم الأخذ بكافة التعديلات أم أجزاء منها؟ غير أن مؤسسات المجتمع المدني ستستمر بالضغط على الحكومة من أجل ايجاد قانون يتوائم مع مطالبنا".
وأضاف: "عليه فقد حصلنا على تعهد من قبل الحكومة الفلسطينية وخلال الأسبوع القادم بأنه سيتم تقديم مسودة تعديل جديدة تأخذ كل ملاحظات المجتمع المدني، وسيتم الاعلان عن قرار بقانون جديد وهذا ما نريده، ولكن في حال أغلقت كل الأبواب، سنتوجه مرة أخرى إلى المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير".
وكانت وزارة العدل قد استجابت لعدد من الملاحظات لتعديل القانون، مؤكدة على ضرورة استكمال جلسات الحوار للوصول إلى قانون يضمن حماية الحقوق والحريات الأساسية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويوفر ضمانات وإجراءات قانونية ضابطة من خلال القضاء والنيابة العامة.
بدورها تسعى وزارة العدل لعقد لقاءات الأسبوع المقبل مع جميع الأطراف ذات العلاقة بهدف تحقيق الشراكة المجتمعية نحو تأطير المفاهيم والحقوق في هذا القانون، واستحداث أفضل صيغة من التوازن بين ضمان الحريات من جهة بما فيها حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام، ومن الجهة الأخرى تحديد الجرائم الواقعة على الأشخاص والأموال في الفضاء الالكتروني الواسع ومواجهة الجريمة والجريمة المنظمة وجرائم الاعتداء على خصوصية المعلومات والبيانات الالكترونية.