الثلاثاء  08 تموز 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تحليل "الحدث"| من شوارع "بني براك" إلى أنفاق خانيونس معادلة الخوف والنار

2017-11-01 11:38:48 AM
تحليل
مسيرة ضد التجنيد في إسرائيل

 

الحدث- محمد بدر

 

في كل عملية عسكرية إسرائيلية مفاجئة أو قرار سياسي، ننبري في تفسير القرار على أساس المتغيرات الفلسطينية كوحدة التحليل التي تستند عليها استراتيجيات العمل الإسرائيلي، في الحقيقة أن البيئة الداخلية في أي دولة هي من أكبر المحددات لطبيعة وشكل سياسة الدولة خاصة الخارجية منها، وفي أحيان كثيرة تفسر  العمل العسكري أيضا، وعلى قاعدة "كرة النار" تسعى إسرائيل أن تبقي  النار على حدود المجتمع الإسرائيلي.

 

قبل أيام من تفجير النفق في غزة، كانت المواقع الإسرائيلية ووسائل الإعلام مشغولة في التظاهرات التي شارك ودعا إليها المتدنيون اليهود احتجاجاً على اعتقال الشرطة العسكرية اثنين من المتدنيين بتهمة التسرب من الخدمة.

 

بشكل رئيسي فإن وسائل الإعلام في الغالب هي التي تحدد جدليات الرأي العام والمجال العام في أي مجتمع وتحدد أولويات قضاياه، أولويات الإعلام في إسرائيل في فترة ما قبل نفق غزة كانت التركيز على جدلية التجنيد في الجيش، المتدنيون يرفضون والعلمانيون يحتجون، بعض الأوساط االمتدينة تختلف مع الجمهور المتدين باعتبار القبول بالتجنيد هو اختراق ضمني لهذه المؤسسة، فكرة الإختراق تشير بشكل غير مباشر إلى تباين وجهات النظر هوياتيا حول هذه المؤسسة (الجيش)، التي من المفروض أن تكون مؤسسة للدولة فبالتالي مؤسسة الجميع، وزيادة الجدل حول الجيش في إسرائيل يعني الجدل حول العمود الفقري الذي يضمن استمرار إسرائيل.

 

تعتمد سياسة النخبة الإسرائيلية على إبقاء أعداء دائمين في الوعي الجمعي في إسرائيل، حتى لو كان عدوا رمزيا وغير مباشر، هذه السياسة تنتهجها الدول التي تتشكل مجتمعاتها من فيسفائية إثنية أو عرقية أو دينية؛ روسيا كمثال، الشعور الدائم بالخوف هو خوف حكيم يصنع هوية شعور وهدف وأدوات ووسائل للمجتمعات والشعوب المفككة، هوية بنيوية كهذه تحاول التعويض عن هوية أيديولوجية أو قيمية وقاسم مشترك قيمي، من خلال هذا الإطار النظري البسيط نستطيع قراءة تكثيف الإعلام العربي مسحه لصراع إسرائيل مع الفلسطينيين والعربي والعالم، إلقاء حجر قرب غوش عتسيون يتصدر قائمة الأخبار الرئيسية في أكبر المواقع الإسرائيلية في ذروة أحداث داخلية كثيرة وكبيرة، رمزية العدو في الوعي الإسرائيلي تعني ضرورة تكثيف العمل لسد الفجوات بين مكونات المجتمع الإسرائيلي من خلال الخوف والنار.

 

تفجير النفق من قبل الجيش الإسرائيلي أنهى الجدل في وسائل الإعلام وفي المجال العام الإسرائيلي حول جدلية التجنيد في الجيش، لا نقول أنهاه تماماً وإنما أنهاه مرحلياً أو أجله، حاول الجيش ويحاول دائماً أن يظهر كجهاز فعال، فعالية تحقق له شرعية بنيوية تتجاوز جدل الآراء والتفسيرات والمعتقدات، عملية النفق هي جزء من سياق إسرائيلي لتوحيد المجتمع الإسرائيلي من خلال النار بإبقاء  النار على حدود مجتمع يضطر أن يتوحد وأن يؤجل خلافاته وانقسامته كشعب في مرحلة مواجهة شاملة، وإلا فإن كرة النار في إسرائيل لا أسرع من أن تشتعل ذاتيا.